بعد ثلاث سنوات قضاها الملا عبد الغنى برادار القيادى بحركة طالبان فى السجن كثرت التساؤلات حول الدور الذى يمكن أن يلعبه برادار الذى كان فى يوم من الأيام الرجل الثانى فى حركة طالبان والذى أفرجت عنه باكستان خلال الأيام الماضية. يقول محمد حسين حقبار، وهو أحد المحللين فى كابول وأحد العارفين بأحوال طالبان: إن تحقيق ذلك لن يكون بهذه السرعة، لأن برادار سيكتشف أن المشهد السياسى والعسكرى قد تغير بعد اعتقاله قبل ثلاث سنوات، لذا سيحتاج لأخذ قسط من الراحة وتحديث معلوماته بشأن التشكيلات العسكرية الجديدة وأنماط نشرها وتقييم التفكير الجديد لدى اللاعبين بما فى ذلك قيادة طالبان. وأضاف حقبار أن الملا برادار لو ترك لحاله فى باكستان سينضم من جديد إلى حركة التمرد أما إذا كان الإفراج عنه مشروطا لتحريك عملية السلام فإن التكهنات بشأنه ستكثر. ويرى المحلل رحيم بوسفزاى أن أهمية برادار تضاءلت كثيرا خلال مدة حبسه فى باكستان ومن ثم فليس من المرجح أن تقبله طالبان وسيطا لخشية الحركة من أنه بات تحت نفوذ المخابرات الباكستانية . ويتفق مسئول فى طالبان مع هذا الرأى متوقعا أن يعيش برادار بهدوء فى مدينة كراتشى وربما يستخدم كناقل للرسائل من حين لآخر لكنه لن يستعيد مكانته فى مجلس شورى الحركة المعروف ب «شورى كويتا». ويعتقد المحللون أن كابول تأمل فى أن يكون الملا عبد الغنى برادار قادرا على إقناع قادة طالبان بالجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة الأفغانية والقوى الغربية التى يمثلها الناتو وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية فى ابريل المقبل وانسحاب قوات حلف الأطلسى بحلول نهاية العام القادم وهو ما دعا الرئيس الأفغانى حامد قرضاى بمطالبة باكستان بالإفراج عنه خلال زيارته الأخيرة لإسلام أباد. وكان الملا عبد الغنى برادار الذى أفرجت عنه باكستان بعد أكثر من ثلاث سنوات قضاها فى السجن الذراع اليمنى لزعيم حركة طالبان الأفغانية الملا محمد عمر، واعتقل برادار فى مدينة كراتشى فى مطلع عام 2010 فى عملية مشتركة بين وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «السى آى ايه» وجهاز المخابرات الباكستانى، وقد حظى اعتقاله بالإشادة والترحيب من قبل قوات الناتو واعتبر بمثابة دليل على نجاح شراكة الحرب على الإرهاب التى جمعت بين واشنطن وإسلام أباد . وقد بدأ عبد الغنى برادار نشاطه منذ عام 1968 فى ولاية اوروزغان الجنوبية وحارب قوات الاحتلال السوفيتى أواخر الثمانينيات قبل أن يصبح أحد مؤسسى حركة طالبان، وعندما تولت حركة طالبان مقاليد الحكم فى أفغانستان عام 1996 بعد أعوام من حرب أهلية كان برادار وقتها الصديق المقرب للملا عمر فصعد ليصبح كبير الاستراتيجيين العسكريين فى الحركة، وفى ديسمبر 2006 قتلت القوات البريطانية فى ولاية هلمند الملا اختر عثمانى المسئول السابق عن العمليات المسلحة والعضو فى مجلس «شورى كويتا» لطالبان وبعد بضعة أشهر لقى الملا دادا الله قائد طالبان الكبير مصرعه أيضا فى جنوبأفغانستان، وقد أدت تلك الخسائر إلى ترقية الملا برادار ليصبح رئيس اللجنة العسكرية فى طالبان أى أنه هو الذى يعين القادة الميدانيين. وتشير أغلب التقارير إلى أن الملا برادار يعتبر المهندس الفعلى لسياسة الحركة العسكرية حيث أعد مقاتلى الحركة لحرب العصابات طويلة الأمد لمواجهة التفوق العسكرى الواضح للقوات الأجنبية فى أفغانستان . وفى الوقت الذى ظل فيه الملا عمر مطاردا كان برادار الزعيم الأبرز فى حركة طالبان وقد أتاح اعتقاله للباكستانيين الذين غالبا ما اتهموا بلعب دور مزدوج مع الغرب بدعمهم السرى لطالبان أن يظهروا حسن نيتهم تجاه واشنطن. وقد جاء الإفراج عن برادار على أمل انه قد يقوم بدور كبير لحل النزاع القائم منذ سنوات بين الحركة من جهة وحكومة طالبان والقوى الغربية من جهة أخرى رغم كل التجارب السابقة من عمليات الإفراج عن مقاتلى طالبان الذين غالبا ما عادوا إلى العمل المسلح إلا أن الإفراج عن برادار هذه المرة حسب المحللين سيكون مرهونا بقدرته غير المؤكدة حتى اليوم على كسب المكانة التى تمتع بها فى صفوف طالبان فى السابق .