اعتماد 66 مدرسة جديدة في القاهرة ضمن منظومة الجودة التعليمية    السيسي: مشروع الربط الكهربائي بين مصر واليونان يحظى بدعم سياسي وحكومي قوي    مخاطر جسيمة.. اللاجئون السودانيون فى إثيوبيا بين مطرقة الحرب وسندان الفقر    انطلاق مباراة بي إس جي ضد أرسنال في دوري أبطال أوروبا    عماد المندوه يقود تدريب حراس الزمالك    التحفظ على السيارة المتسببة في مصرع شاب بطريق السويس    غادة إبراهيم تشن هجومًا لاذعًا على بوسي شلبي بعد نفي ابنائه استمرار زواجه منها    مسيرات أوكرانية تستهدف موسكو مع وصول زعماء أجانب للمشاركة في الاحتفالات بيوم النصر    وزير الخارجية الألماني الجديد: على كل من في موسكو أن يعمل حسابا لنا    مدير هيئة نظافة القاهرة: 20 ألف طن مخلفات تخرج من العاصمة يوميا    بمشاركة حمدي فتحي.. الوكرة يسقط أمام أم صلال بكأس أمير قطر    غموض موقف مدافع مانشستر يونايتد من لقاء بلباو    البغدادي تستعرض مع وفد جمهورية تشيلي استراتيجية تمكين المرأة    المشدد 7 سنوات لشقيقين في اتهامهما بقتل جارهما بأسيوط    حريق هائل في كسارة بلاستيك بالغربية - صور    الآلاف يشيعون جثمان الطفل ضحية الطلق الناري من زملائه في كفر الشيخ    محافظ المنيا يوجه بتسريع وتيرة العمل في ملف التصالح وتقنين أراضي الدولة    إيهاب فهمي: محمد سامي موهبة كبيرة.. ولا يعامل مي عمر معاملة خاصة    بطل قصة حياتي.. روجينا تتغزل في زوجها أشرف زكي بحفل زفاف رنا رئيس    غدًا.. قصر ثقافة روض الفرج يشهد انطلاق الأسبوع ال38 لأطفال المحافظات الحدودية بمشروع «أهل مصر»    الفوضى تسبب لهم التوتر| 4 أبراج فلكية لديها شغف بالنظافة والترتيب    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    ابتعدي عن هذه الأكلات لحماية طفلك من النزلات المعوية في الصيف    أول يوليو.. بدء التشغيل الفعلي لمنظومة التأمين الصحى الشامل بأسوان    أفضل من القهوة والشاي- 4 مشروبات صباحية تنقص الوزن    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    أوس أوس يطلب من جمهوره الدعاء لوالدته: «ادعوا لها تقوم بالسلامة»    أوس أوس يطلب الدعاء لوالدته بعد دخولها رعاية القلب    إزالة 8 تعديات على أملاك الدولة في حملات بالأقصر    إغماءات وبكاء... جنازة مهيبة ل'أدهم' طالب كفر الشيخ ضحية الطلق الناري من زملائه الثلاثة (صور)    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    جوندوجان يأمل في بداية مسيرته التدريبية كمساعد لجوارديولا    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    محافظ المنيا يوافق على تحسين خدمات النقل وفتح التقديم لترخيص 50 تاكسي    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    قرار هام من الحكومة بشأن الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لصالح رجال الأعمال ومافيا الفساد.. تدمير الأسطول البحرى المصرى وبيعه خردة!
نشر في أكتوبر يوم 16 - 06 - 2013

مازالت دبابير الفساد تهيمن على قطاع اقتصادى مهم يمكن أن يدر دخلًا مهمًا للاقتصاد المصرى، إذ تسيطر «مافيا» المصالح والبيزنس ورجال الأعمال على منظومة النقل البحرى، مما أفقد مصر سمعتها التاريخية فى هذا المجال.. «أكتوبر» اقتحمت «عش الدبابير» ورصدت مع عدد من الخبراء أبرز المشاكل المتمثلة فى تدمير الأسطول المصرى وبيع عدد من سفنه «خردة» إضافة إلى البطالة التى تحاصر العاملين فى هذا القطاع بينما تدر العمالة فى الفلبين 12 مليار دولار لخزينة دولتهم، فضلًا عن وضع الموانئ المصرية على القائمة السوداء لعدم تجهيزها وفقًا للمواصفات الدولية، كما يطرح الخبراء حلولًا لتجاوز هذه الأزمة.
