أكثر الذين يهاجمون الإخوان كانوا من الإخوان أو من التيارات المتشددة.. أظن أن السبب هو معرفتهم بحقيقة الإخوان وطريقة تفكيرهم ونواياهم وأساليبهم وحقيقة أهدافهم. خذ مثلا.. القيادى الإخوانى السابق ثروت الخرباوى الذى فضح الإخوان فى كتابه الأشهر «سر المعبد».. الرجل فى الحقيقة لا يكتفى بالكلام عن الماضى الأسود للجماعة لكنه يتحدث أيضا عن المستقبل فيقول إن جماعة الإخوان أو ما يطلق عليها جماعات الإسلام السياسى قد انتهت من التاريخ! وتسمع كلاما مشابها من الشيخ نبيل نعيم مسئول تنظيم الجهاد سابقا الذى يقول إن الإخوان كتبوا نهايتهم بأيديهم وأن مستقبلهم سيكون مظلما فى مصر! هل صحيح أن الإخوان فى طريقهم إلى الزوال؟! القيادى الإخوانى السابق ثروت الخرباوى له وجهة نظر فى مسألة نهاية الإخوان.. فهو يقول إن الخطأ الأكبر الذى ارتكبته جماعة الإخوان المسلمين وكل جماعات الإسلام السياسى هو أنها دخلت فى صراع مع الشعب المصرى نفسه وليس مع السلطة.. رغم أنها تريد أن تخلق لنفسها مساحة بين الشعب.. وما إن دخلت معه فى صراع فلا مستقبل لها. ويمضى الخرباوى خطوة أبعد فى شرح وجهة نظره فيقول: تبقى توابع ما يعرف بالإسلام السياسى فى محاولات البقاء.. إن ما يحدث الآن مجرد نزاعات ستنتهى قريبا لأن طاقتهم البشرية تتضاءل شيئا فشيئا والإحباط بدأ يتمكن منهم. ويعتبر الخرباوى أن عمليات العنف التى يرتكبها الإخوان وجماعات الإسلام السياسى هى مؤشر النهاية.. ويصف هذه العمليات بأنها «حشرجات ميت».. فالميت يلفظ أنفاسه الأخيرة ويخرج ما يقال عنه «حشرجة».. وهذه الحشرجة تكون مزعجة نوعا ما! ويحاول القيادى السابق ثروت الخرباوى أن تشمل وجهة نظره كل الاحتمالات المتعلقة ببقاء أو بنهاية الإخوان فيتحدث عن التنظيم الدولى للإخوان وعن قدرته على إنقاذ إخوان مصر فيقول إن التنظيم الدولى لن يستطيع عمل شىء رغم أنه يدعم ويخطط ويؤيد الإخوان فى الداخل المصرى.. ورغم أنه أيضا يقوم بالتنسيق مع الجماعات المسلحة مثل السلفية الجهادية والتكفيريين وتنظيم القاعدة.. والسبب بسيط كما يقول الخرباوى فكل هذه «الحركات» فى السابق كانت تواجه أنظمة أما الشعوب فكانت على الحياد.. بل إنها فى الحقيقة كانت متعاطفة معها.. لأن هذه الحركات كانت تستخدم الشعارات الدينية الإسلامية.. أما الآن فإن هذه الحركات تواجه الأنظمة والشعوب التى أدركت الخديعة الكبرى! وفى نفس السياق - سياق الاحتمالات المتعلقة ببقاء أو نهاية الإخوان - يقول الخرباوى إن هناك حركات شبابية أعلنت انشقاقها عن جماعة الإخوان مثل جماعة «إخوان بلا عنف».. لكن حتى هذه الجماعات لن يكون لها مستقبل.. لأنها كلها تعمل على تحسين صورة الإخوان وتنتظر الفرصة للرجوع إليها!.. تماما كما فعل حزب الوسط عام 1996 عندما خرج من الإخوان واتهمهم بالإرهاب وممارسة العنف لكن عندما سنحت الفرصة عاد إلى أحضان الجماعة.. وهكذا وإذا افترضنا جدلا عودة الجماعة مرة أخرى فإن حركة مثل إخوان بلا عنف ستعود إليها على الفور!.. ومن ثم فليس لها مستقبل! ولا تختلف وجهة نظر مسئول تنظيم الجهاد سابقا.. الشيخ نبيل نعيم! *** يؤكد مسئول الجهاد السابق أن ما يحدث على أرض مصر الآن