هو الابن الثانى بين 8 أبناء، والده بشار يوسف جبريل فرنسيس، كان يعمل رقيبا فى الدرك.. وسواء أيام حياة أسرته فى قريتهم «نيحا الشوف» أو أيام سكنهم فى بيروت عاش وديع الصافى الفقر وذاقت طفولته وشبابه الحرمان. .. وبهبوط حاد فى الدورة الدموية كانت النهاية فى منزل أحد أولاده ال 6 فى حى الحازمية فى بيروت، ومن هذا العنوان انطلق النعش الذى يحمل جثمانه تزفه الورود ومئات من البسطاء الذين أحبهم وغنى لهم وأحبوه.. انطلق نعشه على وقع موسيقى أشهر أغانيه «طلو حبايبنا طلو» إلى نيحا الشوف.. ليسكن وديع الصافى ثراها فى المثوى الأخير. فى عام 30 (وعمره 19 سنة) سافرت أسرته إلى بيروت بحثًا عن الرزق الأوفر.. وفى مدرسة المخلص الكاثوليكية وقع وديع الصافى فى عشق المزيكا كان المارونى الوحيد فى فرقة المدرسة الكاثوليكية، وأيضًا منشدها الأول.. ودون تردد فكر أن يجعل من موهبته باب رزق ثانيًا يعول أسرته وإخوانه ال 8. .. اسم وديع الصافى.. ناله وديع بعد فوزه بالمركز الأول فى مسابقة فى الغناء والعزف والتلحين نظمتها الإذاعة اللبنانية، وكان ضمن لجنة التحكيم عدد من عمالقة الموسيقى مثل ميشال خياط وسليم الحلو وغيرهما، والتحق وديع بإذاعة الشرق الأدنى وتتلمذ على أولئك العمالقة.. سليم الحلو هو أول موسيقى عربى ألف مؤلفا لتعليم الموسيقى فى المدارس الابتدائية صدر لأول مرة عام 1968. .. وما هى إلا سنوات والتقى وديع الصافى بالموسيقار عبد الوهاب فى مصر الذى وصفه بعد أن سمعه بأنه صاحب حنجرة ذهبية، وليس من المعقول أن يمتلك إنسان حنجرة بهذه المواصفات، وبعد لقاء عبدالوهاب عام 44 ب 3 سنوات سافر وديع الصافى إلى البرازيل بدعوة من الجالية العربية هناك وظل هناك فى البرازيل لمدة 3 أعوام، وبعدها عاد إلى بيروت ليغنى أغنيته «ع اللوما» ويحوز جماهيرية بين المستمعين اللبنانيين لم يحصل عليها مطرب من قبل، وفى مصر وصفه النقاد بأنه مبتكر الأغنية الصافية، نسبة إلى الاسم أطلقوا عليه.. وديع الصافى. .. وفى سن ال 31 تزوج وديع الصافى من إحدى قريباته السيدة ملفينا طانيوس فرنسيس، ورزق منها ب 6 أولاد وبنات، هم: دنيا ومرلين وفادى وانطوان وجورج وميلاد. .. وفى وقت الحرب الأهلية اللبنانية فى السبعينيات رحل وديع الصافى إلى مصر عام 76، ثم غادر مصر إلى لندن واستقر فى باريس عام 1978. مغادرة الصافى لبيروت لم تكن هروبًا، وإنما كانت الشكل الذى اختاره لإعلان اعتراضه على الحرب الأهلية التى تأكل نيرانها الوطن كله.. لبنان معشوقته الأبدية. .. عملية تطوير الأغنية اللبنانية مهمة وديع المقدسة التى صنعت منه «قديس الطرب» بدأها وديع فى مهرجانات بعلبك، هذه المهرجانات كانت بمثابة الورشة التى شارك فيها وديع الصافى مع رفاق الدرب الفنى «فيلمون وهبى، والأخوين رحبانى وذكى نصيف، ووليد عليمة، وتوفيق الباشا» وغيرهم فى هذه المهمة المقدسة «نهضة الأغنية اللبنانية». .. وديع الصافى شارك فى مهرجان بعلبك لأول مرة عام 59 والذى حمل وقتها عنوان «العرس فى القرية» ثم عاد وشارك فى مهرجان بعلبك عام 64 والذى حمل عنوان «أرضنا إلى الأبد» وفى مهرجان بعلبك الذى أقيم عام 73 و74 قبيل اندلاع الحرب الأهلية فى لبنان مباشرة.. وبين هذه التواريخ شارك وديع فى مهرجانات الجبل عام 60 والأرز عام 63، ونهر الوفا عام 65، وأصيب هذا المهرجان كما يقول مؤرخو هذه الفترة بالفشل ولم يحقق الإيرادات المنتظرة، عام 69 شارك وديع الصافى فى مهرجان مزيارة وعام 70 و72 شارك فى مهرجان بيت الدينى. .. ولم يغب فى السنوات الأخيرة نهائيا وديع الصافى عن أية مسابقات لاكتشاف المواهب الموسيقية والغنائية فى أى موقع بالوطن أو فى أى فضائية من الفضائيات. .. وفى السينما لم يكن لوديع الصافى حضور مكثف، ظهر فى فيلم «الخمسة جنيه» وفى فيلمى «موال ونار الشوق». .. عمل مع ملحنين عدة، ولكن كان يفضل التلحين لنفسه لأنه كان يدُخل الموال فى أغانيه (هذه سمته المميزة وسر ذيوع صيته). لحن له عبد الوهاب وفريد الأطرش.. وإن غابت أغانيه عن أذن الجيل الجديد فى بلدنا مصر لا تغيب أغنيته الشهيرة (عظيمة يا مصر يا أم النعم). .. وفى الثمانينيات وبعد انتهاء الحرب الأهلية ونتيجة للظروف التى عاشتها لبنان وقت الحرب وبعدها اتجه وديع إلى الغناء الروحى «الترانيم». .. وفى عام 1991 شعر وديع الصافى لأول مرة أنه موجوع القلب وعمل عملية قلب مفتوح ظن الجميع أنها سوف تمنحه إذن التقاعد، لكن عشق وديع الصافى للغناء يكذب كل الظنون ويستمر. وقبل عام تقريبا لبى وديع الصافى دعوة من أحد المنتجين اللبنانيين لإحياء حفلات فى بيروت وخارج لبنان مع المطرب جوسيه فرناندير والمطربة حنين. .. دولاب وديع الصافى فى غرفته الخاصة يحمل تذكارات 80 سنة غناء صورًا ورسائل وأوراقًا وخمسة أوسمة لبنانية.. نالها وديع الصافى من خمسة رؤساء فى لبنان.. من كميل شمعون وفؤاد شهاب وسليمان فرنجيه ونال من إميل لحود وسام الأرز برتبة فارس، ومنحته جامعة الروح القدس فى المكسيك دكتوراه فخرية فى الموسيقى عام 91. فى كاتدرائية مارى جرجس فى وسط بيروت أقيم عزاء وديع الصافى الأسبوع الماضى وحضره حشد من الشخصيات السياسية والفنية ومئات من محبيه وعشاقه. .. حضره من نجوم الغناء صباح فخرى والمطرب السورى المعروف عابد فهد، ومرسيل خليفة وماجدة الرومى وعاصى الحلانى ووليد توفيق وإلياس رحبانى وإليسا وكثيرون.