تعيش مصر حالة لم تشهدها من قبل إذا كانت الظروف العصيبة التى كان يبتلى بها المصريون تأتى من مستعمر أجنبى أو معتد أو طامع فى ثرواتها أو خيراتها.. أما أن تكون الظروف الحالية من فرقة وتشرذم وعداوة نابعة من المصريين ضد بعضهم البعض فهى الطامة الكبرى، فالداء متمثل فى الفرقة والعلاج فى قول الله تعالى ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ). يقول أ. د. عبد الفتاح عبد الغنى العوارى أستاذ ورئيس قسم التفسير كلية أصول الدين جامعة الأزهر - القاهرة وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية:- الخروج من الأزمة يتمثل فى دعوة الإسلام للوحدة ونبذ الفرقة. فالإسلام بين أننا أمة واحدة: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ).فمتى وعى المسلمون ذلك حققوا وحدتهم وعملوا على رأب الصدع، ولم الشمل ونسوا خلافاتهم، وغلّبوا المصالح العليا للوطن على سائر مصالحهم الشخصية، وجعلوا الوطن الذى يعيشون فيه، ويعبدون الله على أرضه فوق كل اعتبار شخصى أو حزبى، ويا حبذا لو خلعوا عباءة العصبية للرأى، وتجرّدوا من الهوى، وجعلوا عقيدتهم ودينهم حيث يتحقق الإيمان الذى هو أصل الأمن لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به" والذى جاء به النبى صله الله عليه وسلم عوامل بناء، وعناصر توحّد، ودعوة لسلامة المجتمع، واستقرار أركانه، والحفاظ على جماعته وحماية مُقدّراته والعمل على تنمية موارده، وثرواته،ودفاعً عن حدوده،وذود عن حرماته... فلا تخاصم، ولا تنازع، ولا تقاطع ولا تشاحن بل على الجميع أن يكونوا عباد الله إخوانًا. إن أردنا الخروج من الأزمة فلنتوحّد ونجمع أمرنا (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) أى قوتكم أو تذهب دولتكم كما قال بذلك كثير من المفسرين. فما أحوج مصر إلى لم الشمل ونسيان الخلافات، وتوحيد الكلمة قبل فوات الأوان، وحتى لا يقع الندم ولا ينفع الندم وقبل أن تتداعى علينا الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، وقبل أن يتسع الخرق على الراقع. ويقول أسامة رضوان الأستاذ بكلية الدراسات بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر لعل فى العودة إلى منهج بناء الالتزام بسنّة نبينا صلى الله عليه وسلم الداعيان إلى عدم الاختلاف والتفرق - النجاه مما تعانى امتنا منه من انقسام وصراعات فامتثال أمر الله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) وقوله( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ )وقوله صلى الله عليه وسلم "عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدى" وقوله صلى الله عليه وسلم "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدًا كتاب الله وسنتى" يحقق لنا جميعا الاتحاد وعدم التفرق ويعصم الدماء ويحفظ الحقوق، فمتى توافرت النوايا الصالحة والصادقة وغُلّبت المصلحة العامة على المصالح والأهواء الشخصية انفرجت الأزمة وعادت الحقوق وانتهى الانقسام وتوحد الجميع على قلب رجل واحد صادق يأمل فىصنع وطن آمن ناهض بكل أبنائه يُعلون شأنه ويَسْعَون إلى تقدمه ورخائه. فلنترك الانقسام ولنعد إلى التوحد وننبذ الفرقة، والخلافات جانبا ولنتحاور سويًا ولنعلى قيمة الوطن ومصلحته فوق مصالحنا وأهوائنا. ويقول أ / أحمد خليل: مدير مشروع التعليم عن بعد بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر تعيش مصرنا مرحلة من أخطر مراحل تاريخها، مرحلة انتشر فيها المرض وأصاب جسد الأمة فأعياها، فجميعنا نعلم أن المرض الذى أصابنا هو "الفرقة"، ومن أرعاضه الإنهزام النفسى الذى نعيشه فأدى إلى اليأس ففرح أعداؤنا، وقمنا بدلا منهم. بتسلط بعضنا على بعض. فالدواء الناجع لدينا، ولكننا لم نستفد منه، هل لأننا لم نجد الطبيب الشجاع الذى لديه القدرة على وصف الدواء الصحيح أم لأننا اعتدنا المرض وتملكنا اليأس من الشفاء؟. ولكن جسد مصر المتمثل فى شعبها أصيب بأخطر الأمراض ألا وهو "الفرقة"، ورغم كثرة الأطباء المصريين المهرة الذين يشخصون الأمراض السياسية ويستعان بهم فى الخارج فى كل زمان، فإننا مازلنا نحاول استيراد الأدوية فى محاولة منا للعلاج، ولكنه يصيب الأمة بأمراض أخطر وتزيد من هشاشة العلاقات بين أبناء مصر. والعلاج الناجع فى قوله تعالى( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) ، وهذا هو الدواء الشافى الذى نعرفه جميعا ولكن أعداءنا لا يرضيهم إلا فرقتنا، ويجب أن نبحث عن طبيب يقنن لنا هذا العلاج، طبيب ماهر يفسح المجال لمساهمة جميع أفراد الأمة حتى نتخلص من هذا المرض الخبيث، ولهذا فجميعنا علينا مسئولية تجاه مصرنا ولا أستثنى أحدًا، فالتغير الصحيح يبدأ دائمًا من داخلنا والعلاج السليم يجب أن يسبقه تشخيص صحيح، ولن يحمى مصر إلا أهلها، ولذلك وجب على كل فرد فى مصر أن يبدأ التغيير بنفسه عملا بقول الله تعالى( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ )