«مصر تخوض حربا عالمية ضد الارهاب» هذا ما أكده الخبير الاستراتيجى اللواء حمدى بخيت فى حديثه ل «أكتوبر» مشددًا على قدرة الجيش المصرى فى القضاء على التنظيمات الإرهابية، وأن الروح المعنوية والقتالية للقوات المسلحة فى أعلى درجاتها، ومشيدًا بدور الدبلوماسية المصرية فى مواجهة الإرهاب العالمى، ومشيرًا إلى أن منطقة الشرق الأوسط تتعرض لعدة سيناريوهات من خلال استراتيجية أمريكية تهدف لنشر الفوضى وتقسيم المنطقة، مؤكدًا على أن 30 يونيو أفشلت هذا المخطط.. وفيما يلى نص الحوار. * بعد حادث الهجوم على لنش القوات البحرية بدمياط.. هل انتقل الإرهاب من البر إلى البحر؟ ** بالطبع هناك امتداد لمسرح العمليات ليشمل البحر، وبالتالى علينا أن نتحسب لكل المياه الإقليمية لتأمين الحدود المصرية شمالا وشرقًا، كما يجب أيضًا أن نتحسب لمحاولات إرهابية تدار جوًا، فيجب حماية مجالنا الجوى وحماية الطائرات خاصة طائرات النقل المدنية. * آثار توقيت الحادث بعد الاتفاق المصرى اليونانى القبرصى علامات استفهام.. ما رأيك؟ ** هذا الحادث ليس مرتبطًا بالاتفاق الثلاثى بين مصر واليونان وقبرص فقط، ولكنه مرتبط أيضًا بنجاح الضربات القوية التى تم توجيهها إلى التنظيمات الإرهابية فى الفترة الأخيرة فى سيناء، هذه الضربات أسفرت عن مقتل حوالى من 300 إلى 400 عنصر إرهابى فى الشهرين الماضيين فقط، بالإضافة إلى القبض على أكثر من 300 عنصر، وضرب العديد من القواعد وعشش الانطلاق والمخازن الخاصة بالذخائر والأسلحة والعبوات الناسفة مما أدى إلى وقوع خسائر عالية جدًا فى هذه التنظيمات، وبالتالى حاولت إثبات وجودها على الأرض من خلال عمل يؤثر على الروح المعنوية للقوات، وهز الثقة بين جيش مصر وشعبها، ومحاولة التخفيف على ما يتلقاه الإرهابيون من ضربات أمنية. * كيف تقيم الإجراءات الأمنية التى اتخذت بعد الحادث الإرهابى الغادر ضد جنودنا فى سيناء؟ ** الإجراءات الأمنية التى اتخذت منذ الحادث الأخير تعتبر إجراءات أكثر تطوراً وكثافة وتخصصية وأكثر اتساعًا وحرفية.. استراتيجية المواجهة باتت متغيرة.. المواجهة يجب أن تكون حاسمة على كافة المحاور.. سواء من حيث الأسلوب أو الإجراءات القانونية التى تصحب المواجهة مثل نقل المحاكمات إلى القضاء العسكرى. وقت الحساب * لوحظ أن هناك عناصر أجنبية اشتركت فى الهجوم ضد قواتنا.. ما هو دور حركة حماس فى هذه العملية الإجرامية؟ ** دور حماس يأتى على عدة محاور.. المحور الأول «المعلومات» وهو محور استخباراتى يتمثل فى جمع المعلومات عن الهدف بواسطة عملائهم وعناصرهم المنتشرة أصلًا منذ ثورة يناير.. المحور الثانى هو الدعم اللوجيستى والأنفاق التى وفروها لهذه العناصر لكى تعبر من قطاع غزة إلى سيناء، وهو ما ثبت بالفعل، بالإضافة إلى تدريب هذه العناصر على هذه العملية النوعية.. المحور الثالث هو تجهيز العناصر المشاركة فى العملية بأسلحة ومعدات متطورة مثل الرشاش 30 ميللى والهاون وتجهيزاته الجديدة، وتم ضبط اثنين منها خلال المداهمات فى الفترة الماضية.. دور حماس واضح ولا يخفى على أحد سواء بالعمل على الأرض أو بمن تم إلقاء القبض عليهم أو قتلهم.. وهناك عنصران قتلوا وتم القبض على أكثر من 8 إرهابيين من حماس. * هل سيكون هناك خطوات تصعيدية من مصر تجاه حماس رداً على ذلك؟ ** التصعيد ضد حماس قائم.. تورط حماس ثابت بأكثر من أسلوب .. القيادة السياسية تعلم هذا وتتعامل معه على أن هذا الاتجاه يجب أن يغلق نهائيًا.. وبالتالى جاءت الإجراءات التى تتم على الحدود فى ال 13.50 كيلو متر الملاصقة للحدود المصرية مع غزة.. فقط نحن نراعى أن ما نتخذه من إجراءات ضد حماس يجب ألا يضر بالسكان الفلسطينيين فى قطاع غزة.. سكان القطاع ليسوا حمساويين فقط.. هناك الشعب الفلسطينى وهناك تنظيمات أخرى مقهورة وتعيش تحت ذل وضغط حماس.. ونحن نراعى هذا البعد فى التعامل مع هذه القضية. * ما الرسالة التى توجهها لحماس؟ ** أقول لحماس يجب أن تعلموا أنكم فاقدو الاتجاه والبوصلة.. كما قلت منذ زمن طويل أنتم عملاء ومخترقون استخباراتيا من إسرائيل وأمريكا وتركيا وقطر وكل من يدفع لكم.. الإدارة المصرية والشعب المصرى لن يسامحونكم على كل الجرائم التى ارتكبتموها خلال الفترة الماضية.. الحساب قادم قادم.. لدينا أولويات أولها تصفية الإرهاب، ثم التعامل مع كل من قدم دعماً لهذا الإرهاب. * لماذا استغرقت عملية هدم الأنفاق كل هذه الفترة؟ ** اشتغلنا فى هدم الأنفاق منذ مدة طويلة.. فقط كانت أيدينا مكبلة ومغلولة بالبعد الإنسانى.. دائمًا لا تستطيع توجيه الضربات لأنه يمكن أن يذهب ضحيتها مدنيون أبرياء لا ذنب لهم.. هذه الأنفاق يتم حفرها داخل المنازل ووصل الأمر إلى أنها أصبحت تحت منابر المساجد.. هذا ينم عن خطورة فى بعدين: الأول التعامل مع الأنفاق.. والثانى التعامل مع المواطن السيناوى.. وإذا كان هناك من آوى هذه الأنفاق فإن هناك شيوخًا كبار فى سيناء قاوموها وقتلوا فى سبيل أنهم قالوا كلمة حق فى مواجهة هذه الأنفاق.. مصر استطاعت تدمير أكثر من 1850 نفقا.. المشكلة أن هذه الانفاق يتم إحياؤها من وقت لآخر.. يهدم النفق من ناحية الحدود المصرية.. بعد فترة يتم تنشيطه من ناحية قطاع غزة فى اتجاه آخر.. لذلك كان إخلاء المنطقة الحل الأمثل ليتم القضاء على الأنفاق بها ثم تسويتها بالأرض لكى يتم التعرف على كل ما هو غريب أو يتحرك حركة مشبوهة فى المنطقة. * كيف تقيّم موافقة الأهالى فى سيناء على إخلاء منازلهم لأجل مصلحة مصر؟ ** أتذكر أنه فى يوم العملية الغادرة كنت على شاشة إحدى الفضائيات وتداخل معنا اثنان من الشيوخ وأكدا أنهما يعبران عن قاعدة عريضة من المواطنين فى سيناء، وأبديا كل الاستعداد لهذا الإخلاء الجزئى أو المرحلى، وأؤكد على كلمة «إخلاء جزئى» وليس كما استخدم البعض لفظ «تهجير».. هذا إخلاء جزئى لمنطقة قريبة جداً فى نفس المحافظة بل وفى نفس النطاق.. وكثير من السكان أبدوا تعاونهم وحصلوا على تعويضات وصلت بالنسبة لبعض الأشخاص إلى مليون جنيه.. وبلغ إجمالى التعويضات حتى الآن 120 مليون جنيه، وبالتالى الدولة لم تقصر.. وترحيب أهل سيناء بهذا الإخلاء الجزئى ليس غريبا عنهم.. على مر التاريخ قدموا الكثير من التضحيات.. تعاونوا مع جهاز المخابرات المصرية أثناء حرب الاستنزاف وفى حرب 73.. الدليل الذى دخل معى سيناء أثناء الحرب كان من أهل سيناء. لا القاعدة.. ولا داعش * هل للقاعدة أو داعش وجود فى سيناء؟ ** لا، ليس لهم وجود لا القاعدة ولا داعش.. هذه العناصر لا تنتشر إلا فى الدول التى لا تتوافر فيها 5 عناصر.. وفاق وطنى ..وإرادة وطنية.. وجيش وطنى.. وحكومة وطنية.. ووعى وطنى.. هذه العناصر الخمسة متوافرة بقوة فى مصر.. وعى المصريين يرفض داعش والقاعدة، وبالتالى ليس هذا مناخهم.. فقط يمكن لتنظيم مثل أنصار بيت المقدس أن يعلن ولاءه لداعش أو القاعدة، لكن ليس لهذه التنظيمات وجود داخل مصر. * ما هو هدف الإرهاب الحالى؟ ** نواجه الإرهاب فى أعلى درجاته.. لأن المطلوب هو إسقاط مصر.. تقويض الدولة.. وهذا لم يحدث.. مصر اليوم اقتصادها يتحرك للأمام بشهادات دولية.. الجيش يقوم بعمل مناورة من أكبر المناورات فى الوقت الذى كانت قواته تواجه الإرهاب فى الداخل.. وفى نفس الوقت يؤدى خدماته تجاه المجتمع المدنى.. المطلوب تقويض كل ذلك.. لذلك بدأوا يقولون حاربوا معنا داعش.. فتحوا لنا إرهابًا على الجبهة الغربية على الحدود الليبية.. ومن الجنوب.. يريدون عمل «شد أطراف» للجيش المصرى فى كافة الاتجاهات.. فشلوا حتى الآن.. الروح المعنوية والقتالية للجيش مرتفعة لأعلى درجاتها.. راجع اللقاءات التى تمت بين قيادات القوات المسلحة والجنود والضباط فى سيناء فى قلب منطقة العمليات.. الكل يتحدث بروح قتالية مرتفعة جداً، أسر الشهداء أبدوا استعدادهم لتضحيات أكبر.. هذا هو الجيش المصرى الوطنى الذى يتكون من كل أبناء شعب مصر .. يمثل كل بيت وكل أسرة.. جيش الشعب.. تستطيع أن تقول قوات الشعب المسلحة.. هناك تلاحم غير عادى بين الشعب والجيش والرئيس وهو ما نريد تقويته أكثر وأكثر. سيناريوهات التقسيم * كيف تقيم الأوضاع فى الشرق الأوسط؟ ** المنطقة كلها تتعرض لعدة سيناريوهات من خلال استراتيجية ثابتة تقوم على تحويل المنطقة إلى فوضى، وتقسيم خريطة الدول بل تجزئتها من الداخل.. وتم استخدام عدة مخططات لتنفيذ هذه الاستراتيجية أولها ما يعرف بثورات الربيع العربى وفشلت ولم تؤد إلى تقسيم الدول بل أدت إلى نوع من الفوضى، وعندما فشل هذا السيناريو لجأوا إلى السيناريو الثانى وهو تسليم المنطقة إلى فصيل متطرف تسيطر عليه أمريكا وحلفاؤها لكى يقود المنطقة إلى التقسيم طبقاً لرؤيتها.. وكان هذا واضحا جداً فى الإخوان المسلمين، حيث كانت مهمتهم تقسيم مصر، والبداية كانت من سيناء بإعادة تمركز العناصر الإرهابية من كل حدب وصوب من أفغانستان وباكستان ودخلوا من المنافذ الشرعية بتصريح رئاسى، كذلك الإرهابيين والقتلة المحكوم عليهم بالإعدام الذين أفرج عنهم الرئيس المعزول محمد مرسى، كل هؤلاء أعيد تمركزهم فى سيناء. * هل تقول إن الإرهابيين دخلوا سيناء بتصريح مرسى؟ ** نعم بتصريح رئاسى من محمد مرسى.. هؤلاء كانوا الأداة التى ينظر إليها لهرتلة سيناء وإشاعة الفوضى بها تمهيداً لاستفتاء أهلها على الانفصال كما حدث فى جنوب السودان، وبذلك تحل القضية الفلسطينية مع إسرائيل، وأيضًا حلايب وشلاتين كان مخطط لها أن تنفصل، والبشير أعلن أمام مرسى أن حلايب وشلاتين سودانية، ومرسى لم يحرك ساكناً.. النوايا كانت موجودة لدى هذا التنظيم الخائن لوضع مادة فى الدستور تنص على أن لرئيس الجمهورية الحق فى تغيير الحدود بموافقة ثلثى أعضاء مجلس الشعب الذى كان مجلس الأهل والعشيرة وقتها، هذا السيناريو فشل فى 30/6 التى قضت على نظام الإخوان الذى إن سقط فى مصر فسوف يسقط فى أى مكان آخر.. فكان السيناريو الثالث وهو التنظيمات الإرهابية أو مقاولى الإرهاب الذى يتم اختراقهم استخباراتيا وتمويلهم ليعيثوا فى المنطقة قتلاً وإرهاباً لكى تعم الفوضى والاقتتال الداخلى.. هذا السيناريو الأخير هو ما نعيشه حالياً.. ورغم أن أمريكا تدعى أنها تقاتل داعش إلا أنها هى التى