فى البداية وحول رأيه فى هذه القضية، يقول د.الربان محمد الحداد رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية لتنمية التجارة البحرية «إنماء» أن مصر يمكن تحويلها من دولة ذات نشاط بحرى إلى دولة بحرية بمعنى أن يكون أكثر من 80% من الدخل القومى من صناعات النقل البحرى والتجارة البحرية، خاصة أن مصر ذات موقع جغرافى متميز وتمتد سواحلها على البحرين المتوسط والأحمر ويمر بها أكبر ممر ملاحى فى العالم وهو قناة السويس والذى تعمل الدولة حاليا على تنفيذ مشروع تنمية محورها والذى يرتكز أساسا على صناعات النقل البحرى ولاسيما صناعة الخدمات واللوجيستيات فصناعة النقل البحرى تستوعب أكثر من 75% من البطالة الموجودة حاليا بمصر على كافة مستوياتها التعليمية.
كما أشار إلى وجود 60 ميناء ومرفأ يتم تصنيفها إلى موانئ تجارية وعددها 15وموانئ بترولية وعددها 12 وموانئ تعدينية و عددها 7 وموانئ سياحية وعددها 5 وموانئ صيد وعددها 21، ولكن من المؤسف أن جميع هذه الموانئ خارج نطاق الخدمة والمنافسة مع الموانئ المجاورة لأنها تدار بفكر شخص وليس استراتيجية مؤسسات، بالإضافة إلى الفساد الإدارى الناتج من إسناد أمور النقل البحرى لأهل الثقة و ليس الخبرة.
وأوضح أن هذه السلبيات أدت إلى أن تصبح الموانئ المصرية فى حالة يرثى لها وهذا على خلاف ما سجله التاريخ النقل البحرى المصرى الذى سجل ازدهارًا لم يشهده أى مكان فى العالم، حيث كان الأسطول البحرى المصرى يجوب موانئ العالم فى خطوط منتظمة قبل ثورة 23 يوليو 1952، حيث كان القائمون عليه رجال أعمال وطنيين شرفاء أمثال أحمد عبود باشا وعبد الفتاح يحيى باشا و طلعت حرب باشا فكان الأول يملك شركة خطوط البوستة الخديوية والثانى يملك شركة إسكندرية للملاحة والثالث كما هو معلوم للجميع مؤسس بنك مصر وكان يملك شركة مصر للملاحة وهذه الشركات الثلاثة تم تأميمها بعد قيام ثورة 23 يوليو ودمجها فى الشركة المصرية للملاحة البحرية المنهارة حاليا وكانت هذه الشركات الثلاث ناجحة ورابحة بالرغم من غياب سياسات مدروسة من قبل الحكومات المتعاقبة وكان الاعتماد الكامل على آلية السوق ومهارة رجال الأعمال، ففى خلال هذه الحقبة من الزمن كانت مصر تمتلك أسطولا بحريا كبيرا يرفرف عليه علمها، كما أن السفن المصرية كانت ناقلا رئيسيا لصادرات وواردات مصر، بالإضافة إلى سفن الركاب المنتشرة فى البحرين الأبيض والأحمر، وقد تم تأميم هذه الشركات الثلاث ودمجها فى شركة واحدة هى الشركة العربية المتحدة للملاحة البحرية والتى تغير اسمها فيما بعد إلى الشركة المصرية للملاحة البحرية وانحصر امتلاك وتشغيل السفن فى ذلك الوقت على هذه الشركة حتى عصر الانفتاح فى السبعينيات من القرن الماضى، فتم السماح للقطاع الخاص بالعمل فى هذا المجال بشروط فظهرت شركة إسكندرية للملاحة والأعمال البحرية و الشركة العربية للملاحة البحرية «بان آراب» المملوكة لجامعة الدول العربية وشركة الاتحاد العربى للنقل البحرى «فامكو» المملوكة لاتحاد الجمهوريات العربية المتحدة والشركة الفرعونية للملاحة والشركة الوطنية للملاحة وشركة مصر إدكو للملاحة بالإضافة إلى العديد من الشركات التى يملكها أفراد ومنها شركة ساماتور للملاحة وشركة هيليوبوليس للملاحة والشركة البحرية وشركة عبر البحار وشركة فناكى للملاحة والشركة الأهلية للملاحة والأعمال البحرية وشركة السلام للنقل البحرى.. إلخ.
