احتفلت المملكة المغربية السبت الماضى بعيد الولاء أو ما يسمى ب «البيعة» أو « يوم العرش» الذى يعتبر العيد القومى للمغرب لذكرى تولى الملك محمد السادس لعرش المغرب حيث يمثل تجديدًا للعهد ما بين الملك ورعيته بأن يحكمهم ويرعاهم بمقابل ما له عليهم من طاعة، فيما بدأ الاستعداد لهذا اليوم التاريخى بعد أن أعلنت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة بتحديد عصر يوم السبت الموافق 10 أغسطس موعدا للحفل والذى أقيم بساحة المشور السعيد بالقصر الملكى بالرباط مقترنا بموجة من الانتقاد اجتاحت الأوساط المغربية لرفض بعض ممارسات ذلك الاحتفال التى اعتبروها تتصف بالعبودية. يرجع تاريخ حفل الولاء الملكى بالمغرب لعام 1934 من قبل القوميين المغاربة الذين كانوا راغبين فى تحدى السلطات الفرنسية بعد رحيلها وذلك فى عهد الملك محمد الخامس لتجديد الولاء والبيعة له ذلك الحفل الذى كان مقدسا لعهود طويله سبقت الاستعمار حيث يرجعونها لبيعة الرضوان التى بايع بها المسلمون النبى تحت ظل شجرة، باعتبارها عقدا سياسيا ودينيا شاملًا أى عقد سياسى واجتماعى وروحى ودينى مبرما بين الملك والرعية وهو مصدر شرعيته باعتباره أمير المؤمنين. وفى عهد الملك الحسن الثانى أعيد الاحتفال به ضمن خطة وضعها لاستعادة التقاليد المغربية ومحو ما تبقى من الاستعمار الثقافى الفرنسى بعد إجلائه والذى كان من اهمه مراسم الاحتفال بيوم البيعة و الزى المغربى الذى يعود للقرن التاسع عشر وهو الزى الذى كان يلبسه المبعوثون من طرف السلطان إلى زعماء أوروبا كنابليون والملكة فيكتوريا وهو عبارة عن جلباب وبرنس وتحتهما قفاطين فى زى موحد بلون أبيض شفاف صيفا وأبيض خشن من الصوف شتاء وفى القدمين نعل جلدى أصيل أبيض أو أصفر وتوضع على الرأس عمامة أسفل طربوش مغربى أحمر ،ثم خلده الرسامون الأوروبيون فى لوحاتهم عوضا عن الملابس الاوروبية التى فرضها الاستعمار فى الحفلات الرسمية بينما استحال انتزاع اللغة الفرنسية كلية من الثقافة المغربية. يشترط البروتوكول الملكى لهذا الحفل أن يقام بحضور ممثلى الشعب المغربى المنتخبين ورجال السلطة و الوزراء ورجال القصر بالإضافة للاعيان والوفود القادمة من المحافظات و الأقاليم ومن أنحاء البلاد و يتم استقبالهم فى خيام تقام بساحة القصر، فيما يبدأ يوم الحفل باصطفاف هؤلاء فى صفوف متوازية يتوسط كل صفين صف من العبيد مرتدين الزى المغربى بانتظار الملك الذى يظهر وهو يمتطى فرس أسود بكامل زينته أو راكبا العربة الملكية أو سيارة بيضاء مرتديا برنس و قفطان من القطن يعصب برباط ذهبى عند الوسط ، وبينما دخل الملك محمد السادس ممتطيا جواده الأسود وهو محاطا برجال قصره و حاشيته و مظلل بمظلة كبيرة من القطيفة الحمراء يمسكها قائد البلاط الملكى ومن ثم قدم كبار رجال الدولة و الوزراء والعاملين بالأقاليم ولائهم وبيعتهم للملك ثم يتبعهم الموفدون