الفرق بين التكبر والغرور من ناحية والكرامة وعزة النفس من ناحية أخرى عندما يعتز المرء بشىء وهبه الله إياه من باب قوله تعالى وأما بنعمة ربك فحدث فكيف يكون اعتزازه هذا تكبرا وغرورا ومتى لا يتعارض مع التواضع المحمود؟ ومتى يكون هذا من باب زيادة الثقة بالنفس؟ الكبر:- أثر من آثار العجب والبغى من قلب قد امتلأ بالجهل والظلم ترحلت منه العبودية ونزل عليه المقت فنظره إلى الناس شذر ومشيه بينهم تبختر ومعاملته لهم معاملة الاستئثار لا الإيثار ولا الإنصاف ذاهب بنفسه تيها لا يبدأ من لقيه بالسلام وإن رد عليه رأى أنه بالغ فى الانعام عليه لا ينطلق لهم وجه ولا يسعهم خلقه ولا يرى لأحد عليه حقا ويرى حقوقه على الناس ولا يرى فضلهم عليه ويرى فضله عليهم لا يزداد من الله إلا بعدا ومن الناس إلا صغارا أو بغضا. أما الغرور: فهى حالة المغتر الذى غرته نفسه وشيطانه وهواه وأمله الخائب الكاذب بربه حتى اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانى والغرور ثقتك بمن لا يوثق به وسكونك إلى من لا يسكن رجاؤك النفع من المحل الذى لا يأتى بخير كحال المغتر بالسراب.قال تعالى:- (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) ، وقال تعالى فى وصف المغترين:- (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104) ،وهؤلاء إذا إنكشف الغطاء وثبتت حقائق الأمور علموا أنهم لم يكونوا على شىء (وَبَدَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) ،وقال تعالى:- (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)، وهذا من أعظم الغرور أن تراه يتابع عليك نعمة وأنت مقيم على ما يكره.. والشيطان موكل بالغرور وطبع النفس الأمَّارة الاغترار. فالشياطين غروا المغترين بالله وأطعموهم مع إقامتهم على ما يسخط الله ويغضبه. وأما الكرامة وعزة النفس -:إن شرف النفس صيانتها عن الدنايا والرذائل والمطامع التى تقطع أعناق الرجال يتولد منها خلقين كريمين إعزاز النفس وإكرامها وتعظيم مالكها وسيدها أن يكون عبده فى الدنيا. فيتولد هذين الخلقين شرف النفوس وصيانتها. ويتولد منها المهابة وهى أثر من آثار القلب امتلأ بعظمة الله ومحبته وإجلاله فإذا امتلأ القلب بذلك حل فيه النور ونزلت عليه السكينة وألبس رداء الهيبة وأكتسى وحهه حلاوة ومهابة، وعندئذ يكون المرء واثقا من نفسه لأن الثقة سكون يستند إلى أدلة وأمارات يسكن القلب إليها فكلما قويت تلك الأمارات قويت واستحكمت الثقة، فمن وثق بالله توكلا وحسن ظن به فصار فى وثاق محبته ومعاملته والاستناد إليه والاعتماد عليه فهو فى وثاقه بقلبه وروحه وبدنه فإذا سار القلب إلى الله وانقطع إليه تقيد بحبه وصار فى وثاق العبودية فلم يبق له مفزع فى النوائب ولا ملجأ غيره ويصير عدته وشدته وذخيرته فى نوائبه وملجأه فى نوازله ومستعانه فى حوائجه وضروراته. والسلام.