احتفلت أسرة المخرج يوسف شاهين منذ أيام بالذكرى السادسة لوفاته، وبهذه المناسبة صدر عن سلسلة آفاق السينما التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة كتاب هو الأول من نوعه فى المكتبة المصرية والعربية، يحمل عنوان «موسيقى أفلام يوسف شاهين» من تأليف الناقدة الموسيقية وعازفة الفلوت الشهيرة الدكتورة رانيا يحيى. ويتحدث الكتاب حول أهمية الموسيقى داخل الفيلم السينمائى باعتبارها أحد العناصر المكونة وليست المكملة داخل العمل السينمائى . تقول المؤلفة في مقدمته، إنه على الرغم من أن السينما بدأت منذ عام 1895 وكانت بدايتها فى مصر فى مرحلة متقدمة جداً لنشأة هذا الفن العظيم إلا أن جميع المشتغلين بمجال السينما والموسيقى لم يتصدى أحد للحديث عن الجماليات المرتبطة بعلاقة الموسيقى والصورة رغم ارتباط الموسيقى بفن السينما منذ بزوغ هذا الفن فى مرحلة البدايات وانتشار الأفلام الصامتة. ويرجع ذلك لما للموسيقى من تأثير على الإنسان حيث تمنحه دفعة شعورية غير طبيعية لأنها سريعة النفاذ إلى الوجدان والعواطف ولها قوة تعبيرية تصل إلى أعماق النفس البشرية، واستمرت العلاقة بين هذين الفنيين، حيث تلعب الموسيقى دوراً مهمًا داخل إطار الصورة السينمائية. وتُعد موسيقى الأفلام عنصراً أساسياً من مقومات الفيلم السينمائي، ومن أهم عوامل نجاح الفيلم وباستطاعة المؤلف الموسيقي البارع أن يلعب دوراً مهماً في الصيغة النهائية المتكاملة للفيلم بإضافة الحيوية على السرد الروائي للقصة ووضع الموسيقى الملائمة لإيقاع الفيلم بما يتمشى مع الصورة السينمائية. وقد ساعد التقدم التكنولوجى على تطور موسيقى الأفلام مع تزايد أعداد المؤلفين الموسيقيين مما أدى إلى تحويل الموسيقى الفيلمية إلى عنصر بالغ الأهمية من عناصر الفن السينمائي. ولعدم وجود أية مراجع عربية تهتم بجانب الموسيقى فى الأفلام فكان للدكتورة رانيا يحيى السبق فى تناول هذا الموضوع من خلال كتاب عن الموسيقى فى أفلام يوسف شاهين كواحد من أهم علامات السينما المصرية والعربية بل والعالمية والذى تميزت إبداعاته السينمائية بكل ما تحتويه من عناصر فنية تتحد داخل منظومة فنية جمالية تغوص في أغوار النفس البشرية، حيث كان لنشأته أثراً كبيراً على زيادة إحساسه الفنى وارتباطه بجميع أشكال الفنون المختلفة مثل الرقص والموسيقى بأنواعها، لذلك كانت اختياراته الموسيقية لأفلامه تنبع من يقينه وإدراكه لضرورة هذا الفن ومدى تأثيره على الدراما على شاشة السينما. وقد تعاون شاهين مع العديد من المؤلفين الموسيقيين خلال مشواره الفنى منذ بداية إخراجه للفيلم الأول «بابا أمين» إلى آخر أعماله السينمائية فيلم «هى فوضى»، لذا رأينا ضرورة وجود كتاب يصول ويجول بين الجماليات الموسيقية في أفلام المخرج العبقرى يوسف شاهين من خلال المجموعة المنتقاة من تلك الأفلام والذى تعاون فيها مع مجموعة من المؤلفين الموسيقيين العظماء الذين أسهموا بدور بارز لا نستطيع إغفاله في مجال موسيقى الأفلام وهم : (إبراهيم حجاج- فؤاد الظاهرى- على إسماعيل- جمال سلامة- عمرخيرت). واستعرضت خلاله رحلة الفنان المبدع يوسف شاهين بنبذة عن حياته وأهم المحطات الرئيسية والجوائز التى حصل عليها فى مشواره الفنى وقائمة بأعماله الإبداعية سواء الأفلام الروائية الطويلة أو الأفلام التسجيلية ،وآراء بعض النقاد والفنانين فى الموسيقى والغناء فى أفلام يوسف شاهين ،وأيضاً حدثتنا المؤلفة عن الفيلم المصرى وبدايات هذا الفن وكيف بدأت علاقة الموسيقى بالسينما فى مصر ،ثم تناولت حياة كل من الخمسة مؤلفين الموسيقيين الذين وضعوا موسيقى الخمسة عشر فيلماً وهم إبراهيم حجاج ،فؤاد الظاهرى ،على إسماعيل ،جمال سلامة، عمر خيرت وذلك حتى يتسنى للقارئ الوقوف على أهم السمات الشخصية والدراسية التى أثرت فى إبداع كل منهم. وقامت بالتحليل الموسيقى لأفلام «شاهين» وتستعرض المؤلفة قصة كل فيلم وفريق العمل له ثم شرح تفصيلى وتحليلى لموسيقى التتر وبعدها المشاهد الدرامية وعلاقة الموسيقى بكل منها على حدة، وأخيراً المؤثرات الصوتية. والأفلام التى تم عرضها فى الكتاب هى ابن النيل عام 1951 ،سيدة القطار عام 1952 وهما للمؤلف إبراهيم حجاج ،ثم ستة أفلام صراع فى الوادى عام 1954 ،شيطان الصحراء 1954 ،صراع فى الميناء 1955 ،باب الحديد عام 1958 ،نداء العشاق 1961 ،إسكندرية ليه 1978 للمؤلف فؤاد الظاهرى ،وأربعة أفلام لعلى إسماعيل هم رمال من ذهب عام 1966 ،الأرض 1969 ،الاختيار 1970 ،العصفور 1973 ،بعدها فيلم حدوتة مصرية عام 1982 للدكتور جمال سلامة ،وأخيراً اليوم السادس عام 1986 ،وسكوت ح نصور عام 2001 للموسيقار عمر خيرت. وتركز المؤلفة على جماليات أسلوب المؤلفين الموسيقيين ورؤية يوسف شاهين الجمالية، وتحدثت عن نتيجة ما استعرضته خلال التحليل وكيف عبر كل منهم عن طبيعة الصورة والدراما الموجودة على الشاشة مع كيفية ترجمتها أو إعطاء أحاسيس معينة لتهيئة المشاهد لبعض الأحداث المرتقبة وكذلك التعبير عن بعض القضايا المصيرية والأفكار الفلسفية من خلال الموسيقى والصورة معاً مثل الأمل والانتظار والترقب والتنبؤ والجدل وغيرها.