قبل شهرين من ثورة 30 يونيو التقى د.ناثان براون أستاذ العلوم السياسية والشئون الدولية فى جامعة جورج واشنطن وكبير الباحثين فى مؤسسة كارينجى للسلام الدولى د.عمرو دراج عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين ورجل المهام الخاصة فى الولاياتالمتحدة.. وقال د.ناثان لعمرو دراج ستندم جماعة الإخوان المسلمين على التفكير فى خوض انتخابات رئاسة مصر عام 2012.. قال له دراج «أنت مخطئ». الآن هل يشعر أعضاء تنظيم الإخوان بالندم؟.. د.ناثان المتخصص فى الحركات الإسلامية فى أحدث دراسة له «أين يذهب الإخوان المسلمون وقت الحساب بعد فشل مرسى؟».. يشبه مرسى بأنه كصاحب عقار دمر منزله بكرة حديدية ضخمة ألقاها على نفسه وبذلك يعتبر منتحرا وليس شهيدا.. مرسى والإخوان أقدموا على كل أخطاء والخطايا السياسية بما فى ذلك سرعة الوصول بصورة كبيرة جدا إلى السلطة السياسية والفشل فى بناء تحالفات مع الآخرين.. نفردا الحلفاء المحتملين.. تجاهلوا الاستياء المتصاعد ضدهم.. وركزت الجماعة على ترسيخ حكمها.. استخدموا خطابا سياسى تهديديا للجميع.. يضيف الباحث الأمريكى أن فترة رئاسة مرسى هى من دون شك واحدة من أكبر تجارب الفشل الهائلة فى تاريخ جماعة الإخوان المسلمين.. فهل ستتعلم الجماعة.. هل ستترك اللعبة السياسية وتعود لأحضان الدعوة الصدد.. أخطر ما يقوله د.ناثان ما الدرس الذى سيتعلمه الإخوان الآن وكيف سيتم تطبيقه.. تحتاج الجماعة لبعض الوقت للتفكير.. وليس من الواضح بعد كيف سيتفاعل التحالف الذى أنهى رئاسة مرسى «الإرادة الشعبية والجيش» على استمرار الإخوان المسلمين فى المشهد السياسى وفى هذا العدد قد يكون من الحكمة أن يعى المنتصرون الآن فى مصر أن المسألة ليست فقط فيما يتعلم الإسلاميون ولكن بالأساس ما يتم تدريسه لهم!. لماذا يرفض الإخوان ثورة 30 يونيو؟ إذا كان الكلام السابق يضعنا فى مأزق جماعة الإخوان إلا أننا نثبت حقائق عن هذه الجماعة التى كانت تعتبر نفسها «المخلص» وهى الفكرة المستمدة من التراث الكهنوتى بالأساس، حيث إن الفئة المختارة التى تعمل على التضحية من أجل تحقيق الشريعة وكما وصفها حسن البنا «جماعة سياسية. اجتماعية. اقتصادية. رياضية. سياسية» وبالتالى فعقلية الفئة المختارة فى مواجهة الفئة الضالة تسيطر على تكوين النسق العقلى لأعضاء الجماعة.. وفق مفاهيم راسخة عند أعضاء الجماعة. ?مفهوم التضحية: يرى الإخوان أنفسهم أنهم الضحية فى مواجهة المجتمع وهو المضطهدون بدعوى الاعتقالات والسجون وهو ما يفسر رفضهم لثورة 30يونيو.. حيث أنه ليس من الصحيح أو المتوقع أن يثور الشعب على الضحية. ?الانعزال والعزلة: بسبب الطبيعة الاصطفائية للجماعة انعزل أفراد الجماعة تاريخيا عن المجتمع الذى يعيشون فيه وحتى فى فترة حكمهم اختاروا من يشاركهم فى نفس الأرضية الفكرية وبالتالى عدم القدرة على التعامل مع ماهو خارج التنظيم. ?الإحلال «العقلية الميكانيكية فى التفكير».. أغلب المنتمين لقيادات جماعة الإخوان ومكتب الإرشاد من الذين درسوا العلوم الطبيعية كالطب والهندسة.. والعلوم الطبيعية تتبنى مبدأ الإحلال حيث لكل مرض دواء والطبيعة الاجتماعية للبشر عكس ذلك حيث وحدة الدراسة فى العلوم الإنسانية هى البشر وهم لايمكن التنبؤ بنتائج أفعالهم على الإطلاق. ?الشك.. أعضاء الجماعة يشكون فى كل الأفكار والشخصيات التى تختلف مع الفكر الجمعى لأفراد الجماعة.. ولذلك لابد من البعد عن كل من يحمل أفكارا مختلفة. ?