فى ظل ما يعانى منه المواطن المصرى من أزمات أثقلت كاهله تردد أخيرًا أن وزارة البترول سوف تحرر سعر بنزين95 وترفعه إلى سعر التكلفة فضلًا عن تحديد خمسة لترات بنزين يوميًا. لصاحب كل سيارة، وهو ما فجّر حالة من الغضب لدى المواطنين الذين قالوا إنهم ضحية لإقدام الحكومة على الاقتراض من صندوق النقد الدولى الذى يشترط رفع الدعم عن بعض السلع الإستراتيجية من بينها الوقود.. أكتوبر «طرحت الأزمة من كافة عناصرها على مواطنين ومسئولين وخبراء فجاءت ردود الأفعال فى سياق التحقيق التالى. حول رؤيته للمشكلة التى تؤرق قطاعاً عريضاً من المصريين يقول الدكتور محمد رضا محرّم أستاذ هندسة واقتصاديات المواد المعدنية والطاقة بجامعة الأزهر إن مشكلة دعم الطاقة تراكمية منذ عشرات السنين فالدعم فى عام 1977 كان يقدر بحوالى 553 مليون جنيه فى الوقت الذى انتفض فيه الناس من أجل الخبز والبنزين أما الآن فيصل حجم الدعم إلى حوالى 130مليار جنيه وهذا يعنى أن الدعم تضاعف 260 مره ولا يمكن أن تحل مشكلة بهذه الضخامة فى عدة أشهر حتى نتمكن من الحصول على قرض البنك الدولى، مشيرًا إلى أن الحكومة تواجه مشكلة حقيقية وحادة يستحيل ان تحل بهذه الطريقة وخاصة أنها لا تجد أى سند سياسى لا من الحزب الحاكم ولا من الإخوان المسلمين ولا من مؤسسة الرئاسة ولا من مكتب الإرشاد لأن الجميع مشغول فى الانتخابات القادمة (مجلس النواب) مضيفًا أن وزير البترول يتحمل مسئولية أكبر من قدراته علمًا بأنه ليس فى مقدوره أن يقدم حلولاً لمشكلة الطاقة فى هذا الوقت الضيق سواء من خلال كوبونات البنزين أو البوتاجاز أو السولار أو حتى الغاز الطبيعى فهذه المشكلات أكبر من الوزير لذلك يجب على الجميع أن يضعوا خطة بآليات محددة تنفذ من خلال مشاركة الشعب بعد أن تثبت الحكومة أنها جادة بعيدًا عن جيوب الفقراء. فوزير البترول يجب أن يعرف جيدًا أن هذا العبء أكبر من قدرات أى وزير وخاصة أنه يهدد بإحراق الوطن ونفاذ صبر هذا الشعب الذى ارتفع سقف طموحاته بعد ثورة 25 يناير ومن هنا كانت الاقتراحات المتعجلة وغير المدروسة الخاصة بكوبونات الوقود حيث يجب أن تتضمن آليات ومخططات تنفذ من خلال مدى زمنى للإنجاز يتناسب مع المدى الزمنى الذى تراكمت فيه مشكلة الدعم. وأضاف أن هذه الخطة تحتاج فترة زمنية لا تقل عن خمس سنوات تصل إلى عشر سنوات وإلا فستنفجر فى وجوهنا فحل مشكلة البنزين والسولار من خلال الكوبونات وحل مشكلة البوتوجاز من خلال بطاقات التموين كلها اقتراحات بها من العيوب أكثر مما فيها من الحلول. ففى البنزين الكميات المقترحة المقدرة حسب الدراسات للسيارات الملاكى لا تتناسب مع الأحوال المرورية للبلد كما أن النسبة الأكثر فى السيارات قديمة. وبالتالى فإن استهلاكها للوقود عال. إضافة إلى أن الشوارع مزدحمة والحركة بطيئة والوقوف متكرر والطرق سيئة وغير ملائمة مما يؤدى إلى صعوبة الحركة وزيادة الاستهلاك أيضاً التوزيع السكانى بالنسبة لمواقع العمل فالبعض يعمل فى جنوبالقاهرة ويسكن فى شمالها والعكس، وهناك من يعمل فى محافظة ويسكن فى محافظة أخرى وبالتالى فإن كمية خمسة لترات بنزين لكل سيارة فى اليوم عبث بكل المقاييس وبالتالى فسوف تظهر مشكلات عديدة مع التأكيد أن أصحاب السيارات الملاكى فى مصر ليسوا من الأغنياء ولكنهم من الطبقة المتوسطة حسب تعريف البنك الدولى