واجهت ثقافة الطفل والقصص الموجهة إليهم فى العقود الأخيرة من القرن العشرين وبداية القرن 21 ، عددًا من أهم المتغيرات والتحديات، من أبرزها سيادة ثقافة الحوار والمشاركة والإبداع بدلاً من أساليب الحفظ والتسلط والتلقين، وإعادة صياغة الثقافات الموروثة بما يتماشى مع منجزات العصر، مع اتضاح الدور الرئيسى للحواس فى تنمية قدرات الأطفال خاصة صغارهم بدلاً من الاعتماد على الكلمة وحدها، ومنافسة الكمبيوتر والإنترنت للكتاب لما يتضمنه استخدامهما من تفاعل مستمر بين الشاشة والطفل، ومنافسة المجلة للكتاب حتى أصبح من اعتادوا مِن الأطفال على قراءة المجلات المخصصة لهم أضعاف من يقرءون الكتب الموجهة إليهم . كما تنبه المجتمع إلى قضايا الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة بدنيًّا وعقليًّا، والأطفال فى ظروف خاصة مثل الطفل العامل وأطفال الشوارع والمرضى بأمراض مزمنة . بالإضافة إلى تعاظم دور العلم فى حياتنا ، وهو ما يحتم ابتكار الوسائل لتنمية التفكير العلمى والمعرفة والثقافة العلمية خاصة لصغار الأطفال . يضاف إلى هذا بروز الحاجة إلى التأكيد على قيم مجتمعية هامة ، مثل حقوق الإنسان والطفل، وعدم التمييز بين أهمية أدوار الفتى والفتاة، وقبول الآخر، والحفاظ على البيئة، وتقوية الشعور بالانتماء إلى الوطن، وتأكيد قيمة الوقت والعمل، وتنمية روح الإبداع والابتكار، والاعتماد على النفس فى التعلم الذاتى المستمر فى عصر أصبحنا نسميه «عصر انفجار المعلومات». وفى الفترة من 29 / 5 إلى 1 / 6 / 2013 ، أُقيم فى نيويورك معرض أمريكا الدولى للكتاب ، الذى شارك فيه ( 1300 ) ناشر من كل أنحاء العالم، وخصص قسمًا خاصًّا تحت مسمى « قسم النشر الرقمى». كما استضاف مئات المؤلفين والرسامين ليتحدثوا عن كتبهم و تجاربهم الفنية والأدبية . وفى قاعات ندوات المعرض المتعددة المتسعة ، أُقيمت عشرات بل مئات من الندوات والأحاديث حول كل ما يتعلق بالتأليف والنشر والتوزيع والعالم الرقمى ، مع التأكيد على أن النشر للأطفال والبالغين الصغار قد أصبح أقوى تيارات النشر حاليًّا . فما هى أهم ملامح مستقبل قصص وأدب الأطفال والنشر للصغار ، سواء من خلال ما شاهدناه وسمعناه فى معرض نيويورك ، أو ما نلاحظه فى مجال تطور كتب وأدب الأطفال فى مصر والعالم العربى ؟ هذا ما نعرضه ونتناقش حوله فى «الاستعداد للمستقبل».