إشراف: بهاء زيتون شارك فى الملف: مهنى أنور - رمضان أبو إسماعيل منال سليم - شيماء مكاوى - مى هارون دعاء عبد العزيز - سارة الجمل - سيد عبد الرازق كاريكاتير: أحمد طنطاوى بمجرد الإعلان عن موعد بدء العام الدراسي، تدخل الاسر المصرية فى حالة طوارئ دائمة، أكثر ما يميزها هو الزيادة المطردة فى معدلات الانفاق، بسبب المصروفات والرسوم الدراسية والدروس الخصوصية، التى تستحوذ على الجانب الأكبر من الانفاق. وبحسب دراسة للدكتور أشرف العربي، وزير التخطيط، بعنوان «تقييم سياسات الإنفاق العام على التعليم فى مصر فى ضوء معايير الكفاية والعدالة والكفاءة» تم مناقشتها فى مؤتمر فى فبراير 2010. فمازال متوسط نصيب الطالب من الإنفاق على التعليم فى مصر، منخفضاً بصورة ملحوظة مقارنةً بالعديد من الدول العربية والنامية الأخرى، ففى مصر بلغت هذه الحصة فى مصر 902 دولار فى 2007/ 2008، فإنها كانت 3442 دولارا فى المغرب و4421 فى الأردن و4500 دولار فى لبنان و 4634 دولارا فى تونس. وذهبت الدراسة إلى وجود درجة عالية من عدم الكفاءة فى الإنفاق العام على التعليم، حيث إن النسبة العظمى من هذا الإنفاق توجه للإنفاق الجارى (93%) وليس الاستثماري، وأن الأجور وتعويضات العاملين تستحوذ على النصيب الأوفر من هذا الإنفاق، خاصة فى مرحلة التعليم قبل الجامعى (حوالى 88 %)، بالإضافة إلى جزء كبير من هذه الأجور يتم توجيهه للإداريين وغير الأكاديميين، التى تتكدّس بهم مؤسسات التعليم الحكومية، بما يترتب عليه ارتفاع معدلات الأمية والبطالة بين المتعلمين وانخفاض معدلات العائد على التعليم. ووفقا ل»دراسة البنك الدولى الصادرة فى 2005»، تتضاعف الآثار السلبية الناجمة عن تضاؤل حجم الانفاق الاستثمار فى قطاع التعليم مع سيادة شكل غير كفء من الانفاق، يترتب عليها زيادة قدرها 30% على الأقل فى تكلفة بناء المدارس، التى تقوم عليها هيئة الأبنية التعليمية فى مصر. وتتجلى هذه المفارقة بمطالعة الحساب الختامى للعام المالى 2013/ 2014 التى يكشف عن أن نسبة المنفذ من الاستثمارات فى قطاع التعليم لا تزيد على 60% من المستهدف، علاوة على أن زيادة مخصصات التعليم والصحة بنحو 22 مليارا فى الموازنة الحالية لم يترتب عليها زيادة ملحوظة فى الاستثمارات العامة فى مجال التعليم قبل الجامعى بل انخفضت من 45 مليار جنيه فى العام الماضى إلى 4 مليارات فقط هذا العام. هكذا، عانى ويعانى قطاع التعليم من مظاهر سلبية، فى رأى د. عبد الخالق فاروق، مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، منذ منتصف سبعينيات وحتى أوائل تسعينيات القرن العشرين، من مظاهر سلبية تمثلت فى ضعف البنية الأساسية للتعليم، وزيادة كثافة الطلاب بالفصول وبروز وانتشار الدروس الخصوصية. وعاد الاهتمام الحكومى بقطاع التعليم بالتزامن مع كارثة زلزال 1992، عندما اكتشفت الحكومة أن 50% من المدارس غير صالحة للاستخدام نحو 12 ألف مدرسة، وبالفعل تجلى الاهتمام الحكومى بهذا القطاع فى زيادات واضحة فى مخصصات التعليم فى الموازنة العامة من 2.8 مليار جنيه بداية التسعينيات إلى أكثر من 26 مليارا فى 2004/ 2005، بما ترتب عليه زيادة نسب الالتحاق والاستيعاب بالمراحل التعليمية المختلفة، وزيادة حركة صيانة وبناء المنشآت المدرسية، وانخفاض نسبة الأمية. وتزامن مع الزيادة المطردة فى الانفاق الحكومي، بحسب د. فاروق، زيادات مماثلة فى الانفاق العائلي، وفى العام 2004/ 2005 انفقت الحكومة على التعليم 26 مليار جنيه بلغ الانفاق العائلى نحو 36 مليار جنيه تصل إلى نحو 54 مليارا فى حال إضافة نفقات الملابس والانتقالات والتغذية ومصروف الجيب للتلاميذ والطلاب، بما يعنى أن الانفاق الإجمالى على التعليم فى هذا العام تراوح بين 63 و80 مليار جنيه (نحو 15% من حجم الناتج المحلى الإجمالى لنفس العام)، أى يقدر الانفاق بأرقام موازنة 2014/ 2015 نحو 250 مليار جنيه. وفقا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء، بلغ متوسط انفاق الأسرة على التعليم فى 2008 نحو 3706 جنيه (4.6% من إجمالى الانفاق)، وأن 42.1% من هذا الانفاق ذهب إلى الدروس الخصوصية، 38.8% إلى المصروفات و الرسوم الدراسية، وأن نصيب الطالب من الإنفاق الحكومى فى المرحلة الابتدائية نحو 282 جنيها، وفى الإعدادية 405 جنيهات، وفى المرحلة الثانوية 1489 جنيها، وفى الجامعة يتراوح بين 3500 و5000 جنيه. فيما بلغ حجم إنفاق الأسر المصرية على أبنائها بالمدارس الحكومية والقومية والتعليم الفنى والمعاهد المتوسطة والجامعات الحكومية، وفقا ل» د.عبد الخالق فاروق»، نحو 1.4 مليار جنيه، فيما بلغت تكاليف مجموعات التقوية بالمدارس الحكومية 164.6 مليون جنيه، ونفقات الاشتراك فى مجموعات التقوية بالجامعات الحكومية 128.7 مليون جنيه، وينفق على التعليم الخاص ما قبل الجامعى نحو 11 مليار جنيه بزيادة قدرها 10%. وتدور التكلفة التقديرية، وفقا ل»د. فاروق»، بين 3 سيناريوهات، الأول، 4.3 مليار جنيه، والثاني، 5.3 مليارات، والثالث، 15.6 مليار، ويضاف إلى هذه الدروس الخصوصية نحو 625 مليونا يتم انفاقها على الكتب الخارجية، وأخيرا، ينفق نحو 1.9 مليار على التعليم بالجامعات والمعاهد الخاصة. ويقترح د. عبد الخالق فاروق تصور لتمويل التعليم يتلافى مشكلات النظام الحالي، وينطلق هذا التصور من ضرورة توفير أجر مناسب للمعلمين، وبناء 1200 مدرسة قبل عام 2015، بما يتطلب توفير 6 مليارات جنيه كاعتمادات إضافية لمخصصات التعليم، ويمكن الحصول عليها من خلال المشاركة المجتمعية، وتوزيع بند المكافآت للمدرسين على العام كله لتحفيزهم على حسن الأداء.