قبل أيام قليلة كانت فرصة «ديلما روسيف» رئيسة البرازيل المنتهية ولايتها قوية للغاية فى الفوز بفترة رئاسية جديدة، لمدة أربع سنوات فى الانتخابات التى تجرى قبل أقل من شهرين، وتحديدا فى الخامس من أكتوبر القادم، فالمنافسون الرئيسيون لها وهما «إدوار كامبوس» مرشح الحزب الاشتراكى، و«آيسيو نيفيس» مرشح الحزب الاجتماعى الديمقراطى ليست لديهما الشعبية الكبيرة والحضور القوى لمنافسة روسيف فى الانتخابات، ولكن جاءت الوفاة المفاجئة لإدوارد كامبوس، الذى لقى مصرعه فى حادث تحطم طائرة مؤخرا، ليقلب الأمور رأسا على عقب، حيث لم يجد الحزب الاشتراكى أفضل من وزيرة البيئة السابقة «مارينا سيلفا» لتكون بديلا لكامبوس، خاصة أنها كانت مرشحة كنائب للرئيس مع كامبوس لتخوض سباق الانتخابات الرئاسية. وتعد سيلفا منافسة قوية لديلما روسيف، نظرا لتمتعها بحضور قوى وشعبية كبيرة، وقد كشفت نتائج استطلاع للرأى نشرته صحيفة « فولا دى ساو باولو» البرازيلية أن سيلفا قد تحقق المفاجأة، وتتمكن من الإطاحة بروسيف، حيث أظهر الاستطلاع أن سيلفا ستحصل على 21% من الأصوات فى الجولة الأولى، بينما يحصل نيفيس على 20%، وروسيف على 36%، لتجرى الجولة الثانية بين سيلفا وروسيف، وتفوز سيلفا بالجولة الثانية ب47% مقابل 43% لروسيف. ويرى كثير من المراقبين أن فرصة سيلفا كبيرة فى الفوز بالرئاسة، نظرا لتراجع شعبية روسيف، حيث شهدت الفترة الماضية تزايد الاحتجاجات ضد بعض سياسات روسيف، وضد استشراء الفساد داخل حكومتها، وبعيدا عن روسيف، فإن تاريخ سيلفا النضالى والسياسى من عوامل القوة التى تتمتع بها، فقد كانت حياتها مليئة بالصعاب منذ طفولتها، فعملت منذ سن الحادية عشرة فى جمع المطاط من الأشجار التى تنمو فى حوض الأمازون، ولكنها لم تستسلم للفقر والجهل، ففى سن السادسة عشرة تركت المنزل متوجهة لمدينة «ريو برانكو» للحصول على الرعاية الصحية والتعليم، وهناك التحقت ببرنامج لتعليم الكبار القراءة والكتابة، وواصلت مشوارها، حيث تخرجت من الجامعة فى سن السادسة والعشرين، وأصبحت بعدها معلمة، ثم ناشطة سياسية فى مجال البيئة، وكان ذلك بداية طريقها لعالم السياسة، حيث اختارها الرئيس البرازيلى السابق لولا دا سيلفا لشغل منصب وزيرة البيئة فى عام 2002، ونجحت فى تلك الفترة فى وضع خطط وطنية لمكافحة إزالة الغابات، وبعيدا عن المناصب الحكومية انضمت لحزب العمال فى 2009 ثم حزب الخضر، ثم المستقلين انتهاءً بالحزب الاشتراكى فى 2013. وذكر تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية نقلا عن محللين برازيليين أن قصة مارينا سيلفا تظل مصدر إلهام للبرازيليين فى بحثهم عن رئيس يحل محل شعبية دا سيلفا، بوصفها مثالا للمرأة المتواضعة التى تغلبت على الفقر والمرض، لتصبح قوة فى السياسة البرازيلية. ونقلت الوكالة عن المحلل السياسى البرازيلى «رافاييل كورتيز» قوله إن سيلفا تبدو قادرة على مواجهة حزب العمال لديلما روسيف والحزب الاجتماعى الديمقراطى لنيفيس اللذين يتقاسمان السلطة منذ عام 1994.