وما سيحدث فى المستقبل من عمليات إرهابية إنما هى مخططات جماعة الإخوان التى أوصى بها المؤتمر العالمى للتنظيم الدولى للإخوان.. والذى عقد مؤخرا فى مدينة لاهور الباكستانية. ويؤكد الشيخ نبيل نعيم أيضا أن هذه المخططات تشمل استهداف الشخصيات والمنشآت العسكرية وإرباك الشارع المصرى وإنشاء ما يسمى بالجيش الحر المصرى على غرار الجيش الحُر السورى.. ثم استدعاء التدخل الخارجى ضد الحكومة المصرية الحالية بحجة أنها حكومة انقلابية.. وكذلك إثارة الفتن الطائفية.. وهو ما حدث بالفعل مؤخرا فى كنيسة العذراء بالوراق. لكن ليس لهذا كله إلا نتيجة واحدة كما يقول الشيخ نبيل نعيم.. نهاية الإخوان.. الإخوان كتبوا نهايتهم بأيديهم ومستقبلهم سيكون مظلما فى مصر.. لكن هذه النهاية مشروطة بوجود حكومة وطنية ثورية تعمل على تحقيق أهداف الشعب الذى رفع شعار «يسقط حكم المرشد»! ويصل المسئول السابق إلى نتائج حاسمة فى مسألة مستقبل الإخوان فيقول إن الحكومات «المتمايعة» التى تدعو للمصالحة على غير الإرادة الشعبية تريد أن تعيد إحياء جماعة الإخوان بعد أن لفظها الشعب.. والحقيقة أن كل دعاة المصالحة مع الإخوان نياتهم مشبوهة لأنهم يخضعون للأجندة الأمريكية والأوروبية التى تحاول إعادة الإخوان إلى المشهد السياسى.. لأنها الجماعة التى راهنت عليها الإدارة الأمريكية والمخابرات البريطانية فى تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد. هل تتحقق توقعات قيادى الإخوان السابق ثروت الخرباوى ومسئول الجهاد سابقا الشيخ نبيل نعيم؟ هل اقتربت جماعة الإخوان من محطة النهاية؟ *** يبدو غريبا أنه فى الوقت الذى يبدو فيه أن هناك شبه إجماع بين المصريين على أن جماعة الإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسى عموما.. انتهى أو على الأقل اقترب من النهاية.. يبدو غريبا أن الكثيرين من المحللين السياسيين الأجانب يؤكدون أن الإسلام السياسى باق ولن يختفى لأن التاريخ أثبت - كما جاء على لسان الدكتور جيمس زغبى رئيس المعهد العربى الأمريكى - أن التاريخ أثبت أن سحق الحركات يؤدى بها إلى العمل تحت الأرض وليس لفنائها. ونسمع رأيا مشابها من د. جولى تايلور الباحثة السياسية فى مؤسسة «راند» للأبحاث فى واشنطن فهى تقول إنه ما دام هناك مسلمون فستكون هناك شريحة من المجتمع تأمل فى قيام الدولة الدينية. ويطرح السؤال نفسه: هل انتهت جماعة الإخوان المسلمين وانتهى تيار الإسلام السياسى كما يؤمن وكما يأمل معظم المصريين أم أن الإسلام السياسى باق ولن يفنى كما يؤكد المحللون السياسيون الغربيون؟ الإجابة بالطبع يصعب التنبؤ بها لكن على الأقل وفى كل الأحوال فإن حركة التيار الإسلامى ستظل قائمة لكن الشعب المصرى وحده يستطيع أن يجعلها قائمة من خلال خطاب آخر بديل عن خطاب الإخوان.. خطاب يركز على العمل الدعوى ويرفع من قيمة العمل الإصلاحى. هذا هو واجب المصريين فى الفترة القادمة وهذه هى رسالتهم! *** المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.. وقد جربنا الإخوان وعرفنا حقيقة التيار الإسلامى السياسى.. كلهم يتاجرون بالدين وكلهم يستخدمون الدين.. فيجب ألا نسمح لهم بذلك.. مرة ثانية!