الممثلون للشعب حيث يبدأ الخدم أو العبيد المصطفين بين الصفوف بالهتاف بالمبايعة نيابة عن الملك قائلين «الله يرضى عنكم.. قال لكم سيدى.. نعم أسيدى» ثم يعودون بالرد نيابة عن الممثلين للشعب فيقولون «الله يبارك فى عمر سيدى.. نعم أسيدى». حيث يعاودون ترديد ذلك خمس مرات بينما ينحنى الجميع للملك حتى اختتم الحفل باطلاق خمس طلقات من المدفعية بينما يرد الملك على تحية الحضور وهتافاتهم له ومصافحتهم المقترنة بانحناءة لتقبيل يده، بعد ذلك يعود الملك إلى قصره وقد تم التصديق الشعبى على وراثة عرش أسلافه مدة عام آخر قابلة للتجديد بنفس الطقوس التى لا تعدو أن تكون بروتوكولية تجسد عراقة الملكية فى المغرب والتحامها بالشعب... انتقادات شعبية ويلقى الاحتفال بيوم الولاء انتقادات عدة من المجتمع المغربى ولاسيما دعاة المدنية من الحقوقيين و السياسيين الذين يرون فى تلك الطقوس انتقاصا من النظام البرلمانى الدستورى المقرر بدستور مملكة المغرب باستفتاء شعبى تم فىيوليو عام 2011 فضلا عن اعتباره تقليلا من الكرامة بينما يتشبث بها التيار المحافظ باعتبارها تقليدا تراثيا و تاريخيا مميزا بالثقافة المغربية و متصلا بهويتها. حيث أعلن أحد أعضاء مجلس النواب عن عدم حضوره الحفل معتبرا أن الركوع و السجود لا يجب إلا لله قائلا «..نعم نحب الملك..نهتف بحياته و بحياة الشعب المغربى المجاهد ...لكن اعذرونى فالسجود و الركوع لا يكون إلا أمام رب العالمين». بينما انتشرت بمواقع التواصل الاجتماعى انتقادات لاذعة تركز خلالها تسميه المراسم ب «حفل البلاء» فكتب احدهم :» فعلا انه حفل البلاء فالركوع لغير الله مذلة .الله جعل صلاة الجنازة مافيها لا ركوع لا سجود غير باش مانركعوش ونسجدوا لبشر فما بالك بهاد التخربيق ديال حفل الولاء «بينما كتب اخر :» لابسا ثوبا أبيضا، راكبا على فرس، واقفا تحت مظلة يحملها رجل أسود، و أمامه صفوف من الناس، يركعون له تباعا. إذا قرأ أى شخص من العالم المتحضر، هذا السطر، سوف يدرك أن الأمر يتعلق بطقس وثنى يعود إلى آلاف من السنين، و سيرجح أن الطقس هذا يتعلق ربما بحضارة المايا أوالأزتيك أو مصر القديمة. فإذا أخبرته أن الأمر يتعلق بطقس يمارس فى القرن ال21، سيقول أنك تمتلك روح دعابة قوية! و إذا رفعت التحدى وأريته تسجيلا مرئيا لهذا الطقس، سوف لن يساوره شك فى أن ما يشاهده ليس سوى فيلم وثائقى يحاكى تلك الطقوس الوثنية. أما إذا قررت أن تضعه فى الصورة، فكن على يقين أن الرجل سيحمل أغراضه و يأتى إلى المغرب فورا، لكى يجرب الحياة فى العصور الوسطى». فيما قال احد النشطاء : «بالنسبة للركوع فى حفل الولاء .. واش الواحد خصو يكون موضى ولا يكتفى بالتيمم ولا غير يركع بلا وضوء ؟» حتى قام عدد من النشطاء بإقامة ما اسموه ب «بيان الكرامة» دعو فيه لمقاطعة تلك الطقوس باعتبارها تتنافى مع قيم المواطنة وتسيئ إلى سمعة المغرب وأهله.