الطبقة الوسطى فى المجتمعات هى التى غالبا ما تلهم الثورات بالشرارة الأولى فهى أكثر فئات الشعب تأثرًا بالتغيرات الاقتصادية فالأغنياء والفقراء لا تؤثر فيهم هذه التغيرات كثيرا ولكن الطبقة الوسطى هى دائمًا فى حالة صراع بين عدم الهبوط الى الفقر وحلم الصعود إلى الثراء وهذا ما يجعل هذة الطبقة الاجتماعية تغير مصائر الأمم عندما تنتفض، وهذه الطبقة هى وقود المصانع والتقدم والنمو، وهذا ما دفع أحد الصحف الألمانية أن تصف الانتفاضات الجماهيرية التى تشهدها حاليا كل من مصر وتركيا والبرازيل بالتحديد بأنها دليل واضح على أن الطبقة البرجوازية هى التى أصبحت تدير مسار التاريخ، ورغم أنى اتفق مع هذا إلى حد ما إلا أننى أرى الوضع مغاير فى مصر، ففى كل الدول التى قادت فيها الطبقات الوسطى ثورات وانتفاضات حصلت فى المقابل على امتيازات معيشية، أما فى وطنى العزيز فالطبقة الوسطى تقدم التضحيات وتنتفض من أجل أن يزداد الأغنياء غنى ويزداد الفقراء فقرا لتبقى بينهما طبقة مفرومة هى الطبقة الوسطى. والحكومات لا تفكر فى الغالب فى أبناء هذه الطبقة فأنا لم أرى أى من الوزارات التى تشكلت مؤخرا تتحدث عن دعم الطبقة الوسطى والجميع يتحدث عن محدودى الدخل (الفقراء) أو عن دعم الطاقة لمصانع الاغنياء لتصدر منتجاتها للخارج وعندما خرجت حكومة الببلاوى علينا مؤخرا معلنة إلغاء مصروفات المدارس الحكومية لم تشغل بالها ولو للحظة أن هناك فئة أخرى تعانى وتحرم نفسها من متع الدنيا حتى تلحق أولادها فى مدارس خاصة وأنا هنا لا اتحدث عن المدارس الأجنبية ذات المصروفات الباهظة ولكن اتحدث عن مدارس الطبقة المتوسطة التى فى الغالب تكون تابعة للمعاهد القومية، فهل فكرت الحكومة ولو للحظة أن تتحدث مع المسئولين عن هذه المدارس فقط حتى لايرفعوا المصروفات؟ بالطبع لم ولن يحدث هذا وتظل هذه الطبقة فى صراع مع الحياة من أجل الحصول على حياة كريمة من المفترض أن توفرها الدولة لهم، وكل من اعرفهم من أبناء هذه الطبقة يعملون فى أكثر من وظيفة ويقضون أوقاتا كثيرة فى أشغالهم فقط لتأمين التعليم والصحة لأبنائهم ويظل رب الأسرة فى صراع حتى تنفذ صحته وتفاجىء به أسرته بين أحضان القبر، وهذا ما حدث مع زميلى وصديقى المخرج هيثم عبد الرءوف الذى كان يواصل الليل بالنهار يعمل من أجل أبنائه فقط لتوفير حياة كريمة وانشغل عن الاهتمام بصحته فوافته المنية وهو يعمل وأدرك تماما أن هذا قضاء الله ولكن علينا أن نأخذ بالأسباب فهذا الشاب الذى مات نتيجة انفجار أحد أوردة القلب لم يجد لديه من الوقت ما يخصصه للعناية بصحته وأيضا لم تهتم به الدولة فتوفر له حياة كريمة يقضى فيها فقط قسط من الراحة مع أبنائه وبدلا من أن ينشغل فقط بتوفير أشياء من المفترض أن تكفلها له الدولة والحكومات، واتذكر دوما مايردده معظم فئات الطبقات الوسطى مثل:«انا اعمل من أجل تأمين مستقبل أولادى وإدخار بعض المال للعلاج فى الكبر» وكأن من يقول هذا ليس له حق فى هذا البلد، حق فى أن ترعاه وترعى أبنائه.. صديقى العزيز الذى رحل سأفتقدك كثيرا ولكن موتك دائما سيذكرنى ٍأن أبناء الطبقة المفرومة سوف يبقوا فى صراع البحث عن الحياة الكريمة والستر.