على مدار سنوات طويلة أمر من شارع توجد به مدرسة تحمل اسم الشهيدة أم صابر فى منطقة الحضرة بالإسكندرية وكنت أقول من هى هذه الشهيدة التى تحمل هذا الاسم.. إلى أن ذهبت إلى حى وسط الاسكندرية الذى يقع فيه هذا الشارع.. وعلمت أن هذه السيدة.. هى سيدة عظيمة.. سجلت اسمها بحروف من نور فى تاريخنا المعاصر.. فهذه الشهيدة التى هى رمز للمرأة المصرية المفترى عليها.. هى فلاحة مصرية تدعى فاطمة.. كانت تسكن فى قرية من قرى السويس الباسلة وهى كفر عبده وهذا الاسم بالمناسبة يطلق على أرقى احياء الإسكندرية فى منطقة رشدى رمزا للنضال حيث كان يوجد به مقر القنصلية البريطانية ومازال.. ونعود لأم صابر التى كانت قوات الاحتلال الإنجليزى تحتل قريتها وكانت القرية مليئة بالمعسكرات الإنجليزية وكان الفدائيون يهاجمون هذه المعسكرات ويقومون بأعمال بطولية قبل ثورة يوليو 1952... وبعد إعلان النحاس باشا إلغاء معاهدة 1936... الفلاحة المصرية التى وهبت حياتها لمصر... والتى كانت تحمل قلبا عامرا بالوطنية وكانت مستعدة للتضحية دائما.. كانت تحمل قلبا عامرا بالكراهية والبغضاء للإنجليز.. ففى عام 1941 أعدم زوجها الشيخ إبراهيم الأزهرى لكفاحه ضد الاحتلال.. وأوصاها زوجها قبل الإعدام.. وكانت حاملا منه «إذا اعطاك الله ولداً فربية على حب الانتقام من هؤلاء الظلمة الغاويين» وفى يوم إعدامه وضعت هذه السيدة ابنها صابر.. بعد استشهاد زوجها.. عملت بوصيته.. واعتبر الفدائيون بيت أم صابر ملاذا وملجأ.. وقدمت لهم السلاح الذى كان يخزنه زوجها فى مخازن سرية تعلم هى فقط مكانها.. ورغم أن الإنجليز كانوا يقومون بحملات تفتيشية كل ليلة على منازل كفر عبده بحثا عن الأسلحة والذخيرة والفدائيين فى منطقة القناة.. إلا أنهم لم يتمكنوا من كشف سرها وظلت هذه السيدة العظيمة التى كانت أساسا من مواليد دنشواى بمحافظة المنوفية والتى شهدت مذبحة دنشواى المشئومة التى قتل فيها الإنجليز الفلاحين وشاهدت - وكان عمرها سبع سنوات - استشهاد ابيها وعمها الذى هو ابو زوجها.. وهاجرت للسويس هى وابن عمها الذى تزوجها.. وفى أول يناير عام 1951 كانت تستقل اتوبيسا ومعها بعض الركاب الذين يساعدون الفدائيين بامدادهم بالسلاح.. كانت تحمل تحت ثيابها الريفية كمية من الذخيرة والأسلحة الخفيفة لتوصيلها للفدائيين.. وظهر كمين إنجليزى ليفتش الاتوبيس ولكن أم صابر حتى لا تكشف ما فى الأتوبيس من اسلحة ولتنقذ الركاب رفضت التفتيش وقالت للضابط الإنجليزى «أنت نجس وأيديكم نجسة» وأصرت على رفض التفتيش.. فأمر الضابط الإنجليزى باطلاق النار عليها لتسجل صفحة مجيدة فى تاريخ المرأة المصرية.. وبعد ثورة 23 يوليو أطلق اسمها على شوارع ومدارس وسرعان ما تناسى الجميع من هى أم صابر السؤال هل يعرف المجلس القومى للمرأة الشهيدة أم صابر.. ولماذا لا يصنع لها تمثالا كرمز للصمود والتحدى والوطنية.. هل يفعلها لتعرف الأجيال الجديدة من هى المرأة المصرية!!