مازال مسلسل غرائب وعجائب الثانوية العامة مستمرًا وكأن طلاب الثانوية وأولياء أمورهم مكتوب عليهم الشقاء واللف والدوران.. لأن هناك دائمًا من يريد وضع بصماته الخاصة على نظام الثانوية العامة بطرح مقترحات وتوصيات ما أنزل الله بها من سلطان! آخر هذه المقترحات صدرت عن المجلس الأعلى للجامعات والتى يقترح فيها زيادة المجموع الكلى للثانوية العامة ليصبح 4 آلاف درجة بدلًا من 410 درجات فى النظام الحالى.. وهو ما أثار عاصفة من الانتقادات بين رجال التعليم خشية تصدير مشكلات جديدة لنظام الثانوية العامة المثقل أساسًا بالهموم. هذا المقترح للجدل طرحته «أكتوبر» على نخبة من خبراء التعليم - فماذا قالوا؟ ومن معكسر المؤيدين ، يقول د. سمير أبو على العميد الأسبق لكلية التربية بالإسكندرية أن هذا المقترح سيؤدى إلى أن كل طالب يأخذ حقه حيث يأتى فى مصلحة الطالب.. مشيرًا إلى أنه لكى نميز ونفرق بين الطلبة بعضهم البعض بواسطة الدرجات سواء كانت درجات مطلقة أو نسبة مئوية فإنه يجب التوسع فى مقياس الدرجات موضحًا أن 1% من مجموع الدرجات فى النظام الحالى يمثل 4 درجات تقريبًا أما فى التوصية المقترحة فإنه يتمثل ب 40 درجة.. وبالتالى يتضح أن التوصية المقترحة تعطى الفرصة للتمييز بين الطلاب بعضهم البعض بشكل واضح كما أنها تعطى الفرصة للمصحح عند تقييم إجابة الطلاب أن يكون لديه تقييم وأكثر راحة مع هذه الدرجات الكبيرة على كل سؤال بدلًا من القيمة الصغيرة فى النظام المعمول به حاليًا وبالتالى يحصل الطالب على حقه كاملًا من هذا التقييم المريح ونستطيع كنتيجة أن نميز بين الطلاب بعدد محسوس من الدرجات. ويوضح د. أبو على هذا الأمر حسابيًا مبينًا المجموع الكلى وفقًا للنظام الحالى هو 410 درجات تمثل الدرجة الواحدة من هذا المجموع بمقدار (ربع فى المائة) تقريبًا ولكن فى حالة التوصية المقترحة فإن الدرجة الواحدة ستكون بمقدار (25 من الألف فى المائة).. مؤكدًا أنه فى هذه الحالة نستطيع أن نفرق ونميز بين الطلاب فى المجموع الكلى.. فعلى سبيل المثال إذا كان الاختلاف بين طالبين فى درجة واحدة فى حالة المجموع الحالى نحو 410 درجات بالنظام الحالى يكون الفرق بينهما (25 من مائة فى المائة) من المجموع الكلى، أما فى النظام المقترح فإن (25 من المائة فى المائة) فأنها تمثل 10 درجات وهذا فرق واضح بين النظامين ومقنع للطلبة أنفسهم.. أما إذا كان الفارق 2% مثلًا فإنه يمثل 8 درجات فقط فى النظام الحالى و80 درجة فى النظام المقترح.. ويؤكد د. أبو على - أن هذا المقترح سيعطى للمصحح وفقًا لمجموع (4 آلاف درجة) الفرصة لتقييم الإجابات بشكل أكثر دقة وأكثر راحة له ويحصل الطالب على حقه كاملًا فى الإجابة على جزئيات الأسئلة داخل السؤال الواحد بأوزان محترمة من الدرجات فبدلًا من أن يعطى المصحح (نصف درجة على الجزئية) فإنه ستكون هناك الإجابة بشكل أكثر عدلًا وموضوعية حيث سيعطى النظام المقترح الفرصة للمصحح لتقييم إجابة الطالب بشكل مريح يحقق مصلحة الطالب ويحقق العدل كما سيؤدى إلى إحداث فروق فى المجاميع الكبيرة بشكل واضح، وبالتالى سنرى أن هناك فرقًا بين طالب حاصل على درجة وآخر حاصل على درجة أخرى.. فإن 4 درجات تمثل 1% فى النظام الحالى.. أما النظام المقترح فأنها تمثل 40 درجة وهذا يعطى راحة نفسية للطالب ويجعل لدية قناعة بأن الدرجات التى حصل عليها قادته لكلية أخرى غير التى كان يرغبها. تقليل المجاميع المتكررة ويكشف د. أبو على - أن النظام المقترح سيقلل من تكرارية المجاميع حيث ستقل بمقدار 10 مرات عن النظام الحالى.. فعلى سبيل المثال إذا وجدنا فى النظام الحالى أن هناك 1000 طالب حصلوا على مجموع تكرارى 95% فإننا نتوقع أن يكون عددهم التكرارى فى تطبيق التوصية المقترحة هو 100 طالب فقط.. كما سينطبق هذا الأمر على أوائل الثانوية العامة فإذا كان المجموع التكرارى فى حدود العشرة الأوائل 100 طالب فإنه سوف يكون عددهم 10 طلاب فقط.. فى النظام المقترح.. وبالتالى يكون كل مركز احتل الأوائل من الأول إلى العاشر يكون مركزًا منفردًا وليس تكراريًا كما نشاهده فى النظام الحالى.. ويرى د. أبو على - أن تطبيق التوصية المقترحة يتطلب من واضعى الامتحانات للثانوية العامة أن يضعوا فى الاعتبار هذا الكم الكبير فى الدرجات فى كل مادة وهو 500 درجة بحيث يكون السؤال الموضوع قادرًا على تحمل هذا الكم الكبير من الدرجات بحيث يشمل السؤال الواحد على أكثر من جزئية من أجل قياس المهارات المختلفة من الفهم والمعرفة والتذكر حتى يكوت التصحيح والدرجات موزعة بشكل عادل ويكون الامتحان أكثر موضوعية.. ويثنى د. أبو على - على المجلس الأعلى للجامعات ووزير التعليم العالى على تقديمه لهذا المقترح حيث سيؤدى لقناعة الطلاب بنتائجهم ويقلل من اعتراضات أولياء الأمور على نتائج الطلاب ونتائج توزيعهم للجامعات.. مطالبًا وزير التربية والتعليم بسرعة دراسته هذا المقترح وتطبيقه من العام الدراسى القادم.. غربلة الطلاب وعلى الجانب تؤكد د. «محبات أبو عميرة» العميد السابق لكلية البنات جامعة عين شمس رفضها التام لهذا التوجه الذى ترى أنه لن يكون فى صالح الطالب حيث سيتسبب فى تعرض الطالب لخسارة عدد كبير من الدرجات فى حالة تخصيص 500 درجة على الأقل لكل مادة من المواد السبعة التى يدرسها طالب الثانوية العامة.. وهو ما يعنى تخصيص عدد كبير من الدرجات لكل جزئية من الأسئلة التى يتضمنها امتحان كل مادة.. وفى حالة الخطأ فى الإجابة تضيع كل هذه الدرجات على الطالب الأمر الذى سيثير بلبلة كبيرة بعد ظهور النتائج لتنتقل مشاكل التنسيق من الجامعات إلى التربية والتعليم! وأبدت د. محبات - تخوفها من أن يكون هذا التوجه وسيلة لغربلة الطلاب الراغبين فى الالتحاق بالتعليم الجامعى وتقليص أعدادهم للالتحاق بالجامعات وهذا لا يتفق مع الاتجاهات العالمية الحديثة. وتطالب بعدم تطبيق هذه التوصية المقترحة إلا بعد دراسة متأنية لمعرفة مدى جدواها وأهميتها للطالب وهل هى فى صالح الطالب أم لا ؟..وهل كلما ارتفعت الدرجات ستؤدى إلى قرار صائب أو أن هذا التضخم فى الدرجات سيؤدى إلى عدم عدالة التوزيع للدرجات على أجزاء الأسئلة، وبالتالى يكون قرار خاطئا ومرفوض.. مطالبة بطرح هذه القضية للنقاش من خلال خبراء التربية والمتخصصين والإعلام.. وتتساءل د. محبات - أين المركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى من هذه التوصية؟ وترى أن تنفيذ هذه التوصية المقترحة يتطلب إعادة النظر فى النظام والمنظومة التعليمية كلها للثانوية العامة سواء نظام الدراسة والمناهج وطرق التدريس وطرق الامتحانات. كما ترى د. محبات أن اتجاه تضخم المجموع الكلى سيجعل الطالب يحصل على درجة أقل مما يستحقها.. فعلى سبيل المثال الطالب الحاصل على 480 درجة من 500 وفقًا للنظام المقترح يختلف مع الحاصل على 48 درجة من 50 فى النظام الحالى مما يؤدى إلى ظلم الطلاب! وتؤكد د. محبات - أن زيادة المجموع إلى 4 آلاف درجة لن تحل مشكلة مشاركة الطلاب فى المجموع التكرارى أو مشاكل مكتب التنسيق بل ستيزيدها.. مؤكدةى أنه كلما ارتفعت النهاية العظمى للمادة كلما أدى هذا إلى انخفاض درجة الطالب فى المجموع الكلى (!!) وأشارات إلى أن هذا الطرح المقترح ليس فى مصلحة الطالب ولكنه سيكون فى مصلحة من يريدون أن يفرضوه.. وتتساءل هل هذه الفكرة مستوردة ؟ وإذا كانت مستوردة فإنه لا يمكن تطبيقها فى مدارسنا.. ولا بد من عرضها علىالمتخصصين والمجتمع أن يشارك فى مناقشتها الممارسون الميدانيون مثل الموجهين والمدرسين لأنهم أكثر دراسة بقضية الامتحانات عن الذين يجلسون فى المكاتب المكيفة أسوة بأمريكا وانجلترا ليخرج القرار ديمقراطيًا ولا يكون قرارًا فوقيًا. عملية خادعة ومن جانبه يرى د. «حسن شحاتة» أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة عين شمس أن هذه الفكرة المقترحة ليست عملية وغير مفيدة فى عملية التقويم والتقييم وتجعل عملية التصحيح عرضة للخطأ لكثرة الدرجات وكبر حجمها وضخامتها.. مؤكدًا أنها عملية خادعة للطالب وولى الأمر حيث تتيح للطالب الحصول على درجات ضخمة ولكن نسبتها المئوية قليلة وقد يحصل الطالب على درجات ضخمة ولا يستطيع الالتحاق بالجامعة (!!) ويؤكد د. شحاتة أن هذا الطرح الجديد سيسبب فى مشاكل لا أول لها ولا أخر لدى مقدرى الدرجات والمصححين وسيجعل الدرجات التى يحصل عليها بلا الطالب قيمة لأنها تمثل نسبة مئوية قليلة.. فعلى سبيل المثال إذا حصل الطالب على مجموع قدره 3500 درجة فأنه يكون قد حصل على نسبة مئوية قدرها 85 % فقط.. قائلًا أن هذا المجموع الضخم مثل الموظف الذى يتقاضى راتبه بالقروش وليس الجنيهات! ويرى د. شحاتة - إن هذا الطرح يعد تطويرًا شكليًا لأنه لا يقيس قدرات الطالب الحقيقية فى الالتحاق بكلية بعينها.. مشيرًا إلى أن هذا الطرح سيؤدى إلى عدم مراعاة الدقة فى عملية التصحيح حيث ستصبح الدرجات بهذا التضخم عائقًا أمام المصححين ومقدرى الدرجات مما سيؤدى إلى ارتفاع نسبة الأخطاء فى التصحيح والرصد للدرجات. ويؤكد د. شحاتة أن هذا الطرح فريد من نوعه ولا يوجد له مثيل فى العالم كله (!!) ويقترح بدلًا من ذلك أن يظل المجموع الكلى للثانوية كما هو متبع فىالنظام الحالى ب 410 درجات.. علما أن يخصص 20% من درجاته للميول و80% الأخرى للتحصيل وبذلك يصبح لدى الطالب مجموع اعتبارى يؤهله للالتحاق بكلية بيعنها. ويرى د. شحاتة أن ما يحدث هو تطوير شكلى ووهمى.. شكلى لأنه لا يمس جوهر المشكلة.. ووهمى لأنهيخدع الطالب وولى أمره بضخامة المجموع.. مؤكدًا أن هذا الطرح المقترح سيفتح بابًا للمشاكل على وزارة التربية والتعليم! ميكنة المصحح ويتفق د. «فاروق إسماعيل» رئيس جامعة القاهرة الأسبق ورئيس جامعة الأهرام الكندية مع معسكر الرافضين لهذا المقترح الجديد مؤكدًا بنظام قائم ومستمر ما دام لم تظهر به عيوب خاصة أنه لا يوجد به خلل أو ضرر يلحق بالطالب. ويضيف لأن الهدف فى المقترح الجديد هو ميكنة المصحح ورسم عملية التصحيح على أسلوب «فيمتو ثانية» بحجة التصحيح لن يتحقق مهما عملوا. لهذا الأسلوب الغريب والذى ليس له مثيل فى الأنظمة التعليمية فى العالم كله! ويشير د. فاروق - إلى أنه كل فترة نفاجأ بأفكار تعليمية غريبة لا تتلاءم مع ظروف مصر والجامعات وخاصة أننا نواجه فى مصر قصورًا كبيرًا فى عدد الجامعات والأماكن المتاحة.. مؤكدًا أنه اقتراح غير موضوعى وأنه كان ينبغى ألا نعبث فى نظام تعليمى قائم ومستقر خاصة أنه لا يوجد أى مبرر لذلك.. مؤكدًا أنه ليس فى صالح الطالب وسيتسبب فى ظلم بيّن لطلاب الثانوية العامة. التجريب وفى نفس السياق يرى د. «أحمد إبراهيم» أستاذ الإدارة التعليمية بجامعة بنها أن الهدف من هذا المقترح هو التيسير والتحايل لدخول الطلاب الجامعة.. ولكن هل هذا الفكر يأخذ صفة الموضوعية ويحقق الصالح للطالب؟ وأضاف أنه من الأهمية أن يتم تجريب المقترح قبل إقراره على منطقة تعليمية و10 مدارس فيها للتأكد من مدى نجاح الفكرة من عدمها.. مؤكدًا أن الأمر يتطلب عمل دراسات إجرائية ميدانية لمعرفة نقاط القوة والضعف لهذا الفكر المقترح. ويشير د. أحمد إبراهيم إلى تبنى فكرة التحليل الاستراتيجى (SWOT ) لتحديد جوانب القوة والضعف والفرص والتهديدات قبل اتخاذ القرار بهذا الفكر المقترح.. هذا التحليل يستخدم فى تطوير الجامعة والتعليم الجامعى وإرسال هذه التحليلات إلى الهيئة القومية للاعتماد وضمان الجودة ومراكز البحوث التربوية لدراستها قبل البت فى هذا المقترح.