لاشك أن خطاب حسن نصر الله الأخير بمناسبة الذكرى ال 13 لتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلى وضع لبنان على حافة الهاوية، وذلك بعد تورطه فى الاحداث السورية، ولم تمر ساعات قليلة على الخطاب حتى سقط ثلاثة صواريخ مجهولة المصدر من نوع كاتيوشا، صاروخان على الضاحية الجنوبية لبيروت، وهى المنطقة التى تحتضن معظم مقرات ومنازل قادة الحزب، وخلفا عددا من الجرحى وأضرارا مادية، بينما ضل الثالث طريقه وسقط فى واد قريب من مكان الإطلاق. وإذا كان مصدر وهوية الصاروخين مجهولين حتى الآن، فإن خطاب نصر الله كان معلوم الهدف والوجهة، إذ أعلن فيه بشكل واضح أن مقاتليه بدأوا القتال فى سوريا. ومن جانبه، أدان محمد كامل عمرو وزير الخارجية بشدة حادثة إطلاق الصواريخ على الضاحية الجنوبية ببيروت معربا عن قلقه البالغ من تسارع وتيرة الأحداث الأمنية والتفجيرات التى يشهدها لبنان والتى ستدخله فى نفق مظلم. وانتقد المواقف الصادرة عن حزب الله التى أعلن فيها صراحة تدخله فى الحرب ضد الشعب السورى لصالح نظام الاسد . داعيا قيادة حزب الله إلى مراجعة مواقفها وعدم التدخل فى القتال بسوريا. ويرى خبراء أن توقيت إطلاق هذه الصواريخ لا يمكن عزله عن القتال الدائر فى سوريا أو تحييده عن السجال القائم حول اجراء الانتخابات النيابية فى ظل ازدياد الدعوات الى تأجيلها والتمديد للبرلمان لمدة أقصاها عام ونصف العام، خصوصاً أن دخول هذه الصواريخ على خط التوتر العالى يرفع من منسوب الاحتقان السياسى والمذهبى إذا ما أضيفت اليها ردود الفعل على خطاب نصرالله واستمرار القتال فى طرابلس والأحداث المتنقلة فى صيدا. وبحسب تقارير دولية فإن نصرالله يسعى إلى إثارة المخاوف من تقسيم سوريا فى محاولة أخيرة لإيجاد فرصة لإنقاذ نظام الأسد، غير أن هذا التخويف لا يبدو انه سيكون له صدى يذكر بعد أن تطورت الأحداث بشكل غير قابل للتراجع الى الخلف. يذكر أن حزب الله صاحب مشروع إقليمى إيرانى فى المنطقة واعترف حسن نصر الله بانه يتمنى ان يكون جنديا فى ولاية الفقيه، وبالتالى مادام أن الحكم فى إيران قائم على ولاية الفقيه فلن يسلم حزب الله سلاحه ولن يشارك فى وضع استراتيجية دفاعية وسيظل يدافع عن نظام بشار الأسد وأعوانه تنفيذا لمخطط النظام السورى المدعوم من حزب الله لإنشاء شريط شيعى يأخذ حمص ويعزلها عن سوريا، وهذا الشريط الشيعى سيكون خطيراً ويشعل الحرب الطائفية. من جهة أخرى توالت ردود الفعل على خطاب حسن نصر الله من الداخل والخارج، فداخليا أدانته القوى المناوئة للحزب فى لبنان وفى طليعتها تيار المستقبل واعتبره رئيسه سعد الحريرى نهاية المقاومة بعيدها، أما خارجيا فبرز بيان الائتلاف الوطنى السورى المعارض الذى وصف الخطاب بأنه مذهبى متطرف، يقدم المشروع الإيرانى الاستبدادى على مصالح شعوب العربية، واستهجن دعوة نصر الله لنقل أى خلاف داخل لبنان لسوريا وتصفيته فيها. وفى السياق ذاته انتقدت الهيئة العالمية لعلماء المسلمين تدخل حزب الله وحلفائه لحماية النظام السورى، داعية الحكومة اللبنانية الى أن تتحمل مسئوليتها لمنع الحزب من العدوان على أهل السنة فى مدينة القصير. ومن جهتهما دعت الحكومات العربية والإسلامية لمواجهة العدوان المستمر على الشعب السورى سواء من النظام المستبد أو من حلفائه الطائفيين. رافضين التدخل الخارجى فى سوريا، بما فى ذلك التدخل الإيرانى بشكل مباشر أو غير مباشر؛ عبر ميليشيات حزب الله، الذى أحرق بعض ما كان تبقَّى له من مصداقية فى بعض النفوس، والذى كشف عن وجهه الطائفى البغيض بتحريك مسلَّحِيه، لمساندة النظام الطائفى الظالم ضد الشعب السورى الأعزل.