لاشك أن تهديدات رئيس إقليم «كردستان العراق» مسعود بارزانى بالتدخل فى الصراع السورى لحماية حياة المدنيين الأكراد فى سوريا، فى حال ثبوت تعرضهم للقتل على أيدى من وصفهم بالجماعات الإرهابية يدفع إلى احتمالات تحول الحرب الأهلية فى سوريا إلى صراع إقليمى، عرقى وطائفى شامل. وخلال أسابيع من الاشتباكات فى المناطق الكردية فى شمال شرق سوريا بين أكراد سوريا والفصائل المتمردة المتطرفة والتى أسفرت عن مقتل العشرات من الجانبين يتضح أن القتال الدائر هناك فى حقيقته هو صراع للسيطرة على المنطقة الغنية بالنفط بالقرب من الحدود العراقية وهو فاصل آخر من فصول الحرب الأهلية التى تزداد تعقيدا ودموية فى سوريا. وفى سياق متصل أمر بارزانى بتشكيل لجنة، للتوجه إلى «غرب كردستان» للتحقيق فى مزاعم بوجود مجازر جماعية ضد الأكراد فى سوريا وأوضحت اللجنة أن قيادة إقليم كردستان لن تقبل تحت أى ظرف أن تعود جرائم الإبادة التى اقترفها النظام البعثى السابق بالعراق مرة أخرى الشعب الكردى بأى كما أنها لن تقبل، ولن نقبل مطلقا السكوت عن تحركات جهات أو منظمات إرهابية تحاول إبادة أو قتل الشعب الكردى. وفى إطار دعم حزب الوطنى العراقى الكردى لأكراد سوريا أرسل أكراد العراق مساعدات غذائية وطبية وإمدادات وقود إلى جانب الدعم «اللوجيستى» للمقاتلين هناك، وذلك لتمكين أكراد سوريا من الدفاع عن أنفسهم وعن أراضيهم وحرياتهم وحماية أرواح مواطنيهم مما يزيد من نفوذ البارزانى الذى قام بتشكيل الهيئة الكردية العليا أواخر العام الماضى، التى ضمت كلا من أحزاب المجلس الوطنى الكردى، وحزب الاتحاد الديمقراطى(بى واى دى) الذى يبسط سيطرته شبه المطلقة على المناطق الكردية بالداخل، والموالى لحزب العمال الكردستانى التركى المحظور ولكن التطورات التى شهدتها المناطق الكردية بسوريا مؤخرا، وتحديدا انتشار مقاتلى جبهة النصرة المتشددة ودولتى الإسلام بالشام والعراق، وسط تقارير عن ارتكابهم مجازر جماعية فى المناطق الكردية، كسر حاجز الصمت لدى حزب المجلس.. ويذكر ان أكراد سوريا أقاموا عمليا حكما ذاتيا فى اقصى شمال شرق البلاد تحت مسمى «الوطنى الكردى» حيث يتركز السكان الأكراد، وذلك فى ظل ضعف قبضة الرئيس بشار الأسد على الأراضى السورية ,لكن أكراد سوريا اشتبكوا ايضا مع مقاتلين جهاديين سنة يتزعمون انتفاضة ضد الأسد. ويعد الأكراد فى سوريا هم أكبر أقلية عرقية، يمثلون أكثر من 10 فى المئة من 23 مليون نسمة فى البلاد، ويتركز وجودهم فى المناطق الشمالية الشرقية الفقيرة من الحسكة والقامشلى، الواقعة بين حدود تركيا والعراق، كذلك هناك أيضا العديد من الأحياء ذات الأغلبية الكردية فى العاصمة دمشق، وحلب كبرى المدن السورية وكانوا قد تعرضوا للتمييز فى ظل حكم بشار الأسد ووالده من قبله الذى جرد أكثر من 100 ألف من جنسيتهم، ولذلك فإن انتفاضة أكراد سوريا ضد الأسد تمثل فرصة لكسب قدر من الحقوق التى يتمتع بها جيرانهم فى كردستان العراق. وينتهج إقليم كردستان العراق الذى له حكومة مستقلة وقوات مسلحة خاصة به سياسات مستقلة بدرجة متزايدة فى مجالات الطاقة والشئون الخارجية مما يثير حفيظة الحكومة المركزية التى يهيمن عليها الشيعة فى بغداد بل وتتناقض سياسة إقليم كردستان تجاه سوريا مع نهج حكومة بغداد حيث قال رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى وهو شيعى إن العراق لن يتدخل فى الصراع فى سوريا.