خلال فترة لا تزيد على شهر واحد أعلن النائب العام المستشار هشام بركات قرار الاتهام فى ثلاث قضايا تجسس، كلها لصالح إسرائيل. الأولى كان المتهم فيها ثلاثة مصريين إضافة إلى ستة إسرائيليين هاربين فيما عرف بخلية «عوفاديا»، أما الثانية فكان المتهم فيها محمد عبد الباقى حسنين الموظف فى إحدى شركات الملاحة فى بورسعيد، والثالثة والأخيرة فالمتهم فيها رمزى محمد أحمد وخطيبته سحر إبراهيم محمد. كل هؤلاء اجتمعوا على خيانة الوطن بعد أن باعوا أنفسهم لإسرائيل ألد أعداء الوطن. الشىء المثير أن كل هؤلاء قد تطوعوا بالخيانة، فهم من طلبوا التعامل مع إسرائيل، وعرضوا أنفسهم على أجهزة «الموساد» و«أمان» طالبين التعاون مع تلك الأجهزة ضد مصر وطنهم. ورغم أن الجواسيس عادة يتم تجنيدهم بإحدى ثلاث طرق هى العقيدة أو المال أو الجنس، والعقيدة لا تعنى الدين فقط، وإنما تشمل المبادئ والقيم الاجتماعية وهى أقوى أنواع التجنيد، أما المال فتعتمد عليه أغلب عمليات التجنيد وهو أكثرها استخدامًا، والطريقة الثالثة الجنس فتستخدم فى حالات نادرة. خلية «عوفاديا» تكونت من ثلاثة مصريين هم عودة طلب إبراهيم وسلامة حامد أبوجراد ومحمد أحمد أبوجراد وهم من بدو سيناء، إضافة إلى ستة إسرائيليين هاربين وهم أعضاء فى جهاز المخابرات العسكرية «أمان». هذه الخلية تخابرت ضد مصر من ديسمبر 2006 إلى 2013، وحصل المتهمون على مبالغ مالية وساعات وهواتف محمولة، الخلية مدت إسرائيل بمعلومات عن التحركات العسكرية المصرية فى رفح وجمعوا معلومات عن سيناء والجيش والأنفاق، وسافروا إلى إسرائيل أكثر من مرة لتلقى التدريبات، وكانت هيئة الأمن القومى بالمخابرات العامة خلفهم بالمرصاد وألقت القبض عليهم وبحوزتهم أدلة تورطهم فى التخابر مع إسرائيل. وفى قضية محمد عبد الباقى حسنين نجد أنه سعى لدى العديد من أجهزة المخابرات والجهات الأجنبية مبديًا رغبته فى التعاون معهم وتقديم معلومات إليهم، ومنها أولًا المخابرات الإسرائيلية، السورية، الإيرانية، وحزب الله اللبنانى. ولم يستجب لتعليمات الأمن القومى المصرى بضرورة قطع علاقاته فورًا بالجهات الأجنبية واستمر فى التخابر.. فكانت النهاية. أما رمزى محمد أحمد وخطيبته سحر إبراهيم، حكايتهما تبدأ من عام 2008 عندما سافر رمزى لإيطاليا، وهناك سعى للتخابر لصالح إسرائيل طمعًا فى المال، وأرسل الرسائل بالفاكس إلى «الموساد» ودوّن بياناته ورغبته فى التعاون مع «الموساد»، والتقى فى النمسا مع ضابط الموساد الذى درّبه على كيفية جمع المعلومات ورصد المنشآت.. وجند رمزى خطيبته الصحفية بإحدى الإصدارات الإقليمية الأسبوعية واشتركت معه فى جمع المعلومات، وحصلا من الموساد على مبالغ مالية بلغت نحو 90 ألف يورو وهدايا عينية. وعند مواجهتهما بالأدلة اعترفا بارتكاب جريمة التجسس، وكانت النهاية أيضًا. ثلاث ضربات متتالية وجّهتها المخابرات العامة المصرية ضد «الموساد» و«أمان» بالقبض على الشبكات الثلاث. لقد أكدت المخابرات المصرية دائمًا أنها العين الساهرة على حماية الوطن، فرغم الأحداث التى مرت بها مصر عقب ثورة 25 يناير والفوضى والانفلات الأمنى، وثورة ليبيا التى هددت الحدود الغربية، والاختراقات التى حدثت من الجنوب فى السودان، ومن الشرق فى إسرائيل وغزة، وما حدث من تهريب سلاح بكميات هائلة ونوعيات غير مسبوقة، إلا أن الجهاز قد عمل بكفاءة غير مسبوقة أشادت بها أجهزة المخابرات العالمية الكبرى.. وكان من نتائجها الملموسة والتى أعلن عنها مؤخرًا الكشف عن الشبكات الثلاث التى تجسست لصالح إسرائيل.