الصين بلد رغم العدد المهول لسكانه إلا أنه يستطيع أن يحتوى أى وافد إليه ويقدم له ما يريده فى المجال الذى يريد العمل والاستثمار فيه. المصريون كثر هناك واستطاعوا العمل والنجاح والاندماج فى المجتمع الصينى دون أى معوقات وهناك نماذج تشير السطور التالية إلى بعض تفاصيل تجاربها كيف استقبلتهم الصين وكيف نجحوا هناك. السفير محمود علام سفير مصر بالصين سابقاً يقول: الصين تجربة تنموية كبيرة وقد سافرت إليها عام 2005 وأقمت فيها حتى 2009 وخلال هذه الفترة استكملت الصين ثلاثين عاماً من الانفتاح والإصلاح الذى بدأته فى أواخر السبعينيات وحققوا خلاله معدلات كبيرة. وتعد الصين أكبر دولة جاذبة للاستثمارات الأجنبية حول العالم، وهى الأكثر تنظيماً حيث يوجد مدن كاملة متخصصة فى صناعة واحدة فقط. وواصل قائلا إن الشعب الصينى مر بمعاناة كبيرة ولكنه يقدر العمل بشكل كبير ويلتزم بما قاله رئيسه فى العمل، كما أنهم لا يعيشون فى انفجار سكانى مثلنا والتزموا بقرار الدولة فى إنجاب طفل أو اثنين ، وهو شعب مدخر ليس مثلنا كمصريين، كما أن الشعب الصينى متواصل مع ثقافته القديمة، ولديهم وعى بتاريخ بلدهم، وفكرة الأمية هناك مرفوضة، فالتعليم إلزامى، والصينيون شعب دقيق ويملك قدرة كبيرة على الصبر حتى يتم إنجاز عمله، فكل من يذهب للصين ينبهر بكل ما هو قائم ومنظم، كشبكة الطرق والمواصلات والمعمار والشوارع المنتظمة، والمجتمع الصينى مختلف الأعراق والطبقات والتوجهات بعيدا عن التسيس أو التدين، لكن الجميع متساو ومنضبط أمام القواعد والقوانين المنظمة للحياة من حركة المرور لحركة الأفراد، للنظام المنضبط. كما أكد أن الصينيين ينظرون إلى مصر على أنها دولة تمتلك حضارة، وتحتل بداخلهم مكانة خاصة، ودائماً يذكرونها بأنها أول دولة تقيم علاقات دبلوماسية معهم، ومدركين حجم وثقل مصر فى المنطقة، ويسعون للتعاون مع مصر بشكل أكبر. ويحكى السفير علام عن تجارب بعض المصريين هناك قائلًا إن معظم المصريين المتواجدين هناك يعيشون فى الجنوب بمدينة جوانجو ويعملون فى التجارة، بل وصلت إنجازاتهم إلى الانتاج بدلاً من التجارة فقط، فمثلاً قام أحمد سعد وهو مصرى يعيش فى الصين بإقامة مصنع للملابس ويصدر لمنطقة الشرق الأوسط، وغيره العديد من الامثلة وبعضهم تزوج صينيات، وهناك من يقوم بالسفر لغرض التجارة والاستيراد ويعود مرة أخرى لمصر. ويعرض الدكتور محمد عبد الوهاب مدير مكتب الجامعة العربية فى بكين سابقاً، تجربته قائلاً: عملت مرتين فى الصين، الأولى من عام 1970 حتى 1976 كممثل للجامعة العربية فى هونج كونج ومنطقة جنوب شرق آسيا، حيث قدموا الكثير من المساعدات للشعب المصرى أثناء حرب اكتوبر، والأخرى عام 1996وحتى 2003 كسفير للجامعة العربية فى بكين، شاركت فى إنشاء العديد من المؤسسات التى تربط الجانين الصينى والمصرى، وشاهدت الزيادة المستمرة فى عدد المصريين والعرب الذين يعملون فى الصين، فالصين تحتل المرتبة الثانية فى حجم الشركاء التجاريين لمصر. ويؤكد عبد الوهاب أن كل مدينة مشهورة بصناعة واحدة فقط متخصصة فيها وتكون أرخص سلعة بالمدينة فتجد مدينة مشهورة بالحرير والأحجار الكريمة وأخري متخصصة فى التصنيع للولاعات فقط وأخرى للسجاد والفوانيس، وهذا يخدم المستورد المتخصص. ويوجد الكثير من المصريين المتواجدين هناك للدراسة والتعلم، ففى السنوات العشر الأخيرة شجعنا على التبادل الثقافى من خلال أعداد الطلاب المصريين لرسالات ماجستير ودكتوراه فى مختلف المجالات، كما يوجد 10 جامعات صينية تدرس اللغة العربية بها. أما عن تجارب الشباب المصرى الطموح الذى أخذ على عاتقه استكشاف الفرص التجارية فى السوق الصينية، قال محمد السلامونى صاحب إحدى شركات نظم الإنذار ضد الحريق: ذهبت إلى الصين لاستيراد أجهزة إنذار الحريق، وكان التعامل هناك صعبا بسبب أنهم لا يجيدون الإنجليزية ولذلك بعد عودتى تعلمت بعض الكلمات الصينية، وحصلت على توكيل من إحدى الشركات الكبرى والآن فى مرحلة تحضير لافتتاح مصنع هناك، فهم يشجعون التصنيع بدرجة كبيرة والعمال هناك يبدأون العمل من السابعة صباحا وحتى الحادية عشرة والنصف ثم وقت الغداء ويستكملون من الثانية عشرة والنصف ظهرًا وحتى الرابعة عصرا للعمل مرة أخرى، والذى يجعلنى ألجأ للصين أن كل السلع جودتها وأسعارها أفضل من أى دولة أخرى هناك مصانع إنتاج درجة أولى وثانية وثالثة وحتى السابعة ولذلك تجد عنصر الجودة والسعر يخضع لرغبة المستورد. ويستكمل قائلاً: ما لفت نظرى أن المنتجات الصينية التى تباع هناك أجود بكثير من نظائرها التى تصدر لخارجها، وعندما زرت شنغهاى وبكين وتيانجن لفت نظرى النظافة والنظام فبرغم كثرة عددهم إلا أنك لاتشعر بالزحام مطلقاً. ومن جانبه يقول شريف محمد سعد مهندس بإحدى شركات السيارات: سافرت للصين مرتين من أجل التدريب بشركة فورد فى مجال تصنيع بعض مكونات السيارات وتعلمت كيفية المراجعة على كل الموردين لشركات السيارات حيث إن الدورة تعطى للحاصل عليها القدرة على رفع كفاءة المورد ليصبح لائقا ليورد لأكبر شركات السيارات، وأهم ما يميز هذا الشعب أن ليس لديهم مانع من العمل كعمال وفنيين ولذلك تجدهم يعملون كالآلة، كما أنهم يحترمون وقت عملهم بشكل كبير. نستطيع فعل ذلك بسبب توافر المواد الخام لكل الصناعات الموجودة بجودة مختلفة.