الأيادى الخفية
مضيفًا: مع بداية ثمانينيات القرن الماضى بدأت سفن الأسطول البحرى الوطنى المصرى فى التناقص، بعدما صار معظمها فى حالة يرثى لها ليتبقى منها حوالى ثمانى سفن فقط وهى إسكندرية والمنوفية ومرسى علم ورأس سدر ورأس محمد ونويبع وطابا والحسين ومازال على رأس العمل منهم ست سفن باستثناء سفينتين خارج التشغيل وهما السفينة نويبع والسفينة المنوفية، حيث يتم احتجازهما داخل ورش الصيانة منذ أكثر من سنة بحجة إصلاحهما وهو نفس السيناريو الذى تم مع سفن الأسطول التى تم بيعها خلال السنوات الماضية، حيث يتم إيقاف السفينة عن العمل تحت مسمى للصيانة لعدة سنوات، ثم يخرج تقرير فنى بعدم صلاحيتها للاستخدام وبيعها خردة بأرخص الأسعار فى صفقات مشبوهة.
وأكد الربان الحداد أن الدليل على ذلك أنه بدراسة وضع الأسطول المصرى منذ ثورة 1952 المجيدة وحتى ثورة الشباب الطاهرة 2011 نجد أن ما آل إليه الأسطول الآن من حالة يرثى له نتيجة أخطاء تراكمية ومشاكل كثيرة على ما يقارب من ال 60 عامًا وهو ما جعل كثيرا من ملاك السفن المصريين والأجانب يعزفون عن حمل سفنهم للعلم المصرى نهائيا لما لذلك من دفع أموال طائلة من رسوم التسجيل ودفع مبالغ كثيرة من الرشاوى لتمكين السفينة من دخول وخروج الموانئ المصرية التى تمر عليها هذا إلى جانب كم المشاكل التى تعانى منها إدارات النقل البحرى المصرى وهى على سبيل المثال و ليس الحصر الإغداق بالوظائف القيادية فى الشركة المصرية للملاحة لأهل الثقة من غير المؤهلين لمثل هذه الوظائف بالإضافة إلى صغر فترة تولى هذه القيادات تجعلهم لا يحاولون فهم المنظومة البحرية والاقتصادية للأسطول بل يكتفون بتسيير الأعمال اليومية، واستخدام فروع الشركة المصرية للملاحة البحرية بلندن وهامبورج ونيويورك للإنفاق على كبار مسئولى الدولة وأسرهم أثناء التنزه أو العلاج بالخارج، واختلاق عمرات إصلاحية وهمية للسفن للحصول على قيمتها من قبل ربابنة ومهندسى السفن بالتواطؤ مع المسئولين الفاسدين بالإدارة الفنية للشركة حتى إن الأمر يصل فى بعض الأحيان إلى إتلاف السفن عمدًا وكتابة تقارير بعدم صلاحيتها للاستخدام وبيعها من خلال مناقصة وهمية «روبابيكيا» لشخص بعينه معلوم لدى المسئولين عن المناقصة من قبل وقام بدفع ثمن إرساء المناقصة عليه مقدما لهم و كل ذلك يحدث فى ظل عدم وجود سياسة واضحة لتشغيل الأسطول وخطة للإحلال. وكانت إدارات الشركة المتعاقبة تعتمد فى إدارتها على أنها الشركة المحتكرة لهذا العمل متجاهلة آلية السوق وبالتالى بعد السماح للقطاع الخاص بالعمل فى نفس المجال عجزت الشركة عن التنافس وفى غياب عن الرقابة وعند السماح للقطاع الخاص بالعمل فى النقل البحرى فى مطلع السبعينيات كان بعض الموظفين الفاسدين يستخدمون مقومات الشركة الإدارية والفنية لخدمة هذه الشركات مقابل عائد مادى لهم مما يضر بمصلحة الشركة وقد زاد الأمر سوءاٍ بعدما فكر بعض المسئولين فى إنشاء شركات ملاحية مملوكة للدولة تحمل طابع القطاع الخاص للحصول على قدر أكبر من المكافآت وتمنحهم المرونة فى التصرف بعيدا عن أعين الجهاز المركزى للمحاسبات وقد خدم هذا ودعم الفكرة القانون رقم 8 لسنة 1997 الخاص بضمانات وحوافز الاستثمار والقانون رقم 159 لسنة 1981 الخاص بالشركات المساهمة.
