هو غياث بن غوث التغلبى، كنى بأبى مالك (أكبر أبنائه) ولقب بالأخطل، وذلك لسفهه الشديد وكثرة هجائه للناس، مع أنه عرف الشعر مبكرا، وعندما كبر كان أحد ثلاثة يعدون من فحول الشعراء وهم الأخطل وجرير والفرزدق، شعراء العصر الأموى والذين حدث بينهم هجاء وتلاسن كبير.. وهو ما عرف فيما بعد بشعر «النقائض» أى أن يقوم كل شاعر بذكر نقيصه مشهورة فى شاعر آخر أو فى قبيلته، وقد انحاز الأخطل إلى الفرزدق فى معركته الشعرية مع جرير. وقد لقب النقاد شاعرنا بالأخطل الكبير، لأن هناك أخطلا آخر عرفه الشعر العربى الحديث، وهو الشاعر اللبنانى المشهور بشارة الخورى والذى لقب بالأخطل الصغير وتغنت بأشعاره كل من فيروز ونجاة وغيرهما. كما عرف شاعرنا بشاعر بنى أمية، حيث كان أغلب مديحه فيهم، وخاصة مروان بن عبد الملك وابنه يزيد والذى استعان به فى صد هجوم أحد شعراء الأنصار على بنى أمية ونسائهم، فقد أطلق الأخطل لسانه فى الأنصار وجعلهم دون قريش مكانة وشرفا، وجعل اللؤم تحت عمائمهم، ووصفهم بالجبن والتخاذل عند القتال. ذهبت قريش بالمكارم والعلا واللؤم تحت عمائم الأنصار فذروا المعالى لستم من أهلها وخذوا مساحيكم بنى النجار والطريف أنه على الرغم من أن أمه كانت نصرانية وأبوه كذلك، فإن والده طلق أمه وتزوج بأخرى.. كان كثير الشجار معها، فلقبته دوبلا وهو الحمار الصغير، المهم أنه عندما اتصل بخلفاء بنى أمية وأصبحت له حظوة كبيرة فى بلاط الحكم قصر مديحه عليهم ومما قاله فيهم: شمس العداوة حتى يستقاد لهم وأعظم الناس أحلاما إذا قدروا هم الذين يبارون الرياح إذا قل الطعام على العاقين أوقتروا بنى أمية، نعماكم مجللة تمت، فلا منة فيها ولا كدر وتروى كتب السيرة وديوانه الكثير من القصائد التى تميزت برصانة الألفاظ وفخامتها وجزالتها، وخاصة مدائحه فى الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان والتى تعد من درره الشعرية، حيث يقول فيها: وقد جعل الله الخلافة فيكم بأبيض لا عارى الخوان ولا جدب ولكن رآه الله موضع حقها على رغم أعداء وصدادة كذب أهلوا من الشهر الحرام فأصبحوا موالى ملك لا طريف ولا غصب ولم يكتف الأخطل بمدح الأمويين من آل مروان، بل إنه كان كالداعية السياسية لبنى أمية، فقد نوه فى إحدى قصائده بانتصار معاوية بن أبى سفيان (أول خليفة أموى) فى موقعة «صفين» وأن الله اختارهم للخلافة، حيث قال: ويوم صفين والأبصار خاشعة أمدهم - إذا دعو من ربهم - مدد وأنتم أهل بيت لا يوازيهم بيت إذا عُدت الأحساب والعدد وله أبيات جميلة يشبه فيها يزيد بن عبدالملك بأنبياء الله يوسف وهارون ونوح وداؤد: أما يزيد فإنى لست ناسيه حتى يقينى فى الرمس ملحود جزاء يوسف إحسانا ومغفرة أو مثلما جزى هارون وداؤود أو مثل ما نال نوح فى سفينته إذ استجاب لنوح وهو منجود أعطاه من لذة الدنيا وأسكنه فى جنة نعمة منها وتخليد أما فى الفخر.. فقد تفوق الأخطل على زميله جرير والفرزدق، وهو هنا يهاجم إحدى عشائر قبيلة قيس والتى كانت على خلاف دائم مع قبيلته تغلب، وكيف ينفيهم الناس عن المياه، ولم تكن تأخذهم بهم هوادة ولكنهم كانوا ينالون منهم أشد أنواع العقاب. إذا احتضر الناس المياه نفيتم عن الماء حتى يصبح الحوض خاليا أجحّاف ما من كاشحا ذا ق حربنا فيفلت إلا ازداد عنا تناهيا وما تمنع الأعداء منا هوادة ولكنهم يلقون منا الدواهيا كما كان شاعرنا يتميز بالحكمة، وها هو ذا هنا يبكى شبابه الذى لن يعود، فلن ينفع مع الشيب أى دواء، كما أنه يقارن بين الشباب البشوش والشيب الذى ينصرف عنه الناس: هل الشباب الذى فات مردود أم هل دواء يرد الشيب موجود؟ لن يرجع الشيب شبانا ولن يجدوا عدل الشباب لهم ما أورق العود إن الشباب لمحمود بشاشته والشيب منصرف عنه مصدود وقد كان الأخطل يحب الخمر ويهواها ويسعد بتناولها: صهباء قد كلفت من طول ما حبست فى مخدع بين جنات وأنهار عذراء لم يجتل الخطاب بهجتها حتى اجتلاها عبادى بدينار فالخمر المعتقة كالعذراء، والعبادى هنا هو بائع الخمر.