استطاعت وللمرة الثالثة الاحتفاظ بلقب أقوى امرأة فى العالم، وبرغم أعوامها ال 59 حافظت وبمرونة مدهشة على قدراتها فى المناظرة التاريخية رغم إحرازها لفوز صغير لا يتعدى ال 5% من الأصوات عن أقرب الأحزاب المنافسة وأهمهم الحزب الليبرالى المنافس، وبالتالى فهى مضطرة للانضمام إلى ائتلاف حكومى للاستمرار وهو أمر لا يفت فى عضد (سيدة ألمانيا القوية) التى تبنت سياسة الشدة فى مواجهة العاصفة الاقتصادية التى واجهت بعض دول الاتحاد الأوربى وقد نزعت أناملها الحديدية من القفاز الهفهاف ل (نون النسوة) لتشير بإصبع من الفولاذ للدول التى سقطت فى هوة المعاناة الاقتصادية - وبدون عواطف مريضة- بأنه على كل طرف من أطراف الأزمة الاعتماد على الذات وليس على الآخرين !! وكالعادة فالسيدة (ميركل) لا تكذب ولا تتجمل.. فالمرأة الحديدية اختارت عدم خوض معارك الفشل الاقتصادى بالوكالة عن أصحاب القضية أنفسهم وهى صامدة خلف الخيار الوحيد الذى تتبناه عبر مدتيها السابقتين وهو شعار (مصلحة ألمانيا ..أولاً) لذا لم تسقط فى فخ الطموح (الساركوزى) الفرنسى السياسى الواهم فى بحثه الدائم عن مقعد الزعامة ليكون فى مقدمة الاتحاد الأوربى، وكان همها الأول هو الحفاظ والاستمرار فى تحقيق العملقة الإنتاجية والغلبة الاقتصادية وتسجيل أقل مستوى للبطالة للاحتفاظ بالرضا الشعبى على أدائها رغم عدم تحسن مستوى الدخل القومى للفرد بالإضافة لتجنبها الزج بقواتها المسلحة فى حروب بالإنابة وهو ما تورطت فيه بعض دول الاتحاد الأوربى إرضاءً للحليف الأمريكى حرصاً على الفوز بالأنصبة الوافرة المحتملة عندما يحين وقت تقسيم الغنائم . فالعملاق الألمانى الذى خاض الحربين العالميتين لم يتخط بعد مآسى تلك الحروب ولذلك نجحت ميركل فى تجنب إثارة الجماهير الألمانية وتجنبت قبول الانضمام لهذه الحروب رغم أنها عضو فاعل فى حلف الناتو، ولعل تلك النجاحات الواقعية توضح أسباب نجاحها الثلاثى لتكون هى الزعيمة الوحيدة التى أعيد انتخابها منذ الأزمة الاقتصادية فى حين لم يفز أى مسئول أوربى بولاية ثانية فى الانتخابات التى عقدت فى أسبانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا أما فى ألمانيا الموحدة فقد نجح كل من كونراد أديناور وهيلموت كول - مخطط ومنفذ الوحدة الألمانية عام 1990 - فى الفوز بمنصب المستشارية لثلاث مرات . ورغم هذه الشعبية المطلقة التى تمتعت بها المرأة الحديدية طوال السنوات الماضية وتنتظرها لأربعة أعوام قادمة فهناك تحذير موجه إليها جاء على لسان عدد من المحللين السياسيين بظهور حزب معارض لليورو باسم (بديل لألمانيا) يقود حملة لاستغلال الرفض الألمانى لخطط إنقاذ جنوب أوربا ونجح رغم حداثته فى حصد 4.8% من أصوات المعارضة وهو قريب جداً من نسبة ال 5% اللازمة لدخول مجلس النواب وهذا يعنى جرس إنذار للمرأة الحديدية التى ألفت الفوز كى تحسب بدقة خطواتها التالية ليستمر النجاح لأن الاقتصاد لا يعترف – فقط- بالنوايا الحسنة!