مساع حثيثة تبذلها مصر لوقف المذابح التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى جراء الاعتداء الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة بعد أن بلغ عدد الشهداء الفلسطينين أكثر من1400 شهيد حتى كتابة هذه السطور وإصابة 7680 آخرين ، حيث عقد قادة وممثلو الفصائل الفلسطينية بما فيها حماس اجتماعا فى القاهرة برعاية مصرية، لإقرار المبادرة المصرية المعدلة والتى تلبى مطالب المقاومة فى رفع الحصار بالكامل عن قطاع غزة وإعادة الإعمار وفتح الميناء والمطار. وقررت القيادة الفلسطينية بالتوافق مع حركتى «حماس» و«الجهاد» ، إيفاد وفد فلسطينى موحد برئاسة محمود عباس«أبو مازن» إلى القاهرة، للوصول إلى حل سياسى يضمن وقف إطلاق النار وتوافر ضمانات إنهاء الحصار على قطاع غزة وانسحاب القوات الإسرائيلية. وتشترط حماس رفع الحصار المفروض على القطاع منذ 8 أعوام، وتسهيل عمل حكومة الوفاق الوطنى، وفتح جميع المعابر، بما فيها معبر رفح المغلق، الذى يربط القطاع بالأراضى المصرية. وشهدت الساعات الأخيرة تحركات مصرية إذ قد تضاف إلى المبادرة ورقة تفاهمات،أو يجرى تعديلها، وتسير الأمور فى اتجاه إحداث تغييرات عليها تلبى جزءا من مطالب الفصائل مع وجود ضمانات لإلزام إسرائيل بتطبيقها. طوق النجاة وكانت المبادرة المصرية طوق نجاة للأزمة فى أيامها الأولى لو وافقت عليها حركة حماس والتى بحسب الخبراء والمحللين السياسيين سعت لعرقلتها وتطويل أمد الحرب لكسب المزيد من تعاطف العالم للمتاجرة بالقضية، فضلا عن توهمها بأنها قادرة على المزايدة على دور مصر التاريخى بإحراجها عن طريق الترويج كذبا بأن المبادرة كسر للإرادة العربية وتقويض للمقاومة ، فيما الحقيقة أن حماس الذراع العسكرى للإخوان بالمنطقة ينفذ أوامر التنظيم الدولى للجماعة ، كما أنها شريكة فى مثلث الشر مع قطر وتركيا الذى يتآمر على مصر منذ عزل الرئيس محمد مرسي. ولاقت المبادرة المصرية قبولا دوليا كبيرا إذ قال وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى إنه إذا جرت مفاوضات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية بشأن الأزمة فى غزة فستجرى فى القاهرة. وأضاف كيرى، إن هناك تواصلا مع مصر بشأن المفاوضات، مؤكدا ضرورة الوصول لطاولة المفاوضات ودعم المجتمع الدولى لهذا التوجه. ولفت كيرى إلى أن إسرائيل قبلت بالمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار فى غزة، مضيفا أنه ربما تجرى مفاوضات فى القاهرة فى وقت قريب.وفشلت الجهود التى قام بها وزير الخارجية الأمريكى الأسبوع الماضى قبل الماضى فى حل الأزمة أو الوصول لهدنة لوقف إطلاق النار. ووصفت الولاياتالمتحدة المبادرة المقترحة من مصر لوقف إطلاق النار فى غزة بأنها أفضل الخيارات المتاحة، لإنهاء الأزمة التى يشهدها القطاع، والتى أسفرت عن استشهاد مئات المدنيين الفلسطينيين، من بينهم عدد كبير من الأطفال. وأكدت مارى هارف، نائب المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن واشنطن تدعم المبادرة المصرية وتحث جميع الأطراف على القبول بها، وأضافت: «بمقارنة المبادرة المصرية مع باقى المبادرات المطروحة، فهى تعد الأفضل لجميع الأطراف، لذلك تحظى بدعم الولاياتالمتحدة”.