قبل سفره إلى أمريكا لحضور اجتماعات الأممالمتحدة.. أدلى الرئيس عبد الفتاح السيسى بحديث لوكالة «الاسوشيتد برس» تحدث فيه عن المصالحة مع جماعة الإخوان وقال إنه من المقبول عودة جماعة الإخوان إلى الساحة السياسية بشرط نبذ العنف والالتزام بالسلمية. تصريحات الرئيس فى الواقع أثارت جدلًا واسعًا وطرحت تساؤلات كثيرة.. بعضها يندرج تحت بند الأسئلة الطيبة وبعضها تحت بند الأسئلة الشريرة! من بين نوعية الأسئلة الطيبة ما يتعلق بشروط المصالحة مع الإخوان.. ومن بين نوعية الأسئلة الشريرة ما يتعلق بالأسباب الحقيقية لهذه المبادرة فى هذا التوقيت.. وفى كل الأحوال تقودنا هذه التساؤلات.. الطيبة والشريرة إلى سؤال كبير ومهم: هل يمكن أن يتصالح الشعب مع الإخوان؟! قبل أن نتطرق إلى الإجابة عن هذا السؤال الكبير والمهم لابد أن نضع فى اعتبارنا أن المصريين أصدروا حكمًا على جماعة الإخوان المسلمين غير قابل للطعن أو الاستئناف.. يحملهم مسئولية كل ما تشهده مصر من أحداث عنف.. سواء قبل 30 يونيو أو بعده ومن ثم فإن دماء الشهداء والمصابين الذين سقطوا خلال هذه الأحداث سواء من رجال الشرطة أو الجيش أو المدنيين.. معلقة فى رقاب جماعة الإخوان من وجهة نظر الشعب المصرى. الغريب أن جماعة الإخوان نفسها تنفى كل ارتباط لها بالعنف وتؤكد أنها جماعة سلمية تعبر عن رأيها بطرق سلمية مع أن كل الوقائع والأحداث تقودنا إلى نتيجة واحدة: جماعة الإخوان جماعة إرهابية! كل الطرق تقودنا إلى روما كما يقول المثل.. فالذين يتابعون أحاديث وتصريحات قادة الجماعة من الهاربين إلى الخارج أو حتى من الباقين فى مصر سيجد فيها تحريضًا واضحًا على العنف والقتل.. فضلًا عن الشماتة الواضحة فى كلمات هؤلاء القادة عند الحديث عن الشهداء من رجال الشرطة والجيش. فى نفس الوقت فإن هناك أحكامًا قضائية صدرت فى حق المحبوسين من قادة الجماعة بتهمة التحريض على العنف والقتل وسفك الدماء. أضف إلى هذا كله أننا شاهدنا بأعيننا ممارسات الإخوان خلال تظاهراتهم.. شاهدنا بأعيننا بعضهم يحمل السلاح ويطلق منه الرصاص وبعضهم يحرق ويدمر.. شاهدنا بأعيننا ممارسات الطلبة الإخوان ومن قبلهم الطالبات. ثم إن وزارة الداخلية تحرص على إذاعة اعترافات الإخوان الذين يتم القبض عليهم.. وقد سمعنا منهم اعترافات صريحة وواضحة بتورطهم فى خلايا استهداف رجال الشرطة والجيش.. بالإضافة إلى ما يقوم به البعض من حرق وتدمير لمرافق الدولة كنوع من الانتقام من الشعب على موقفه من الإخوان.. مثل تدمير أبراج الكهرباء وعربات السكك الحديدية وغيرها. وتتبقى أعمال الإرهاب التى ترتكب فى سيناء وفى بعض المحافظات ومنها القاهرة.. على من تقع مسئوليتها؟! قبل أن يتمادى قادة الإخوان فى أكاذيبهم ويزعمون أنه لا علاقة للإخوان من قريب أو بعيد بأعمال التفجيرات والجرائم الإرهابية.. نسألهم: لماذا لم تشهد مصر مثل هذه الأحداث إلا بعد أن ثار الشعب على الإخوان؟! وحتى لو افترضنا أن الذين يقومون بممارسة الإرهاب وأعمال