يبدو أن حدة اللسان التى اشتهر بها المستشار الألمانى الأسبق «هيلموت كول» لم تتخل عنه فى مذكراته التى نشرت أخيرا تحت عنوان «إرث.. أقوال كول»، والمبنية على 600 ساعة من الحوارات أجراها معه الصحفى «هربرت شوان» خلال عامى 2001 و2002، حيث هاجم فى كتابه العديد من السياسيين والزعماء بدءا من المستشارة أنجيلا ميركل، ومرورا برئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارجريت تاتشر، والأمير فيليب زوج ملكة بريطانيا، وانتهاء بآخر رئيس للاتحاد السوفيتى ميخائيل جورباتشوف. وعلى الرغم من محاولات المستشار الألمانى الأسبق التراجع عن نشر الكتاب، حيث طلب من محاميه رفع دعوة عاجلة فى المحكمة الألمانية فى محاولة لوقف طبع الكتاب، قبل طرحه فى الأسواق، وبالفعل قضت إحدى المحاكم فى أغسطس الماضى بإلزام «شوان» بإعادة هذه الأشرطة إلى «كول»، إلا أن الصحفى تمكن من تأجيل تسليمها، حتى نجح فى أخذ مقاطع كاملة من حواراته مع كول، ونجح فى نشر الكتاب الذى بيعت منه 100 ألف نسخة فور صدوره. وقد نشرت العديد من الصحف الألمانية والأوروبية مقتطفات من الكتاب الذى يكشف عن انتقادات شديدة للعديد من الزعماء والرؤساء، أبرزهم تلميذته السابقة فى حزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى المستشارة أنجيلا ميركل، التى قال عنها إنها لم تكن تجيد استخدام الشوكة والسكينة، وكانت تتصرف فى الولائم الرسمية على نحو قبيح، حتى إنه كان يضطر إلى توبيخها لكى تصحح السلوك، كما هاجمها أيضا قائلا إنه انتشلها من بحرالسياسيين المبتدئين، لكنها لم ترد الجميل. ولم تكن ميركل وحدها التى هاجمها كول، إذ انتقد أيضا وزير العمل السابق «نوربرت بلوم» ووصفه بالخائن، كما وصف «كريستيان فولف» الذى كان رئيسا لألمانيا فى عهد ميركل بأنه فاشل. ولم تقتصر انتقادات كول على السياسيين الألمان، إذ امتدت لتشمل العديد من الرؤساء والزعماء العالميين، حيث تحدث عن جورباتشوف واصفا إياه بأنه ترك أثرا منسيا، كما تناول فى مذكراته مارجريت تاتشر بشكل سلبى، قائلا إنها كانت تغفو فى اجتماعات مجموعة البلدان الصناعية السبعة، أما الأمير فيليب زوج الملكة إليزابيث فقد وصفه ب «المغفل» ، وأخيرا الأمير تشارلز الذى تحدث عن زواجه من ديانا واصفا إياه بالعتاهة. الكتاب الذى أحدث ضجة شديدة، أعاد كول إلى المشهد السياسى مرة أخرى، بعد اختفائه عن الأضواء لسنوات طويلة، وفى هذا السياق ذكرت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية أن كول فتح النار على الجميع بسبب ابتعاده عن الحياة السياسية، عقب فضيحة الحسابات السرية غير القانونية لحزبه عام 1999، حيث كشفت الصحافة عن انتهاكه للقوانين المنظمة لتمويل الأحزاب فى ألمانيا، بقبوله مبالغ فى شكل تبرعات سرية لصالح حملته الانتخابية، وذكرت الصحيفة أن قبوله بهذه التبرعات السرية تم على دفعتين، عندما كان رئيسا للحزب، وعندما أصبح مستشارا. كان هيلموت كول قد أمضى فى الحكم 16 عاما، بدءا من عام 1982 حتى 1998، وبعد خروجه ابتعد تماما عن الحياة السياسية، حتى جاءت قضية مذكراته لتعيد الأضواء إليه مرة أخرى.