القطاع الخاص
ويضيف الحداد إنه يمكن القول أنه منذ تأسيس هذه الشركات وأصبح التدمير ممنهجا وسلب الخطوط الملاحية لصالح هذه الشركات بما لقياداتها من نفوذ وتخريد السفن لبيعها بأسعار متدنية للحصول على عمولات كبيرة وقد ترتب على ذلك هروب الكوادر الجيدة لشركات القطاع الخاص وعدم المهنية فى العمل عن طريق نقل الموظفين من إدارات لأخرى غير متخصصين فيها وتراكم الديون بشكل أدى إلى خسائر تعدت نصف رأس المال مما هدد الشركة بالإفلاس وتجاهل الدولة للأسطول الوطنى فى نقل صادراتها ووارداتها ولاسيما البضائع الاستراتيجية مثل القمح وخلافه لرغبة القائمين الملحة للحصول على عمولات من خطوط الملاحة الأجنبية فى الوقت الذى لم تفرض الدولة على الشركات المصرية المصدرة مثل شركات الأسمنت والسيراميك وخلافه التصدير على سفن مصرية.
وشدد على أن صناعة النقل البحرى هى طوق النجاة للاقتصاد المصرى، ويمكن علاجها بداية بإنشاء وزارة للنقل البحرى أو بأى اسم آخر كما تستخدمه بعض الدول البحرية مثل وزارة الاقتصاد البحرى أو البحرية التجارية يقودها وزير مدنى من أبنائها يكون له رؤية محددة يرسم بناء عليها سياسات هذه الوزارة للفترات المستقبلية، مؤكدًا أن إنشاء هذه الوزارة هو بداية الحل لجميع المشاكل التى تعانيها صناعة النقل البحرى فى مصر، مطالبًا بأن تضم هذه الوزارة جميع أصول الدولة البحرية الممثلة فى الموانئ وقناة السويس والأسطول البحرى المنهار والترسانات البحرية العاطلة والشركات البحرية المتعثرة، ويرجع أهمية ذلك لارتباط تشغيل وتسويق هذه القطاعات ببعض، كما أن كل هذه القطاعات فى حالة عملها تحت مظلة واحدة تعطى المنظور الشمولى لإدارة هذه المنظومة الأمر الذى يساعد على وجود استراتيجية موحدة تمكن الدولة من الاستغلال الأمثل لأصولها وموقعها الاستراتيجى ولاسيما وأن معظم هذه الكيانات البحرية مبعثرة بين الوزارات المختلفة.
كما طالب الحداد بضرورة إتباع سياسة الخصخصة بمفهومها الفعلى وهو فصل الملكية عن الإدارة فلا تفرط الدولة فى عمالها الذين هم ثروة بشرية لا يمكن تعويضها بل تستثمر فى تدريبهم، ولا تفرط فى أصولها بل يمكننا تجديد وتطوير موانينا لتواكب التطور وتنافس بقوة عن طريق عرضها على الشركات العالمية لتطويرها وتشغيلها لفترة زمنية وبالتالى لا تتكبد ميزانية الدولة أية مصاريف بل تدر عليها هذه الموانئ الربح علماً بأن هذا القطاع إذا تم تشغيله سيحل نسبة كبيرة من مشكلة البطالة بمصر كما أن منظومة النقل البحرى يمكنها تطوير نفسها دون اللجوء أو الاستعانة بموازنة الدولة بل تستطيع أن تضخ الفائض فى ميزانية الدولة إذا استحسن تخطيطها وتنفيذ مشروعاتها وإدارتها بشكل اقتصادى.