وقالت هارف: إن حركة حماس ليست مقربة من الحكومة المصرية الحالية، لكن القيادة السياسية فى القاهرة لازالت لديها المقدرة على الحوار مع جميع الأطراف، بسبب عدد من الأمور الوثيقة التى تربطها بالصراع فى غزة، أبرزها موقع القطاع على الحدود المصرية واتفاقية كامب ديفيد. اجتماع مصغر وكان مجلس الوزراء الإسرائيلى المصغر اجتمع لبحث المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وذكرت القناة العاشرة بالتلفزيون الإسرائيلى أن المجلس سيجرى تقييما للموقف تمهيدا لاتخاذ القرارات بالنسبة للمراحل القادمة من العملية العسكرية الإسرائيلية فى قطاع غزة، ونقلت القناة عن مصادر عسكرية إسرائيلية، لم تسمها، أن المجلس الوزارى المصغر سيبحث كذلك المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعالون «يميلان إلى وقف إطلاق النار»، غير أن القناة، نقلا عن المصادر نفسها، عادت وقالت إن نتنياهو يخشى الذهاب إلى وقف إطلاق النار ثم تقوم حماس بالرفض «فيظهر بمظهر الضعف». من جهته قال وائل نصر، سفير مصر لدى دولة فلسطين: إن مصر ما زالت تحاول من خلال التشاور مع مختلف الأطراف الدولية والفاعلة التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار فى غزة، مؤكدا أن المبادرة المصرية تهدف لوقف شلال الدم وإنهاء الحصار ورفع المعاناة عن أهالى القطاع. وأضاف: أن مصر بادرت بالتحرك لوقف إطلاق النار وفق طلب الرئيس الفلسطينى، فقدمت مبادرة وافقت عليها جامعة الدول العربية لتكون هذه المبادرة عربية. وحول الإخلال بأى اتفاقات أو تفاهمات سيتم إبرامها لوقف إطلاق النار، أكد السفير أن ذلك أمر غير مقبول ويجب أن تكون هناك آلية لمراجعة التزام الأطراف بما يتم الاتفاق عليه لنزع أى فرصة بالإخلال من قبل أى طرف، مشيرًا إلى أن المطالب الفلسطينية لوقف إطلاق النار هى مطالب مشروعة وسبق الاتفاق على أغلبها، وأنها كانت ضمن التفاهمات السابقة فى العام 2012 ولكن لم ينفذ بعض بنودها من جانب إسرائيل. وكانت القاهرة أطلقت قبل أسبوعين، مبادرة تقضى بالوقف الفورى لإطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطيني، واشترطت المبادرة أن توقف إسرائيل استهداف المدنيين وجميع الأعمال العدائية على قطاع غزة برأ وبحراً وجواً.فيما اشترطت حركة حماس والجهاد الإسلامي، لقبول المبادرة المصرية، انسحاب الدبابات العسكرية الإسرائيلية عن الشريط الحدودى مع قطاع غزة، والإفراج عن كافة المعتقلين الذين اعتقلتهم إسرائيل، ورفع الحصار عن القطاع ، وفتح المعابر الحدودية التجارية ومعابر المواطنين وفتح ميناء ومطار دولى فى قطاع غزة، تحت إدارة ورقابة الأممالمتحدة وزيادة المساحة المسموح بها للصيد فى قطاع غزة، وتحويل معبر رفح لمعبر دولى تحت رقابة دولية، ومن بعض الدول العربية الصديقة، ووقف إطلاق النار والتزام الفصائل الفلسطينية بذلك، لمدة 10 سنوات على أساس وجود مراقبين دوليين على الحدود مع إسرائيل، وفى الوقت نفسه توقف تحليق الطائرات الإسرائيلية فى سماء قطاع غزة. ويرى حسام سويلم، الخبير العسكرى أن إسرائيل لن توافق على هذه الشروط، وخاصة فى ظل تمسك حماس بعدم التنازل عن ترسانة الأسلحة، فإسرائيل تسعى إلى