تتأهب مصر لتنفيذ الاستحقاق الثالث من خارطة المستقبل و هو الانتخابات البرلمانية. ستكون الشهور القادمة كاشفة للقوى السياسية الحقيقية وأيضًا من يدعى أنه ينتمى إلى هذه القوى السياسية. و بغض النظر عن حقائق قانون الانتخابات، أعتقد أن هناك حالة أهم من القوانين المنظمة وهى وضع مصلحة مصر أمام أعيننا والنظر إليها كهدف وحيد، نذوب جميعا من أجله. هل سيحدث هذا، لا اعتقد ويبدو أن هناك بعض الشخصيات لا تستطيع أن تعيش بدون مقعد برلمانى بل تعتبره الوظيفة الوحيدة التى يجيدها وهدفه فى الحياة. و لكن أقول لهؤلاء إن الشعب المصرى قد تغير مزاجه وأصبح لديه القدرة على الفرز السياسى وكشف كل من يندرج تحت تعريف الانتهازية و التملق السياسى، لذا اتوقع أن بعض محترفى المجالس النيابية لن يكون لهم حظ الاختيار من الشعب المصرى، وأرى قبل أن نبدأ فى انتخابات المجلس النيابى أن يصارح كل مرشح محتمل نفسه وأن يقيس قوته السياسية و واقعه على الأرض. و يأتى أيضًا دور الأحزاب السياسية التى يجب أن تبعد عن المجاملات وتضع مصلحة مصر فى المقام الأول و تحاول الابتعاد عن الأسماء التى تضر بمصداقيتها الحزبية. و المسؤلية تقع أيضًا على المرشحين للمجلس، أرى أن البعض يجب أن يتوارى ويختفى من الحياة السياسية، لقد قدمتم الكثير وان الأوان لترك الساحة لوجوه جديدة تتناغم مع مصر الجديدة و المسئولية الجديدة الملقاة على عاتق المجلس النيابى وفقا لدستور الدولة الجديد. الأمر الهام الآن هو توقع البعض عزوف الشعب المصرى عن الاهتمام بالانتخابات النيابية القادمة، وأن تكون نسبة المشاركة منخفضة بشكل كبير، ويرجعون السبب فى ذلك إلى الاهتمام دائما بمنصب الرئاسة من قبل المصريين، وأيضًا لإنهاك المصريين خلال الثلاث سنوات الماضية فى سلسلة من الانتخابات بالإضافة إلى احتمال عدم فهم قانون الانتخابات و دور الناخب فى اختيار المقعد الفردى والقائمة. فنحن أمام استحقاق هام و لكن قد لا يخرج بالشكل الذى يتلاءم مع خطورته وأهميته، وقد ينعكس ذلك على تركيب المجلس وقد يصل إلى مرحلة من عدم التجانس وعدم وجود كتلة قوية متماسكة تستطيع أن تقود المجلس فى مهام التشريعية والرقابية القادمة. من هنا تأتى أهمية وجود رجال دولة لديهم الحس الوطنى و على رأسهم السيد عمرو موسى الذى يحاول جاهدا بناء كيان وطنى متجانس يستطيع أن يدخل الانتخابات البرلمانية وهو يملك رؤية واحدة وتصور للحياة النيابية القادمة. و قد يكون المجلس النيابى القادم هو بداية للحياة السياسية فى مصر حيث من المتوقع أن يشهد تفاعلا ما بين الأحزاب و القوى السياسية و تظهر كيانات جديدة تستطيع العمل مع بعض بدون مناورات حزبية خفية، وبالتالى سيكون هناك تحالفات واندماجات جديدة وسوف يخرج من المشهد البعض الآخر إلى غير رجعة. نحن فى حاجة إلى ثقة الشعب المصرى فى عمل الأحزاب و قيادتها و للأسف فإنه أمر محبط عندما تثار كلمة الأحزاب تجد لها السخط بل احيانا الاستهزاء وهذا عمل تراكمى طويل الأمد يحتاج إلى أفكار جديدة بعد أن استغل البعض فى العمل الحزبى الرشاوى الانتخابية المعروفة. يجب أن يكون العمل السياسى هو أساس العمل الحزبى ويأتى بعدها الوصول إلى عدد كبير من مقاعد البرلمان حتى يستطيع الحزب ترجمة أفكاره ومبادئه إلى سياسات تنفذ على أرض الواقع.