القناعة هى الرضا بما قسم الله، ولو كان قليلا، وهى عدم التطلع إلى ما فى أيدى الآخرين، وهى علامة على صدق الإيمان. كان ? يرضى بما عنده، ولا يسأل أحدًا شيئًا، ولا يتطلع إلى ما عند غيره، فكان ? يعمل بالتجارة فى مال السيدة خديجة -رضى الله عنها- يربح كثيرًا من غير أن يطمع فى هذا المال، ولكن لا قناعة فى فعل الخيرفالمسلم يقنع بما قسم الله له فيما يتعلق بالدنيا، أما فى عمل الخير والأعمال الصالحة فإنه يحرص دائمًا على المزيد من الخيرات، مصداقًا لقوله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} [البقرة: 197]. والإنسان القانع يحبه الله ويحبه الناس، والقناعة تحقق للإنسان خيرًا عظيمًا فى الدنيا والآخرة، والقناعة كنز لا ينفد، وقال الرسول ?: (ليس الغِنَى عن كثرة العَرَض، ولكن الغنى غنى النفس)، فالمسلم عندما يشعر بالقناعة والرضا بما قسمه الله له يكون غنيا عن الناس، عزيزًا بينهم، لا يذل لأحد منهم.أما طمع المرء، ورغبته فى الزيادة يجعله ذليلاً إلى الناس، فاقدًا لعزته، والإنسان الطماع لا يشبع أبدًا، ويلح فى سؤال الناس، ولا يشعر ببركة فى الرزق، والقناعة طريق الجنة مصداقًا لقوله ?: (من يكفل لى ألا يسأل الناس شيئًا وأتكفل له بالجنة؟)، فقال ثوبان: أنا. فكان لا يسأل أحدًا شيئًا. والقناعة تجعل صاحبها حرًّا؛ فلا يتسلط عليه الآخرون، أما الطمع فيجعل صاحبه عبدًا للآخرين. وقد قال الإمام عليرضى الله عنه: الطمع رق مؤبد (عبودية دائمة)وقال أحد الحكماء: عز من قنع، وذل من طمع. وقيل: العبيد ثلاثة: عبد رِقّ، وعبد شهوة، وعبد طمع. والمسلم القانع يعيش فى راحة وأمن واطمئنان دائم، أما الطماع فإنه يعيش مهمومًا، ولا يستقر على حال. وفى الحديث القدسي: (يابن آدم تفرغْ لعبادتى أملأ صدرك غِنًى، وأَسُدَّ فقرك. وإن لم تفعل، ملأتُ صدرك شُغْلا، ولم أسُدَّ فقرك) وقال أحد الحكماء:- سرور الدنيا أن تقنع بما رُزِقْتَ، وغمها أن تغتم لما لم ترزق.