قال الشعب المصرى كلمته التاريخية بالموافقة - شبه الاجماعية - على الدستور الجديد وأكد رفضه للإرهاب وموافقته على مبدأ العدالة الانتقالية وعلى ضرورة تحديد اختصاصات القضاء العسكرى، وقد طالبنا فى مقالات سابقة نُشرت فى مجلة أكتوبر بضرورة تقليص محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى، وقد أخذ برؤيتنا الدستور الجديد لسنة 2013 حيث تضمنت المادة (204) منه أن: القضاء العسكرى جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن فى حكمهم، والجرائم المرتكبة من أفراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة. ولا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى، إلا فى الجرائم التى تمثل اعتداء مباشراً على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما فى حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية، أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التى تمثل اعتداء مباشراً على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم، ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء العسكرى الأخرى، وأعضاء القضاء العسكرى مستقلون غير قابلين للعزل، وتكون لهم كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية، والمادة 204 من دستور 2013 أكثر تحديداً وتقليصاً وإنصافاً من المادة 198 من دستور 2012 والتى كانت تتضمن أن: القضاء العسكرى جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها، ولا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى إلا فى الجرائم التى تضر بالقوات المسلحة، ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء العسكرى الأخرى، وأعضاء القضاء العسكرى مستقلون، غير قابلين للعزل، ويكون لهم كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء الجهات القضائية. وقد كان المشرع المصرى سباقاً فى سرعة تنفيذ وتقليص وتحديد اختصاصات القضاء العسكرى حيث صدر القرار بالقانون رقم 12 لسنة 2014 والمنشور فى الجريدة الرسمية بالعدد 5 (مكرر) بتاريخ 3/2/2014 والمعمول به اعتبارا من 4/2/2014 بتعديل بعض أحكام قانون القضاء العسكرى الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966، وسوف نتناول فى هذا المقال التزام الدولة بتقليص اختصاص القضاء العسكرى فى الدستور الجديد وذلك فيما يلى: أولاً: أنواع المحاكم العسكرية فى القانون رقم 12 لسنة 2014: عددت المادة (43) المستبدلة بالقانون رقم 12 لسنة 2014 المحاكم العسكرية حيث تضمنت أن تلك المحاكم هى: أولاً: المحكمة العسكرية العليا للطعون. ثانياً: المحكمة العسكرية للجنايات. ثالثاً: المحكمة العسكرية للجنح المستأنفة. رابعاً: المحكمة العسكرية للجنح. وتختص كل منها دون غيرها بنظر الدعاوى والمنازعات التى ترفع إليها طبقاً لقانون القضاء العسكرى. ثانياً: التشكيل الجديد للمحكمة العسكرية للجنايات: حددت المادة (44) المستبدلة بالقانون رقم 12 لسنة 2014 أنه تشكل المحكمة العسكرية للجنايات حيث تتشكل تلك المحكمة من عدة دوائر، وتؤلف كل دائرة من ثلاثة قضاة عسكريين برئاسة أقدمهم على ألا تقل رتبته عن عقيد، وبحضور ممثل للنيابة العسكرية، وتختص بنظر قضايا الجنايات. ثالثاً: تشكيل واختصاصات المحكمة العسكرية للجنح المستأنفة: أبانت المادة (45) المستبدلة بالقانون رقم 12 لسنة 2014 تشكيل المحكمة العسكرية للجنح المستأنفة والتى تتكون من عدة دوائر، وتؤلف كل دائرة من ثلاثة قضاة عسكريين برئاسة أقدمهم على ألا تقل رتبته عن مقدم، وبحضور ممثل للنيابة العسكرية. وتختص بنظر الطعون المقدمة من النيابة العسكرية أو من المحكوم عليهم فى الأحكام النهائية الصادرة من المحكمة العسكرية للجنح. رابعاً: تكوين المحكمة العسكرية للجنح: حددت المادة (46) المستبدلة بالقانون رقم 12 لسنة 2014 تشكيل المحكمة العسكرية للجنح والتى تتشكل من عدة دوائر، وتؤلف كل دائرة من قاض واحد لا تقل رتبته عن رائد، وبحضور ممثل للنيابة العسكرية، وتختص بنظر قضايا الجنح والمخالفات. خامساً: الضمانات الجديدة للحكم الصادر بالإعدام : حددت المادة (80) المستبدلة بمقتضى القانون رقم 12 لسنة 2014 شروط إصدار حكم الإعدام حيث لا يجوز للمحكمة العسكرية للجنايات أن تصدر حكماً بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها ، ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأى مفتى الجمهورية ، ويجب إرسال أوراق القضية إليه ، فإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة خلال الأيام العشرة التالية لإرسال الأوراق إليه ، جاز للمحكمة الحكم فى الدعوى. سادساً: مصادر الاجراءات الجنائية المكملة للإجراءات فى قانون القضاء العسكرى: أوضحت المادة 76 (مكرراً) المضافة بالمادة الثانية من القانون رقم 12 لسنة 2014 أنه تسرى على إجراءات المحاكمة وجلساتها فيما لم يرد فى شأنه نص خاص فى هذا القانون أحكام قانون الإجراءات الجنائية وهو الشريعة العامة للإجراءات الجنائية فى مصر. ويتولى تدوين ما يدور فى جلسات المحاكم على اختلاف أنواعها كاتب لكل محكمة وذلك على غرار المحاكم الجنائية العادية. سابعاً: المصطلحات الجديدة التى تم استبدلها فى قانون القضاء العسكرى: استبدلت المادة الثالثة من القانون رقم 12 لسنة 2014 عبارة «هيئة قضائية» لتكون «جهة قضائية» وعبارة «المحكمة العليا للطعون العسكرية» لتكون «المحكمة العسكرية العليا للطعون» وعبارة «المحكمة العسكرية العليا» لتكون «المحكمة العسكرية للجنايات» وعبارة «المحكمة العسكرية المركزية لها سلطة عليا» لتكون «المحكمة العسكرية للجنح المستأنفة» وعبارة «المحكمة العسكرية المركزية» لتكون «المحكمة العسكرية للجنح» أينما وردت فى قانون القضاء العسكرى أو فى أى قانون آخر، وذلك تطبيقاً لذات التنظيم الجنائى المنصوص عليه فى قانون الإجراءات الجنائية المصرى. ثامناً: المواد التى تم إلغاؤها من قانون القضاء العسكرى: حددت المادة الرابعة من القانون رقم 12 لسنة 2014 أنه يتم إلغاء المواد (47)، (50)، (51)، (52) من قانون القضاء العسكرى الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966 المعدل. وعلى ذلك يكون المشرع قد قام بتنفيذ الأسس الدستورية الجديدة للقضاء العسكرى. وسوف نتناول فى مقالات لاحقة باقى مساهمات مجلة أكتوبر فى صياغة الدستور الجديد ومنها منح النيابة الإدارية سلطة توقيع الجزاءات التأديبية على العاملين بالدولة وأن يتم الطعن فى تلك الجزاءات أمام مجلس الدولة.