صنعت داعش.. ووفرت لها كل أسباب الثراء ولم نسمع من قبل عن تنظيم يمتلك 2 مليار دولار من صادرات البترول فى كركوك والموصل.. وعندما وجدت أمريكا أن قدرات داعش اصبحت أكبر من أن تنصاع لما تمليه عليها بدأت فى القتال ضدها.. وفى نفس الوقت تعد تنظيما جديدا اسمه «خرسان» ليحل مكان داعش.. والتنظيم الجديد قادم من أفغانستان وباكستان وكازاخستان.. العملية كلها عبارة عن عباءة كبيرة اسمها الإخوان المسلمين خرج منها كل هذه التنظيمات. * كيف ترى السياسة الأمريكية تجاه مصر حالياً؟ ** هى متناقضة، وكان من غباء واشنطن أن خسرت الرأى العام المصرى، وتحركت ضد إرادة شعب، ومن يتحرك ضد إرادة الشعوب فاشل وخاسر هذا خطأ أمريكا وغلطة أوباما أنه دعم التنظيم الإخوانى الإرهابى، وكان تصرفًا غريبًا طلب من أمريكا مشاركة مصر فى مواجهة داعش فى وقت كان ترفض تسليم مصر لطائرات الأباتشى. * ولكن أمريكا افرجت عن الطائرات؟ ** هذا نتيجة أن مصر استطاعت فى البعد السياسى وفى القتال ضد الإرهاب أن تنجح كدولة.. أمريكا لا تعزز الفشل.. تبحث عن النجاح، تحاول الاقتراب من مصر مرة أخرى لأنها خرجت من الفلك الأمريكى.. تحاول إيجاد طبيعة أو مناخ لعلاقات جديدة مع مصر.. لكن إذا أرادت أمريكا العودة فعليها أن تتعامل مع مصر التى تمتلك حرية القرار السيادى الذى يجب أن يسود ويحكم هذه العلاقة. * هل مازالت أمريكا تأمل فى عودة الإخوان للحكم؟ ** لا، انتهى هذا الكلام.. أمريكا تتجه لمصر.. مؤخرًا كانت زيارة وزير المالية الذى خصص 200 مليون دولار للتعامل مع الإرهاب، وأكد على عودة الطائرات.. هناك تغيير جذرى.. لكن علينا أن نكون حذرين، أمريكا تلعب بالأدوات لكن استراتيجيتها ثابتة وهى إسقاط الدولة فى مصر أو تطويعها أو احتواؤها. البرلمان القادم * مع الانقسام الواضح للقوى المدنية.. هل تعتقد أن الفرصة سانحة للإخوان للتسلل للبرلمان القادم؟ ** لا، لأن الدرع الواقى هو الوعى الوطنى، وعى المواطن، لا يهمنى أن النخبة غير واعية.. أحزاب ورقية غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها الوطنية.. كيف أثق أنها تستطيع أن تمثل إرادة الناس فى البرلمان؟.. على الشعب أن يختار جيداً.. وأعلم أن الناس أصبحت واعية ولا يستطيع أحد أن يخدعها ولن تختار إلا من تثق به. * هل أنت متفائل بانتصار مصر فى الحرب على الإرهاب؟ ** متفائل جداً والأرقام كلها تقول إن القوات المسلحة قادرة على أن تصفى هذه العناصر.. وهى فى نفس الوقت تقوم بالتدريب على كافة المستويات حتى المستوى الاستراتيجى بالمناورة بدر.. وتقدم خدماتها لكل الشعب المصرى من طرق لحفر قناة السويس الجديدة لبناء المدارس والمستشفيات.. القوات المسلحة قادرة بكل ما تملك من أدوات أن تغير الكتلة الحيوية المصرية. * هل مصر تخوض حرباً عالمية ضد الارهاب؟ ** بدون شك.. القضاء على الإرهاب لا يأتى بالمواجهة فى الميادين فقط، ولكن أيضاً على خلفية الحركة الدبلوماسية فى الخارج بدليل تحركات وزير الخارجية مؤخراً سواء إلى أمريكا أو بريطانيا أو غيرها من الدول، وواجه هؤلاء بأنهم يرتكبون جرائم بإيواء هذه العناصر كلام واضح ولغة جديدة للدبلوماسية المصرية تأكيد على أن مصر تواجه الإرهاب على كافة المحاور.. تواجه قوى إقليمية تعمل استخباراتيا ضد مصر مثل قطر وتركيا وإيران وإسرائيل.. وتواجه قوى عالمية مثل أمريكا وأوروبا.