مرت ذكرى «ثورة أكتوبر» التى أطاحت عام 1964 بالنظام العسكرى الذى كان يرأسه الفريق الراحل إبراهيم عبوده، دون أن تستطيع المعارضة السودانية تحقيق أى مكاسب من وراء هذه الذكرى. فقد أرجأ تحالف المعارضة السوانية «قوى الإجماع الوطنى» توقيع الميثاق الدستورى للمرحلة الانتقالية، بعد أن كان مقرراً إقامة احتفال جماهيرى حاشد فى ذكرى «ثورة أكتوبر» يوم الاثنين الماضى. وكما تقرر تأجيل الاحتفال، تأجل توقيع وثيقة التحالف مع الجبهة الثورية التى تسعى لإسقاط نظام الحكم عبر العمل المسلح، بسبب اختلافات حول بعض بنودها. وقد تم تأجيل التوقيع على «الدستور الانتقالى» بناء على طلب بعض الأحزاب المشاركة فى التحالف المعارض. ورغم أن مسودة الدستور سُلمت إلا أن الأحزاب طلبت إمهالها فترة أخرى قبل التوقيع. وتتعرض أحزاب المعارضة السودانية لاتهامات من قبل المجموعات الشبابية المعارضة للنظام الحاكم بعدم الجدية فى معارضتها للنظام، وتتهمها بالتردد فى اتخاذ مواقف واضحة من النظام، وتحملها مسئولية عدم تصعيد الاحتجاجات الشعبية التى عمت السودان أواخر سبتمبر الماضى، لتصل بها لمرحلة عصيان مدنى يسقط النظام. ويطلق على الوثيقة التى تم تأجيل التوقيع عليها «دستور السودان الانتقالى» وتنص على تكوين مجلس رئاسى انتقالى ومجلس وزراء وبرلمان متوافق عليها، لتنفيذ مهام المرحلة الانتقالية التى لا تقل عن 30 شهراً ولا تزيد على أربع سنوات، والمتمثلة فى تصفية نظام الحكم القائم وأجهزته، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس قومية، وتنفيذ برنامج البديل الوطنى الديمقراطى. فشل الحوار ومن جانب آخر أعلن الصادق المهدى زعيم حزب الأمة عن فشل حواره مع حزب «المؤتمر الوطنى» الحاكم، بغرض إيجاد مخرج لأزمة البلاد، واشترط إيجاد البديل المناسب للحكومة الحالية لدعوة أنصاره إلى التظاهر، ووجه المهدى انتقادات إلى الحكومة وقال إن الحلول الحالية باتت «ترقيعية». وأضاف أن حزبه لم يدع الشباب للخروج فى الاحتجاجات الأخيرة برغم إدراكه حجم الأزمة التى تواجهها البلاد، بسبب عدم وجود البديل المناسب، وأوضح أن كل نشاطات الاعتصام تحتاج إلى تجهيز، ودعا إلى إجماع وطنى حقيقى لتجاوز الأزمة. ويستطرد المهدى مؤكداً أن المعارضة السودانية منعتها تناقضاتها الداخلية من اتخاذ برنامج بديل ذى جدوى، وهيكل قيادى ذى فاعلية. وأكد أن الدرس المستفاد من أحداث دول «الربيع العربى» بل وأحداث السودان نفسها، إن إسقاط النظام وحده، حتى إذا تحقق لايجدى. انشقاق فى المؤتمر هذا ويشهد حزب «المؤتمر الوطنى» الحاكم فى السودان أزمة تهدد بانقسامه، بسبب قرارات أصدرتها لجنة محاسبة حزبية داخلية بتجميد عضوية عدد من قادته تقدموا بمذكرة للرئيس البشير يرفضون فيها القرارات الاقتصادية التى اتخذتها حكومة الحزب. ويطالبون فيها بالتحقيق فى مقتل المتظاهرين السلميين وإحداث إصلاحات سياسية فى الحزب والدولة. وكان 31 من قادة الحزب فى أواخر سبتمبر الماضى قد تقدموا بمذكرة للبشير أبرزهم المستشار السابق للرئيس، رئيس كتلة نواب الحزب فى البرلمان غازى صلاح الدين العتبانى. وأدت المذكرة الإصلاحية لأزمة سياسية وتنظيمية فى الحزب. وتبعاً للمذكرة فقد شكل الرئيس البشير لجنة محاسبة برئاسة رئيس البرلمان أحمد الطاهر،فقررت تجميد عضوية المجموعة لحين اكتمال التحقيق معهم، باعتبار تقديمها المذكرة خروجاً عن اللوائح الحزبية ومساندة للتحرك المعارض الذى يسعى لإسقاط نظام حكم البشير. تعليق العتبانى وقد علق القيادى الإسلامى غازىالعتبانى والذى تصدر اسمه قائمة مجموعة المذكرة، على قرار تجميدهم فى صفحة على «الفيس بوك»، إنهم سبق أن وصفوا اللجنة بأنها غير مؤهلة لمحاسبتهم، وأن إنشاء اللجنة لم يصدر من هيئة حزبية تنظيمية، وأنها غير محايدة وقرارتها صادرة قبل إنشائها، ووصف قرار التجميد بالباطل. وسخر العتبانى من القرار بقوله «من المدهش أن بعض قيادات المؤتمر الوطنى تولى هذه المسألة كل هذا الوقت والجهد بينما تغفل عن مشاكل البلاد التى تهدد وحدتها بل ووجودها». والمشكلة أن بعض قيادات المؤتمر الوطنى يضيقون بأى رأى مخالف حتى لو صدر من داخل المؤتمر. والمطلوب إطلاق حرية التفكير، وإعطاء فرص حقيقية للمبادرات الإصلاحية التى قد تفيد الواقع السودانى المعقد. التهديد بالمحاكمات وعلى جانب أخر هدد حزب «المؤتمر الوطنى» بتقديم قيادات المعارضة إلى المحاكمة بتهم التحريض على التخريب، رداً على دعوة تحالف المعارضة، الأممالمتحدة لتشكيل لجنة للتحقيق فى مقتل المتظاهرين خلال الاحتجاجات الأخيرة. وقال القيادى فى حزب المؤتمر قطبى المهدى إن موقف المعارضة يشير إلى مدى ارتباطها بالخارج ومحاولة الاستقواء به على حكومتهم ووطنهم، مؤكداً أن قوى المعارضة لاتستطيع الوقوف على قدميها دون الاستقواء بالخارج.