يمكن أن تعتبر فيلمًا مثل «oz the great and powerful» للمخرج «سام ريمى» مزيجًا بين ثلاثة أنواع من السحر المتنوعة: سحر الخيال المحلق القادم مباشرة من قصص الحواديت والساحرات الطيبات والشريرات على حد سواء، وسحر العلم الذى ينتمى إلى القرن العشرين، حيث اخترعت البشرية عدة اختراعات جعلت من الأحلام حقائق، أما العنصر الثالث فهو سحر السينما، ذلك الفن الذى استطاع عبر وسائل الابهار البصرية والسمعية أن يجسد الخيال بصورة تجاوزت بقية الفنون الأخرى، ولفيلمنا الذى يمكن ترجمة عنوانه إلى: «أوز العظيم والأكثر قوة» أسلحة كثيرة أبرزها أنه أنتج بتقنية البعد الثالث التى تفصل بين مقدمة الصورة وخلفيتها، والتى تكاد تنقل ما يحدث من أطياف إلى عيون المتفرجين ومقاعدهم. الفيلم قادم أيضًا من أحد مصانع هوليوود الشهيرة للأحلام، وهو استديوهات ديزنى التى تتوجه عادة إلى الفئات العمرية الأصغر سنًا، ولكن ذلك لا ينفى عن هذه الأفلام صفة تعدد الأبعاد والمعانى ورسم بساطة الحواديت، حكاية الساحر «أوز» مثلًا مغزاها الواضح هو الإيمان بفكرة المخُلص الشجاع، البطل الفرد الذى ينقذ الآخرين بدوافع إنسانية عامة، أو حتى بمنطق عملى براجماتى، يقول الفيلم إنه بدون الإيمان والشجاعة لا يمكن أبدًا هزيمة الشر، ولكن الملاحظ أن الفيلم يمتلك رؤية تمزج، إذا جاز التعبير بين المنطق الغيبى (حيث عالم السحر بصورته المعتادة) والمنطق العلمى (حيث توظيف اختراعات توماس أديسون المعرفة لمحاربة الشر وهزيمة الساحرات، يقول بطل الفيلم الساحر خفيف الظل أو سكاز، أو «أوز» كما يطلقون عليه، إنه يحلم بأن يكون مزيجًا بين «هودينى»، وهو ساحر شهير ومعروف، والمخترع «توماس أديسون»، ويتحقق ذلك حرفيًا فى النهاية، ولأن أديسون اخترع بعض أدوات العرض التى كانت خطوة فى طريق ابتكار السينما، فإن الفيلم يستخدم تلك الصور المتحركة الأولى لكى يقدم تحية مزدوجة للعلم ولفن السينما، والحقيقة أن الفيلم كله، وبتنفيذه الرفيع وبصورته المبهجة يمثل تحية واضحة للسينما القادرة على جعل الخيال وكل الأحلام بين أطراف أصابعك وأنت داخل قاعة مظلمة! ورسمت شخصية الساحر «أوز» بطريقة طريفة: نحن الآن فى ولاية كناس عام 1905، ضمن إحدى فرق السيرك المتجولة، يقوم الساحر أوسكاز بتقديم عروضه التى تعتمد على خفة اليد، نراه شابًا شفوفا بالإيقاع بالجميلات يقدم إليهن دائمًا صندوقًا صغيرًا يعزف الموسيقى، ويعتمد على مساعدة فرانك لانجاز الخدع التى يقدمها على المسرح مستعينًا بالأسلاك غير المرئية، فتاه صغيرة مصابة بالشلل تطلب منه أن يجعلها قادرة على المشى وأسرتها تعرض عليه كل ما تمتلكه من نقود، ولكنه يتهرب منها يطارده رجل عملاق من أبطال السيرك لأنه خطف منه الفتاة التى يحبها ينتهز «أوز» الفرصة فيهرب فى منطاد كبير ثم تأخذه عاصفة لتلقى به فى عالم مدينة «أوز» لتبدأ مغامرته الكبرى. يُقدم الفيلم مشاهد السيرك بالأبيض والأسود ثم تظهر الألوان الكاملة وتتسع الشاشة استعدادًا للمغامرة الأصلية، يلتقى «أوز» أولًا مع الفتاة «تيودورا» التى تخبره أنهم ينتظرون بناءً على نبوءة والدها الراحل، ظهور ساحر يستعيد العرش من الساحرة الشريرة التى قامت تقتل الملك الأب بالسم، تحدثه «تيودورا» أيضًا عن شقيقتها الجميلة «إيفا نورا» التى تعيش فى مدينة الزمرد الخضراء والتى تتحالف معها ضد الساحرة الشريرة يقابل «أوز» الشقيقة «إيفا نورا» التى تطلب منه أن يذهب إلى غابة الظلام لمحاربة الساحرة الشريرة والقضاء عليها بتكسير عصاها السحرية ومقابل ذلك سيحصل «أوز» على العرش وحجرة مليئة بالعملات والكؤوس الذهبية. يعرف «أوز» أنه ليس ساحرًا حقيقيًا ولكنه وقع فى غرام «تيودورا» كما أنه يطمع فى الحصول على العرش والمال والذهب، ثم يعثر على صديقين هما القرد الظريف «فينلى» والعروسة الجميلة الصغيرة المصنوعة من الخزف والتى نجح «أوز» فى إعادة تركيب ساقيها بمادة لاصقة كان يحملها وعندما يصل فريق «أوز» إلى مكان الساحرة الشريرة يكتشفون مفاجأة جديدة، فالساحرة المقصودة اسمها «جليندا»، وهى ساحرة طيبة وابنة الملك الراحل، تكشف «جليندا» للساحر الشاب عن أن الساحرة الشريرة الحقيقية هى «إيفا نورا» التى دست السم فقتلت والدها على الجانب الآخر، تبدأ «إيفا نورا» بالانتقام من «أوز» و «جليندا» وتقوم بتحويل شقيقتها الطيبة «تيودورا» إلى ساحرة شريرة قبيحة الوجه بعد أن استغلت غيرتها على الشاب «أوز». الفيلم ممتع بصريًا وهناك مشاهد بأكملها أقرب إلى اللوحات المتحركة خاصة تلك التى تجسد الأزهار الملونة المتفتحة أو كائنات الغابة العجيبة كما تم تنفيذ كل الخدع البصرية بطريقة شديدة الاتقان يضاف إلى ذلك الكثير من اللمسات الكوميدية دون أن يفلت معنى الفيلم الواضح: السحر الحقيقى هو الإيمان والتضحية من أجل الأخرين واستخدام العقل لخدمتهم.