التأمل فى المشهد السورى يجد أننا أمام خليط من المقاتلين بمختلف فصائلهم وانتماءاتهم، كما أننا أمام شعب ينتفض بمفرده من أجل انتزاع حريته.. يجد أننا أمام حدود تم فتحها طوعا لجحافل من المقاتلين أتوا من كل حدب وصوب، فهذا من تونس وذاك من الشيشان.. والسؤال الآن هو: أية قوة هذه التى تحرك الأمور فى المنطقة؟.. أية قوة هذه التى توفد المسلحين عبر الحدود المفترض أنها حصينة ومتأهبة سواء من تركيا أو العراق أو الأردن أو حتى من لبنان؟.. أية قوة هذه التى تنقل هؤلاء من بلدانهم الأصلية إلى هذه الحدود.. ثم أية قوة هذه التى تمد هؤلاء بالسلاح والذخيرة التى تمكنهم من مقاومة جيش نظامى بكامل عتاده؟ صحيفة التايمز البريطانية أجابت عن هذه التساؤلات أو بعضها فى تقرير نشرته وجاء فيه إن هناك خبراء من الولاياتالمتحدة ودول أوروبية يقومون بتدريب مقاتلى المعارضة السورية داخل قواعد عسكرية فى الأردن.. وقالت الصحيفة على لسان دبلوماسيين وعملاء مخابرات سريين فى منطقة الشرق الأوسط إن الخبراء الأمريكيين والأوروبيين يقومون بتدريب قوات المعارضة المسلحة السورية من غير المنتمين لجبهة النُصرة الإسلامية التى هى فرع من تنظيم القاعدة. ووفقا للتايمز فإن عملية التدريب تتم بالتنسيق مع إسرائيل التى تخشى من استخدام الراديكاليين السوريين للخبرة القتالية التى يتلقونها والسلاح الذى يحصلون عليه ضدها. وأضافت الصحيفة أن الولاياتالمتحدة وبعض حلفائها الأوروبيين يقومون بتدريب المعارضة السورية المسلحة فى الأردن فى محاولة لدعم الجماعات المعارضة التى تسعى لإسقاط نظام حكم بشار الأسد. وحسب نفس الصحيفة فإن هذه الخطوة تعتبر مثالا للمساندة، وهى تعكس مخاوف من قيام تنظيمات متطرفة. وأكدت الصحيفة نقلا عن ضباط مخابرات فى المنطقة أن الولاياتالمتحدة بدأت فى تدريب المتمردين السوريين منذ خمسة أشهر، أى قبل إعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما لفترة رئاسية ثانية، وذلك وفقا لمعايير صارمة متفق عليها سواء من الأمريكيين أو حلفائهم. وإذا كان بعض الرسميين الأمريكيين ينفون قيام الولاياتالمتحدة بإمداد المعارضة السورية بالسلاح، فالسيناتور الأمريكى، راند بول، يرد على ذلك ويؤكد أن لديه معلومات موثقة حول نقل السلاح من ليبيا إلى سوريا برعاية أمريكية. وفى مقابلة له مع شبكة تليفزيون (سى.إن.إن) قال السيناتور الأمريكى إنه سأل وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلارى كلينتون، سؤالا حول نقل السلاح برعاية أمريكية من ليبيا إلى سوريا عن طريق تركيا، وأنها ردت عليه بقولها: قبل أسبوع واحد من مقتل السفير الأمريكى فى ليبيا كانت هناك سفينة محملة بالسلاح تم إرسالها من ليبيا والولاياتالمتحدة كانت على علم بذلك، وتم عقد لقاء مع قبطان السفينة الذى أخبر الأمريكيين بأن الشحنة وصلت بالفعل إلى المعارضة السورية المسلحة وأن نزاعا مسلحا نشب بينهم بسبب تقسيم الشحنة. ووفقا للسيناتور راند بول فإن السفير الأمريكى لدى ليبيا، كريستوفر فرستيفنس لم يشرف بنفسه فقط على تحميل الشحنة،ولكنه أيضا قام بتجنيد جهاديين لدعم المعارضة السورية. وأكد راند بول أن المقاتلين السوريين فى أغلبهم أعضاء فى جبهة النُصرة ولهم علاقات مع تنظيم القاعدة، ومن غير المقبول أن تقوم الولاياتالمتحدة بتسليحهم لأنهم يشكلون تهديدا للشعب السورى نفسه.