تحول التجاوز والتسابق فى عدم الاحتشام والخروج عن آداب اللياقة وقواعد العمل التليفزيونى إلى قاعدة جديدة ووسيلة لاختطاف المشاهد الحائر بين قنوات العرى كليب..ومذيعات برامج «قرب..قرب..اتصل يا جدع..يالا شد حيلك وجاوب السؤال الغبي..ونفع واستنفع». ولم يعد الابتذال والمنافسة الرخيصة على جذب المشاهدين فى عصر السماوات المفتوحة يقتصر على ارتداء الملابس المثيرة أو محاولة تقليد المذيعات اللبنانيات فى كل القنوات العربية لكنه امتد إلى أسلوب الحوار سواء بين المذيعين والمذيعات الذين يشتركون فى تقديم برامج على الشاشة أو من خلال اتصالات المشاهدين. وانتقل الانحطاط اللفظى من القنوات الفضائية التليفزيونية إلى إذاعات الراديو المحلية ومحطات «الاف.أم» وأصبح من العادى جداً أن تسمع مذيعة راديو كانت وقورة زمان تنادى زميلها زكريا فتقول له بميوعة لا تحسد عليها..أيوه يا زيزو..فيرد عليها..طبعاً يا فوفو..أو تقول هى لأحد المستمعين...برافو عليك يا سحس!. طبعا من الممكن أن يكون هناك مقدار من الدلع إذا كانت المذيعة تقدم برنامج منوعات خفيف فيه تلقائية وتجاوب مع الجمهور ولكن لا يجب أن يكون الدلع زيادة عن اللزوم.وتدافع المذيعات اللبنانيات عن أنفسهن أحيانا، ويقلن إن المذيعة اللبنانية ليست دلوعة ولكن طريقة الكلام اللبنانية واللهجة اللبنانية دلوعة إلى حد ما، وهى التى توحى إلينا بهذا الشعور. والحقيقة أننى أتعجب كثيرا مما وصل إليه حال المذيعة فى الفضائيات العربية، والقنوات الأرضية، سواء من حيث أسلوب المخاطبة،أو المستوى الثقافى لها ، وناهيك عن الزى المبتذل فى أغلب الأحيان. ويزداد تعجبى عندما أتذكر وأقارن كيف كانت المذيعة قبل المحطات الفضائية وكيف أصبحت الآن كانت المذيعة امرأة تنقل الصورة الذهنية الصحيحة للمرأة العربية بوعيها وثقافتها وزيها المحتشم وأسلوبها اللبق والبسيط غير المصطنع وغير المتكلف عند مخاطبة الجمهور إعلاميا مما دعاها لفرض تقدير واحترام الجمهور ومحبتهم لها، وصنع منها قدوة حسنة لفتيات جيلها. فالمذيعة كانت هى الأم والأخت والصديقة، التى تكسب ثقة الجماهير بالرغم من قلة المحطات المرئية وبالرغم من كونها محطات أرضية. ولأن الانهيار الأخلاقى يسرى كالعدوى بين الناس فقد انتقل من المذيعين والمذيعات إلى الضيوف..وأصبحنا نشاهد خناقات فجة على الهواء مباشرة تستخدم فيها ألفاظ سوقية رخيصة وشتائم مبتذلة.. ولا غرابة فى ذلك..فإذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقص..والقباحة أيضا!