مدهش هذا الإبداع الذى أتى فى وقته تمامًا دونما أن يرتب له الفنان، هو فقط يعبر عما اكتشفته حاسته فترجمه فى لوحات كانت أدائه فيها ألوان «الإكلريك» ومفرداته التاريخ المصرى منذ الحقبة الفرعونية وماتلاها من عصور إلى الحاضر الذى نعيشه.. عن شريف رضا ومعرضه الأخير الذى يحمل عنوان «مصريات» نتحدث أن تجمع «وجوه الفيوم» المشهورة الآتية من الحقبة القبطية لمصر بمفردات الفن الفرعونى وتشكيلاته المكونة من حيوانات وطيور وأسماك تعكس أساطير السحر الذى اشتهر به عصر الفراعنة، مرورا بمفردات من العصرين الإغريقى والرومانى الذى تشاركا مع الفرعونى فى تلك المفردات وانعكست جميعها فى أشكال متعددة من الفنون بأنواعها الأكثر شيوعا، وهى الأخضر الفيروزى والتركواز وهى الألوان الحاضرة بقوة فى لوحات شريف رضا. وأن يستوعب هذا كله الخط العربى الرصين الثلث والفارسى بأناقتيهما وتعجن كل هذه المفردات فى توليفة وتكوينات تحمل عنوان «إسلاميات». وفى اللوحات ليست هناك زخارف إسلامية تقليدية أو رموز إلا الخط فقط الذى استلهم هذا الفن واستلهمه الفنان الذى يعشق فن الخط العربى فدرس منذ وقت مبكر من عمره قواعده وفنونه وطبقها أخيرًا فى لوحات بطريقته الخاصة، لم ينقل الفنان ولكن ابتكر وأبدع تشكيله الخاص واختزل حضارة العصور التى مرت بمصر وانصهرت لتشكل حضارة هذا البلد الفريدة فى تشكيلاته التجريدية. زائر المعرض كان لابد أن يلفت نظره استثناء لعض الصور الفوتوغرافية ولوحة قديمة «للبسملة» منقوشة بخط عربى رصين، وإذا ما سألت الفنان عن هؤلاء يقول لك: الذى رسم هذه اللوحات هو أبى ولوحة البسملة لجدى لإمى، سليمان مصطفى، الفنان ورث جينات الفن عن إمه وأبيه هذا ما يؤكده الفنان. لسائله ويضيف: الفن انتقل فى عائلة أبى وأمى من جيل لجيل. روح الإيمان التى تشع من لوحات شريف تترجمها كلماته التى يقول فيها: اخترت أن أترك لوحاتى بلا عنوان؛ تركت هذا لخيال كل من رآها واكتفيت أن يحمل ا لمعرض اسم «إسلاميات» وأنا أؤمن-والكلام لشريف رضا- أنه لا تضاد بين الفن الراقى والإيمان، بل على العكس فكلاهما يدعم الآخر، وعندما يتأمل الفنان إبداع الخالق الأعظم سبحانه وتعالى يزداد إيمانًا ويقينًا فى وجود الله وقدرته فى خلقه.