أمريكا لا تريد أن ترى.. أو فقدت القدرة على الإبصار، فعندما يرى العالم ويشهد أكثر من 30 مليون مصرى يملأون كل ميادين مصر رافضين الإرهاب، رافعين لافتات «لا للإرهاب»، مانحين الجيش المصرى التفويض لمقاومة الإرهاب.. لاترى أمريكا.. أو تغمض عينيها حتى لاترى. الولاياتالمتحدة تعتبر أن ماجرى فى مصر يوم 30 يونيو ليس ثورة شعبية أطاحت بالرئيس المعزول محمد مرسى، إنما كان انقلاباً عسكرياً، فهددت بقطع المساعدات العسكرية، وجمدت تسليم طائرات «f16» للجيش المصرى. المثير للسخرية أن أمريكا تتحدث عن الانقلابات العسكرية، وكأنها حريصة على الديمقراطية. فأمريكا صاحبة أكبر ديمقراطية فى العالم، هى التى وقفت وراء عشرات الانقلابات العسكرية فى أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، إضافة إلى الحروب التى شنتها وأدت لتدمير دول وقتل ملايين البشر تحت زعم حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان. أمريكا التى نظمت انقلابات على الديمقراطية فى شيلى والأرجنتين وجواتيمالا وهاييتى وبنما، وحاولت فى فنزويلا وفشلت، وحاولت فى كوبا وفشلت. وكانت وراء العديد من الانقلابات العسكرية فى أفريقيا مثل الكونغو وغانا ونيجيريا، وهى التى نظمت الانقلاب على مصدق فى إيران. وأمريكا هى التى شنت الحرب على أفغانستان والعراق، مما أدى إلى تدمير هذه الدول.. ودعمت معظم الأنظمة الديكتاتورية والقمعية فى العالم. هذا بعض من كل للسجل الأسود لأمريكا التى تعطى الدروس فى الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وهى فى واقع الأمر نموذج للدولة التى تمارس كل أشكال سياسات الهيمنة من قمع وإرهاب وحروب وانقلابات واغتيالات فى كل أنحاء العالم. لقد وضعت مليونية « لا للإرهاب» أمريكا والغرب فى مأزق أخلاقى.. فعندما يخرج أكثر من 30 مليون مصرى يقولون «لا للإرهاب» لاترى أمريكا ولايرى الغرب، ويبدو أن ماما أمريكا تمتلك الحق الحصرى لعبارة «لا للإرهاب» ولاتسمح لأحد آخر باستخدامها، وبخاصة لو كان من المسلمين الذين تحاول أمريكا أن تلصق بهم ودون غيرهم تهمة الإرهاب. أليس هذا هو الإرهاب الذى كانت تحاربه أمريكا منذ هجمات 11 سبتمبر؟ نحن الآن فى مصر نحارب ضد جماعات التطرف التى اتخذت من الإسلام الوسطى المعتدل ستاراً لكل ماهو ضد الإسلام من عنف وإرهاب. لقد أرسل ملايين المصريين رسالة فى غاية الوضوح إلى العالم أجمع، قلناها بأعلى صوت «نحن ضد الإرهاب.. نحن ضد العنف» ورغم ذلك فأمريكا لاتريد أن ترى أو تسمع. كل هذا يدفعنا لأن نتساءل.. ماذا قدم نظام مرسى والإخوان لأمريكا حتى يحصلوا على كل هذا الدفاع؟.. ماذا قدموا لإسرائيل؟.. أم أن هناك صفقة إقليمية أفسدها السيسى ومعه ملايين المصريين؟ أما حكاية المساعدات العسكرية التى تهدد أمريكا بقطعها، فقد بدأت بعد توقيع مصر اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1979، وكانت أمريكا وقتها تتوق لبناء علاقة قوية مع مصر. ولأن مصر لم تكن قادرة على شراء أسلحة باهظة الثمن، فقد سمح البيت الأبيض لمصر باستعمال «تمويل التدفق النقدى» لوضع طلبيات السلاح لدى شركات أسلحة أمريكية تفوق قيمتها ما يخصصه الكونجرس للمساعدات العسكرية لمصر. وضمن هذه الآلية، استطاعت مصر وضع طلبيات كبيرة للحصول على معدات يتطلب إنتاجها وتسليمها سنوات، على افتراض أن الكونجرس سيواصل تخصيص الكمية نفسها من المساعدات العسكرية كل عام. ومن عام2008 إلى 2012 وافقت واشنطن على طلبيات عسكرية لمصر تفوق قيمتها 8.5 مليار دولار، على الرغم من أن الكونجرس رصدد 6.3 مليار دولار فقط من المساعدات الدفاعية للقاهرة فى تلك الفترة!. إن صيغة التمويل المعقدة تجعل التوصل لقرار سياسى بشأن مستقبل المساعدة العسكرية لمصر فى منتهى الصعوبة. وفى أعقاب عزل مرسى والتطورات الأخيرة، تبنى أعضاء الكونجرس مواقف متضاربة حول ما إن كان يجب قطع المساعدات مثل السيناتور جون ماكين وباتريك ليهى، فى حين يعتقد السيناتور كارل ليفن أن القانون الأمريكى الذى ينص على قطع المساعدات فى حال وقوع انقلاب «لا ينطبق على المساعدات المباشرة من جيش إلى جيش». ويرى مسئول سابق فى الإدارة الأمريكية أن المصريين واثقون من أن متانة بنية المساعدات العسكرية ستصمد فى وجه النقاش السياسى الحالى. وفى الختام نؤكد أنه إذا كانت رسالة 30 مليون مصرى لم تستطع أمريكا أن تفهمها، فعلى ساسة أمريكا أن يعيدوا حساباتهم من جديد، ويدركوا أن ماحدث فى مصر ثورة شعبية،وألايبكوا ويتباكوا على الديمقراطية فى مصر ، لأننا نحن وهم مصريين وأمريكان نعلم جيداً أن دموع هذا البكاء هى الدموع الكاذبة للتماسيح!.