ويؤكد د. الحداد أن الاهتمام بالاقتصاد البحرى يبدأ بالإرادة السياسة وإعادة وزارة النقل البحرى ووضع تشريعات جديدة تتناسب مع آلية السوق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية وتشجيع البنوك بإنشاء فروع بحرية لتمويل المشروعات البحرية، لافتًا إلى أنه قدم فى وقت سابق اقتراحًا بإنشاء منطقتين للملاذ الضريبى فى أبو قير بالإسكندرية وبور فؤاد فى بورسعيد لتسجيل الشركات والسفن وهذا سيتيح فرص عمل كثيرة للعمالة البحرية. إضافة إلى ضرورة ضم الموانئ كلها تحت هيئة واحدة ووضع سياسات واستراتيجيات موحدة لها تنفذه شركات القطاع الخاص بعيدا عن ميزانية الدولة وتكليف المتخصصين من ذوى الخبرة وليس أهل الثقة.
نزاعات المؤسسات
فى الوقت نفسه أكدت شادية حسانين رئيس قطاع المكتب الفنى بالشركة المصرية الملاحة البحرية سابقا أنه جاء الوقت لكى يتم تطوير العمل داخل أروقة الاقتصاد البحرى المصرى، وذلك لسبب رئيسى ألا وهو أن الاقتصاد البحرى يشكل حوالى 84% من الاقتصاد العالمى وأكدت أن عملية تطوير النقل البحرى وضم جميع الهيئات المتعلقة بالاقتصاد البحرى بها يأتى لتلافى النزاعات القائمة بين وزارات و مؤسسات الدولة العاملة فى صناعات النقل البحرى حيث تضر هذه النزاعات بالاقتصاد القومى، خاصة أن النقل البحرى صناعة معقدة ولها طابع وقوانين واتفاقيات دولية خاصة ولا تنحصر تلك الصناعات فى الموانئ والسفن.
ويؤكد المهندس بحرى محمد ربيع والمنسق العام لائتلاف البحرية التجارية للإصلاح والتغيير أن بطالة العمالة البحرية المصرية من أهم المشاكل التى يعانى منها الأسطول المصرى رغم أنه هو الذى أفرخها بعد تعطل سفن الأسطول عن العمل، حيث أصبحت العمالة تفترش أرصفة الموانئ المصرية انتظاراً لفرصة عمل يلقى بها لهم سماسرة العمالة البحرية والذين يحتكرون فرص العمل على السفن الأجنبية ويلجأ إليهم البحارة لمنحهم فرصة عمل نظير أى أموال يطلبونها حتى ولو كان ذلك نظير نسبة من رواتبهم شهريا، حيث يوجد ما يقرب من 200 ألف بحار من أعمال ومهن ومستويات تدريبية وتعليمية مختلفة‏ (ربابنة سفن ومهندسين بحريين وميكانيكيين وفنيين متخصصين وطباخين وغيرهم‏)‏ يعانى معظمهم من بطالة منذ أكثر من عقد كامل وتصل نسبة هذه البطالة أحيانا إلى 90%‏ فى بعض الفئات وهو الأمر الذى أدى إلى عزوف الشباب المصرى عن الالتحاق بالمؤسسات والمعاهد التعليمية البحرية فى مصر لندرة فرص العثور على وظيفة وأصبحت العمالة الحالية أعمارها تتجاوز ال‏ 50‏ عاما مما يجعلها غير ملمة بالتطورات التكنولوجية الحديثة فى صناعة السفن وبالمعايير الدولية المعاصرة لمستويات التدريب‏ وهى المشكلة التى تشكل حالة عامة ليست فقط فى قطاع العمالة البحرية‏.‏
وأضاف: مازال هناك طلب عالمى على خدمات العمالة البحرية من جانب ملاك السفن خاصة من دول المجموعة الأوروبية حيث يوجد نقص شديد فى المعروض من العمالة البحرية المدربة لتشغيل السفن التجارية العالمية الحديثة وهم يعتمدون حاليا على العمالة البحرية الوافدة من دول جنوب شرق آسيا خاصة الفلبين والتى يوجد بها حاليا ما يزيد على‏500‏ وكالة لإلحاق العمالة البحرية بالعمل على السفن الأجنبية وأكثر من‏250‏ معهدا بحريا للتعليم والتدريب البحرى منها خمسة معاهد فقط تابعة للدولة‏.‏
ويضيف ربيع أن عائد تصدير خدمات العمالة البحرية الفلبينية حاليا يصل إلى ما بين 10 إلى 12 مليار دولار سنويا وذلك بسبب التخطيط الاقتصادى المركزى الذى تضعه الدولة وتنفذه من خلال وكالات تشغيل متخصصة فى إلحاق هذه العمالة بالعمل على السفن الأجنبية‏ وأيضا توفير فرص العمل من خلال الاتفاقيات التى تعقدها الحكومة الفلبينية مع ملاك السفن الأجانب وبواسطة النقابة العامة المركزية للبحارة الفلبينية وتنافس الفلبين كذلك عدة دول منها الهند وروسيا والصين و أوكرانيا ولكن معظم هذه العمالة التى تقدمها هذه الأسواق هى فئة البحارة‏.
