جاء اختيار الرئيس الأمريكى باراك أوباما ل «جوليا بيرسون» لرئاسة جهاز الخدمة السرية الموكل بحماية رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية ليشكل مفاجأة لكثير من المراقبين والمحللين، باعتبارها أول امرأة تشغل هذا المنصب منذ تأسيس الجهاز عام 1865، فعلى مدار 148 عاما سيطر الرجال على جهاز الخدمة السرية، حتى جاءت بيرسون لتكسر القاعدة وتشغل هذا المنصب الرفيع. أسباب اختيار «بيرسون» أثارت تكهنات كثيرة، وإن كانت غالبية التحليلات السياسية فى الصحف الدولية اتفقت على أن قرار أوباما بتعيين امرأة لهذا المنصب هى محاولة لتغيير الأجواء السائدة داخل الجهاز، وإعادة السمعة الطيبة له بعد الفضيحة التى شملت قيام موظفين فى الجهاز باصطحاب بائعات هوى إلى غرفهم بفندق فى مدينة قرطاجنة بكولومبيا قبل زيارة أوباما إلى هذه الدولة فى إطار المشاركة فى قمة الأمريكتين العام الماضى، وفى هذا الإطار ذكرت صحيفة «الجارديان» البريطانية أن مهمة بيرسون الأولى ستكون إعادة بناء الثقة فى الجهاز بعد تلك الفضيحة التى أثارت تساؤلات كثيرة لها صلة بالأمن القومى للبلاد، أما المهمة الثانية لبيرسون كما تقول وكالة الأنباء الفرنسية فهى إضفاء طابع نسائى للجهاز الذى يطغى عليه الرجال، وهو ما أكده رئيس مكتب التحقيقات فى الجهاز «ديفيد أوكونور» لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية الذى قال إن اختيارها للتصدى للانتقادات من سيطرة الرجال على الجهاز. وقد تنوعت آراء ومواقف السياسيين والصحفيين والعاملين بالجهاز حول هذا الاختيار، فبينما أشاد البعض بقدرات بيرسون، رأى البعض الآخر أنها لا تصلح لتولى رئاسة هذا الجهاز الخطير المسئول عن حماية كبار مسئولى الدولة وعائلاتهم، كما يتولى حماية رؤساء الدول خلال زياراتهم للولايات المتحدةالأمريكية، فقال الكاتب والصحفى الأمريكى «رونالد كيسلر» لصحيفة «الجارديان» البريطانية إن اختيار بيرسون التى أمضت 30 عاما داخل الجهاز سيؤدى لمواصلة الوضع الراهن، مضيفا أنه لن يتغير شىء ما لم يتولى الجهاز شخص من الخارج، أما «باربرا ريجسى» والتى كانت أول امرأة تشغل منصب نائب مدير الجهاز عام 2004 والمتقاعدة الآن، فقالت لصحيفة «واشنطن بوست» إن بيرسون لديها كل المؤهلات بصرف النظر عن الأحداث التى وقعت قبل عام، وأضافت: أعتقد أن الفضيحة مازالت عالقة فى أذهان عامة الشعب، ولا تزال الصحافة تتناولها، ولهذا سوف يتعين عليها التعامل مع ما هو متبق منها. على الجانب الآخر، صرح أحد زملاء «بيرسون» للصحيفة الأمريكية دون الكشف عن هويته بأن بيرسون قضت حياتها فى مكتبها، مشيرا إلى أن هذا المنصب كان من حق ديفيد أوكونور رئيس مكتب التحقيقات فى الجهاز، وقد رفض أنصار بيرسون تلك التوصيفات، وقال «رالف باشام» الذى عمل مديرا للجهاز فى الفترة من 2003 إلى 2006 تحت قيادة بوش الابن: «هذا ظلم تام، لقد أثبتت جوليا نفسها كقائدة، ومن خلال عملها مديرا مساعدا ورئيسا لطاقم الموظفين.. إننى أفضلها عن أى شخص آخر من داخل الجهاز». والمعروف أن جهاز الخدمة السرية أنشئ بعد اغتيال الرئيس الأمريكى إبراهام لينكولن عام 1865، إلا أنه كان تابعا للخزانة، وبعد اغتيال الرئيس ويليام ماكنلى أسندت مهمة حماية الرئيس للجهاز بشكل رسمى، ويضم الجهاز 1400 ضابط و3500 عميل، ولديه ميزانية ضخمة تقدر ب1.5 مليار دولار، أما بيرسون فلها تاريخ طويل فى العمل داخل الجهاز، وانضمت عام 1983 كعميلة خاصة فى ميامى، وكانت قبلها شرطية فى مركز شرطة أورلاندو، وبعد خمس سنوات من التحاقها بالجهاز، تولت جوليا منصب الحماية الرئاسية، ثم تولت مهام المنسقة عام 1992، وفى عام 2008 تم تعيينها رئيسة لديوان موظفى مكتب مدير الجهاز.