رفض الدولية القومية.. فكرة الدولة القومية والهوية القومية غائبة عن أذهان الجماعة.. فالولاء يكون أمميا وليس قوميا وهو ما يفسر تصرفات الجماعة فى التعامل مع الأطراف التى تهدد الأمن القومى المصرى.. لأنهم يفكرون فى «الخلافة» بالرغم من عدم وجود اتفاق فقهى حول طريقة الخلافة.. فطريقة نقل السلطة من الرسول «صلى الله عليه وسلم» لأمير المؤمنين أبو بكر الصديق اختلفت عن نقل السلطة لأمير المؤمين عمر بن الخطاب أو حتى سيدنا عثمان بن عفان أو على بن أبى طالب. فبالتالى يكون مبدأ المصلحة العامة أقوى من فكرة الخلافة والإخوان لايؤمنون بذلك ولأن هذه المفاهيم هى المسيطرة على جماعة الإخوان المسلمين وهى الآن فى مرحلة الصدمة والمحنة فلابد من بعض الوقت للتفكير فى تغيير كل مفاهيم الجماعة التى أصبحت بالية. ثورة 30 يونيو ثورة شعبية المحللون السياسيون يعتبرون أن نظرية «اللعبة السياسية» هى التى تفسر ما حدث فى 30 يونيو، فالمشاركون الفاعلون فى هذه الثورة الشعبية هم التيار الإسلامى «الذى كان يحكم» والمعارضة المدنية والمؤسسات فوق الحزبية وهم الشعب والقوات المسلحة والشرطة... وهنا لابد أن نشير إلى أن التيار الدينىبالغ فى قدرته وكفاءته ورفع سقف الطموحات عند الناس بينما عملت المعارضة على كشف زيف ادعاءات التيار الدينى.. وعندما أيقن الشعب صدق المعارضة من خلال ممارسات التيار الدينى انحازت المؤسسات ما فوق القومية بجانب الشعب. الإخوان والخروج من المأزق من المتوقع أن تتحول رؤية جماعة الإخوان من السياسة العاطفية والاعتماد على الدين إلى سياسة الغضب والعنف بسبب إحساس عام داخل الجماعة والتيار الإسلامى بالفشل وأنهم ضحية المجتمع ودائما ترمى الضحية بأسباب فشلها على الجانى من وجهة نظرها.. أما السيناريو الآخر فهو الانعزال عن المجتمع كما يفسر علماء النفس أن العزلة تؤدى للاغتراب داخل المجتمع وانعزال الجماعة وهناك خطورة أن تتحول العزلة بعد مرور سنوات طويلة إلى التشدد والعنف.. لذلك نرى أنه من الأفضل أن يكون هناك سيناريو «للمراجعات» الفكرية.. حيث العودة للحياة السياسية بشرط توفيق الأوضاع وقبول فكرة الدولة القومية وترسيخ مفاهيم الأمن القومى والدولة المصرية.. وقد يكون شباب جماعة الإخوان هم اذين عليهم عبء تطوير فكرة جماعة الإخوان المسلمين التى يعتبرها الجميع فصيلا مهما ورقم صعب فى معادلة السياسة فى مصر.. ولكن بشروط قبول قواعد اللعبة.. وليس بشروطها هى بعد أن فشل ذريعا فى أول تجربة حكم لها فى مصر .. وللخروج من المأزق لابد من حل التنظيم الدولى للإخوان الذى سيتلقى ضربات قاسمة فى المرحلة القادمة بعد الفشل فى الدولة الأم للتنظيم مصر.. على شباب الجماعة الذين ضاقوا ذرعا بقيادات الجماعة ومكتب إرشادها وجيل الوسط فيها.. أن يرسموا الطريق إن أرادوا أن يعودوا للمشهد واعتقد أن هذا سيكون بعد مرحلة «حلاوة الروح» التى يقوم بها عواجيز الجماعة الذين يبحثون الآن عن الخروج الآمن لهم فقط ويتخذون من البسطاء دروعا بشرية لحمايتهم وهم يقدمون فروض الولاء والطاعة فى الغرف المغلقة للحكم الجديد الذى أفرزته ثورة الشعب فى 30 يونيو.. هل يستوعب شباب الإخوان الدرس؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.. وهل لكل جواد كبوة.. أم أن هذه الكبوة دمرت الجماعة؟.. التاريخ وحده سيكشف!!.