وأكد أن تقارير الخبراء المتخصصين بالمنظمة البحرية الدولية IMO‏ توضح أن مشكلة نقص العمالة البحرية المتخصصة ستستمر فى السنوات العشر القادمة على الأقل، حيث نجد أن حوالى‏ 3%‏ فقط من العمالة البحرية المصرية تعمل على سفن مصرية وحوالى‏ 7‏% إلى 9%‏ على سفن أجنبية على الرغم من أنه تتميز العمالة المصرية بأن نصف نسبة العاملين بها من المهن العالية مثل الربابنة و المهندسين البحريين بدرجاتهم ويليهما الميكانيكيون والطباخون وهى نوعية المهن البحرية التى تأتى فى المقدمة من ناحية النقص ويتميز المصرى بدرجة عالية من المهارة والكفاءة مقارنة بباقى عمالة الدول الأخرى مثل الفلبين وروسيا وأوكرانيا‏.
ويرى أنه لابد من ضرورة تقنين الوضع الحالى لنشاط تشغيل العمالة البحرية عن طريق إنشاء اتحاد للبحار المصريين يكون هو الجهة الوحيدة المنوط بها تشغيل البحارة داخل وخارج مصر وتقنين وضع الوسطاء والسماسرة وشركات إلحاق العمالة البحرية بموجب ضوابط تنظيمية تصدر من وزارة القوى العمالة وتجرم الحصول على أية مبالغ من العامل.‏
تصدير العمالة
كما أوضح أحمد ناجى حاتم ضابط بحرى ومنسق عام ألتراس أعالى البحار بضرورة وضع خطة استراتيجية قومية لتشغيل وتصدير العمالة البحرية المصرية للخارج حيث إن هذه العمالة تتمتع بكثير من المميزات لا تتمتع بها كثير من العمالة البحرية الأجنبية إلا أنها تفتقر إلى كيان مؤسسى خاص ومنظم يدعمها ويوجد لها فرص العمل المناسبة ووضعها على خريطة سوق العمالة البحرية الدولية بعد تدريبها وتأهيلها التأهيل المناسب لترقى إلى مستويات التدريب البحرى العالمى ورعايتها اجتماعيا واقتصاديا.
وأشار ناجى إلى أن الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى لها اليد الطولى فى إفساد هذا القطاع عن طريق تكبيل إرادة المسئولين بوزارة النقل وقطاع النقل البحرى والهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية لاحتكار إصدار الشهادات البحرية وعقد الدورات الحتمية عن طريق تنازل الدولة عن سيطرتها وهيمنتها عن إصدار هذه الشهادات للأكاديمية لتصبح الوكيل الحصرى .حيث إنه من المعروف أن العمالة البحرية ذات المستويات العالية فى التدريب والمؤهلة طبقا للشروط والمواصفات التى تضعها المنظمات البحرية الدولية تكون مطلوبة للعمل على جميع السفن الأجنبية وهذا يحقق عدة نتائج تؤثر تأثيرا مباشرا فى اقتصاديات التجارة البحرية فبخلاف ما تحققه للدولة من عائد ضخم يصب فى شرايين اقتصادها والذى يمكن أن يصل إلى‏ 15 مليار دولار سنويا وأخيرا يمكن القول بأنه لن تعود مصر رائدة فى الاقتصاد البحرى مثلما كانت قديما إلا من خلال إعادة وزارة النقل البحرى تحت مسمى وزارة البحرية التجارية والصيد ليتبعها جميع المنشآت والأنشطة البحرية والصيد لوضع رؤية واستراتيجيات قصيرة وطويلة المدى لمستقبل صناعة النقل البحرى فى مصر وإعداد مسودة لقانون موحد للبحرية التجارية. ومحاربة كل أشكال الفساد المتفشى داخل شركات الملاحة المملوكة للدولة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.