إن الغاية القومية لأية دولة ، هي المحور الذي تدور حوله سياستها الداخلية والخارجية ، وداخل إطار هذه الغاية تتشكل المهام المطلوب إنجازها ، كما تتفرع منها الأهداف القومية القريبة والبعيدة بحيث يتجسد شكل ومحتوى هذه الأهداف على النحو الذي يساعد على إنجاز المهام وتحقيق المصالح الوطنية . بالتالي يتم تنظيم شؤون الحياة في الدولة، ويوحِد عمل المؤسسات فيها، بما يفرض مكان هذه الدولة ضمن الأسرة الدولية ويضبط علاقاتها مع الدول الأخرى، ويكفل لها الاستقرار والاستمرار والازدهار. ولأن مصر دولة عظيمة ولها تاريخ ممتد عبرآلاف السنين ، فمن الواجب على رئيس الدولة ورئيس الحكومة أن يحدد غاية قومية لهذه الدولة ، خاصة أننا فى مرحلة هامة وهى مرحلة وضع خارطة طريق «مستقبل» لهذه الدولة من أن يمتد لسنوات قادمة ، فالأزمة التى كانت تعيشها مصر خلال العقود الماضية هو غياب الغاية القومية ، فلم تحدد لمصر غاية قومية بعد حرب أكتوبر واستطاع الشعب بالكامل أن يعمل فى هذا الاتجاه وكانت النتيجة ، انتصار أذهل العالم ، وغير النظريات العسكرية ، وعقب انتصار أكتوبر وخلال فترة الإعداد لمعاهدة السلام ، لم تحدد بعد تلك المرحلة غاية قومية للدولة ، فأصبحت فى حالة تخبط غير مسبوق أدى الى أزمات متتالية ، جعلتنا نعيش الحالة الحالية من التدهور الاقتصادى والتعليمى والعلمى ، فلو وضعت القيادة السياسية للدولة غاية قومية لمصر ، وتم سن القوانين والتشريعات التى تخدم تلك الغاية ، لكانت مصر من أوائل الدول تقدما ، خاصة وأنها مستندة على تاريخ عظيم من الحضارة والتقدم والازدهار . لقد وضع محمد على غاية قومية لمصر وهو أن تصبح دولة عظيمة بل وتستعيد الإمبراطورية المصرية دورها فى مواجهة الدولة العثمانية ، ونجح محمد على حتى كادت جيوشه تصل أبواب الآستانة ، عاصمة الدولة العثمانية ، فتكالبت علية الدول الأوربية بمعاونة السلطان العثمانى ، وكانت اتفاقية لندن ، التى أقيل بها محمد على من حكم مصر من أجل تدمير المشروع المصرى «الغاية القومية» وجاء عبدالناصر ووضع لمصر غاية قومية وهو أن تصبح مصر حجر الزاوية فى المنطقة العربية والشرق الأوسط بأكمله، وأن تصبح قلعة صناعية ، فأقام مصانع الصناعات الثقيلة، إلى أن جاءت نكسة يونيو 1967 ، فأصابت الغاية القومية بعض التغيير ، لتصبح الغاية القومية والهدف القومى هو تحرير الأرض ، فهل تحدد لنا القيادة السياسية الحالية غاية قومية ، تمنع التخبط خلال المرحلة المقبلة ، وتحدد المسار السليم للدولة؟ فإذا لم تستطع الحكومة الحالية والقيادة السياسية وضع غاية قومية لهذا الوطن خلال ال 50 عاما القادمة على الأقل ، فستظل مصر فى حالة تخبط لسنوات. [email protected]