استغلال الحرب فى تفكيك الترسانة تحت إشراف دولي، مشيرا إلى أن إسرائيل عرضت على حماس 50 مليار دولار مقابل التنازل عن الأسلحة، ولكن حماس رفضت. ازمات مفتعلة من جانبه، أكد اللواء سيد هاشم المدعى العسكرى السابق إن حركة حماس تريد القضاء على الجيش المصرى من خلال توريط القوات المسلحة فى المواجهة مع إسرائيل فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد. مضيفا: أن السبب فى الغارات على قطاع غزة، حركة حماس التى أطلقت صواريخ لقلب إسرائيل، لافتًا إلى أن دعوة إسماعيل هنية رئيس وزراء السلطة الفلسطينية فى حكومة غزة بضرورة تدخل الجيش المصرى لإنقاذ قطاع غزة «عملية انتحارية. وأوضح الخبير العسكرى أن مصر لن تتخلى عن تقديم يد العون إلى الفلسطينيين قائلا: إن يد العون ممدودة للفلسطينيين، ولا نريد الاقتتال فى هذا الوقت الحرج الذى يشهده العالم العربى الذى تحول إلى أشلاء». من جانبه أوضح اللواء نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق أن الجانب الإسرائيلى يفتعل الأزمات دائمًا، لمحاولة إجهاض حل القضية الفلسطينية عندما توشك على الانفراج. وأضاف اللواء نصر سالم أن أى رئيس وزراء إسرائيلى ملتزم تمامًا بضرورة إجهاض أى مصالحة فلسطينية وعدم إنهاء القضية الفلسطينية. وأشار رئيس جهاز الاستطلاع السابق إلى أن قطاع غزة ليس بمطمع لعدم وجود ثروات بها، بجانب وجود كثافة سكاتية عالية، أما الضفة الغربية بها المياه الجوفية والأرض الصالحة للزراعة. ولفت اللواء نصر سالم إلى أن رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية تعهد بحل القضية الفلسطينية، خلال فترة رئاسته. مشيرا إلى أن «عملية الجرف الصامد» تعنى قيام مانع قوى يمنع الوصول بين طرفين، وهما قطاع غزة والضفة الغربية، وذلك بعد تصالح حركة حماس مع السلطة الفلسطينية. وشدد على أن حركة حماس «مخترقة» من الموساد الإسرائيلي، وأن الجانب الإسرائيلى يحاول استنفاذ الصواريخ التى تمتلكها حركة حماس. جهود دبلوماسية وأكد اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجى أن قدرة مصر فى الوقت الحالى تقتصر على الجهود الدبلومسية لوقف الهجمات العدوانية على قطاع غزة، لافتا إلى أن إسرائيل تستخدم القتل الجماعى ضد الشعب الفلسطيني. ويرى اللواء مسلم أن مصر ستبذل كافة الجهود السياسية للضغط على المجتمع الدولى لوقف الغارات على الفلسطينيين، مشيرا إلى أن الفلسطينيين لن يقبلوا أرضا غير أرضهم ومستعدون لبذل أرواحهم دفاعا عن أرضهم. ولفت مسلم إلى أن الجميع يعمل على وقف المذابح الجماعية التى تستخدمها إسرائيل لقمع الفلسطينيين، موضحا أن الدول لا تستطيع وقف الهجوم على قطاع غزة إلا بالجهود الدبلوماسية والضغط على المنظمات الدولية لوقف العدوان على فلسطين. من جانبه قال اللواء حمدى بخيت مدير إدارة الأزمات بالقوات المسلحة سابقا: إن ما يحدث فى قطاع غزة الآن من عدوان إسرائيلى عليها يأتى بسبب يقين إسرائيل من أن حماس هى من قتلت الثلاثة مستوطنين الإسرائيلين مؤخرا. وأضاف بخيت أن مصر لها ثوابت تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى وتعمل على تحقيقها دائما، لافتا إلى أن الجيش المصرى لن يتدخل فيما يحدث داخل غزة.