فى الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير العظيمة وسقوط مبارك ونظامه بعد 18 يوما من اندلاع شرارة الثورة.. أحسب أن هذا السقوط لم يكن فى بداية عام 2011.. ولكن قبل هذا التاريخ بسنوات طويلة.. وبالتحديد عندما رشح حسنى مبارك نفسه للرئاسة فى عام 2005 بعد تعديل المادة 76 من دستور 1971. فلم يكن مبارك هو المرشح الحقيقى.. ولكنه كان عبارة عن «خيال مآتة».. ورجل طاعن فى السن ويعانى أمراض الشيخوخة! وقد تابعت انتخابات الرئاسة مع حملة مبارك بكل تفاصيلها عندما رشحت لتغطيتها صحفيا فى صيف 2005.. وكنا نسافر معه فى المحافظات فى الزيارات التى ينظمها قادة الحزب الوطنى المنحل من الحرس الجديد بقيادة أحمد عز أمين التنظيم.. وكان عز هو المنسق العام لهذه الحملة.. وجمال مبارك هو المايسترو الذى يعطى الأوامر والتعليمات ويضع برنامج الزيارات فى المحافظات! وعشت وشاهدت «المسرحيات الهزلية» التى كانت تعد للرئيس الأسبق للترويج له من عينة «اتفضل شاى يا ريس».. «ونفسى أحج يا ريس» وغيرها من العبارات التى كانوا يلقنونها لممثلى المسرحية التى كان يخرجها جمال مبارك وفريق الإعداد معه من إعلاميى الفضائيات. فالحقيقة أن جمال مبارك وعصابته من بعض الوزراء السابقين ورجال الأعمال ورموز النظام هم الذين كانوا يحكمون البلد فى السنوات العشر الأخيرة التى سبقت ثورة 25 يناير.. فالرئيس مبارك كان لا حول له ولا قوة.. وسواء كان يدرى أو لا يدرى فقد استشرى الفساد.. والكل يحاول النهب والسلب لنفسه ولأولاده وأقاربه.. ويستولى على الأراضى بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة تحت دعوى إنشاء المشروعات، وتشجيع الاستثمار.. ولكن للأسف تتحول هذه الملايين من الأمتار التى يشترونها بتراب الفلوس إلى مشروعات سكنية وفلل ونجوع ومنتجعات وقرى سياحية يسكنها الأكابر.. والناس الغلابة يعيشون فى المقابر والعشوائيات ولا أحد يسأل عنهم ولا فيهم! وللأسف الشديد فالبرلمان تسيطر عليه أغلبية الحزب الوطنى المنحل من أصحاب المصالح والمنافع.. وكان أمين التنظيم أحمد عز يستخدم هذه الأغلبية كورقة لتحقيق مآربه ومآرب النظام.. ويتعامل مع النواب بطريقة «أطعم الفم تستحى العين».. وكانت المعارضة والمستقلون تحت القبة كأنهم ينفخون فى قربة مقطوعة! *** لقد بدأ نظام مبارك يتهاوى عندما قام رجال القصر والمقربون إليه بعزله فى شرم الشيخ بعيدا عن نبض الناس الذين خرجوا ليرفضوا الظلم والاستبداد.. ويطالبون بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية وكانت هذه هى النهاية..