التفجيرات وغيرها ليسوا من الإخوان.. فمن أين أتوا ومن سمح لهم وسهّل لهم الدخول إلى سيناء؟! هل يمكن لأى منصف بعد ذلك كله أن ينكر أن الإخوان جماعة إرهابية؟! ونعود إلى السؤال الكبير والمهم: هل يمكن أن يتصالح الشعب مع الإخوان؟! عندما تحدث الرئيس عن عودة الإخوان إلى الساحة السياسية لم يكن خافيًا عليه موقف الشعب من الإخوان والجرائم التى ارتكبها الإخوان فى حق الشعب.. لم يكن خافيًا عليه دماء الشهداء من رجال الشرطة والجيش التى سفكها الإخوان ولا أعمال الحرق والتدمير والتخريب التى ارتكبوها.. ثم إن الرئيس السيسى يعلم جيدًا أن المصريين أطاحوا بالإخوان.. ليس فقط من فوق كراسى السلطة إنما أيضًا من ضمير ووجدان الشعب. فى هذا الإطار يمكن أن نقرأ ونفهم تصريحات الرئيس السيسى عن عودة الإخوان للحياة السياسية.. وفى هذا الإطار لا يمكن أن تخرج تصريحات الرئيس عن معنى محدد يشمل عدم التراجع عن حل حزب الحرية والعدالة باعتباره حزبًا قائمًا على أساس دينى.. وهذا معناه أنه إذا سمح للإخوان بالمشاركة فى الحياة السياسية فإن ذلك لا يتم بصفتهم إخوان أو بصفتهم جماعة دينية إنما بصفتهم مواطنين مصريين من حقهم الانضمام للأحزاب السياسية المختلفة التى لا علاقة لها بالدين من قريب أن بعيد. الحقيقة أيضًا أن تصريحات الرئيس التى تحدث فيها عن نبذ العنف والالتزام بالسلمية تعنى وتؤكد أن كل المتورطين فى أعمال العنف خاصة من قيادات الإخوان.. لن يكون لهم أى مكان فى خريطة السياسة المصرية.. ببساطة لأنهم متورطون فى جرائم.. إذا لم تقودهم إلى حبل المشنقة فإنها على الأقل ستبقيهم داخل السجون لسنوات طويلة. وفى هذا الإطار أيضًا نستطيع أن نقول إن هناك شروطًا لابد من توافرها للقبول بالإخوان شركاء فى الحياة السياسية.. وأول هذه الشروط بالطبع أن يعترف الإخوان بأن 30 يونيو يمثل إرادة شعب وأن حكاية الانقلاب هى مجرد كذبة اخترعها قادة الإخوان لمحاولة كسر إرادة الشعب التى جاءت على غير هواهم والتى أطاحت بهم من فوق كراسى السلطة. الحقيقة أيضًا أن الإخوان مطالبون بالاعتذار للشعب المصرى عما قدموه من أعمال عنف وعليهم أيضًا الاعتراف بشرعية النظام القائم باعتباره انعكاسًا حقيقيًا وواضحًا لإرادة المصريين.. وبالإضافة لذلك فإن الإخوان مطالبون بمراجعات فكرية تقودهم إلى التعهد بعدم العودة لانتهاج العنف مرة أخرى والتعهد أيضًا بعدم خلط الدين بالسياسة. بهذه الشروط وحدها يمكن قبول الإخوان الذين لا علاقة لهم بالعنف شركاء فى خريطة السياسة.. وشركاء فى الوطن.. وبغير هذه الشروط لن يقبل الشعب بالإخوان شركاء فى الحياة السياسية وشركاء فى الوطن! هناك سؤال جديد يطرح نفسه بقوة.. سؤال لا أعرف فى الحقيقة إن كان ينتمى لنوعية الأسئلة الطيبة أم الأسئلة الشريرة: هل يقبل الإخوان بهذه الشروط؟! الإجابة يملكها الإخوان وحدهم وإن كنا نعرف أن قبولهم بهذه الشروط يحتاج إلى عقل وحكمة وشجاعة. وأظن أن الإخوان يفتقدون لهذا العقل وهذه الحكمة وهذه الشجاعة!