بأن الأسرة التى يكون دخلها أقل من 2000 جنية من الفقراء. وهؤلاء مضطرون لشراء سيارات متهالكة تستهلك بنزيناً أكثر لتنقلهم إلى مسافات أبعد وتطبيق مثل هذا النظام من الكوبونات سيقع بهذه الطبقة فى ورطة وبالتالى تدفع إلى الثورة القادمة التى قد يطلق عليه ثورة الجياع. وأضاف استاذ الطاقة أنه على الحكومة أن تدرس هذا الأمر جيدًا وتشرك الشعب وتعطيه الفترات الكافية من الوقت للنقاش. وتساءل د. محرّم عما إذا ما كانت الحكومة تستطيع أن تمنع الكوبونات المجانية وتحدد لسيارات الوزارات والهيئات 5 لترات بنزين فى اليوم؟. من جهته يقول الدكتور حسام عرفات رئيس شعبة المواد البترولية إن قضية كوبونات البنزين والسولار مطروحة من طرف واحد ولم تدخل فى حيز التنفيذ وهى تحتاج إلى حوار مجتمعى يشمل كل الأطراف. وهذه القضية هى عبارة عن بالونة اختبار لمعرفة رد فعل الشارع وإلا كان من الأجدى تنفيذ قرار رئيس الوزراء بتنفيذ توزيع البوتاجاز على الرغم أنه أسهل بكثير ولم ينفذ وأضاف عرفات أننا لسنا ضد أى مشروع يصب فى مصلحة المواطن لكن يجب أن يكون بشكل منظم وأن تكون له آلية للتنفيذ، مؤكدًا عدم نجاح هذا المشروع لعدم وجود معايير تحدد مدى نجاخ أو فشل هذا المشروع واذا تم تطبيق هذا المشروع فهل يطبق على موكب الوزراء وهل تمنع الكوبونات المجانية التى تخرج وتوزع للوزراء وكبار المسئولين فى الوزارات والهيئات وفى الشرطة والجيش وغيرها من المؤسسات السيادية للدولة. إذاً فكل هذه المعايير إذا لم تطبق فلا يمكن أن ينجح مثل هذا المشروع فى ظل غياب الإدارة السياسية. وأضاف عرفات أن الدولة عجزت عن سداد بعض المتطلبات الأساسية ومن بينها الوقود الذى يعد من أهم السلع التى يجب أن تكون متوافرة وإلا فسوف يسبب هذا كارثة فى كل لحظة. فكميات الوقود التى حددتها الوزارة ليس كافية للسيارات فمثلاً الملاكى تحتاج إلى أكثر من خمسة لترات من البنزين التى حددتها الدراسات وسيارات الأجرة تحتاج فى اليوم الواحد أكثر من 30 لتراً من السولار وإذا قامت الدولة بحل مشكلات المرور والطرق فيمكن أن نقدم على مثل هذا المشروع. ومن جانبه ذكر مصدر مسئول بوزارة البترول رفض ذكر اسمه أنه قبل أن تتحدث وزارة البترول عن تخفيض الدعم فعليها أن تمنع مسئولى الوزارات والهيئات الحكومية الذين يحصلون على كوبونات بنزين مجانًا رغم ما يتقاضونه من مرتبات ضخمه فضلًا عن استخدام سيارات الوزارة ومنهم على سبيل المثال ضباط الداخلية ومهندسو وزارة البترول وغيرهم ممن يستخدمون سيارات الوزارات ويأخذون كوبونات البنزين المجانية لسيارتهم الخاصة وأضاف أن مشكلة الوقود ستظل موجودة مادامت أن ديون الشريك الأجنبى تحاصر مصر ونظام الكوبونات لا يعنى نجاحه فى مصر فنحن نحتاج إلى تكاتف كل القوى للخروج بمشروع لا يحدث مشكلات بعد تطبيق هذا النظام الجديد. من جانبه يقول الدكتور حمدى عبدالعظيم أستاذ الاقتصاد أن فكرة كوبونات البنزين تساهم فى تخفيض عجز الموازنة بشكل كبير لأن دعم الطاقة يصل إلى أكثر من 130 مليار جنيه ووزارة البترول حددت 5 لترات من البنزين لكل سيارة فى اليوم الواحد وهذا لا يكفى فى ظل الاختناق المرورى وبالتالى يلجأ صاحب السيارة إلى شراء الكميات التى يحتاج إليها من البنزين بدون دعم أى بتكلفة اللتر ونظام الكوبون يوفر أكثر من 13 مليار جنيه من البنزين وأكثر من 4 مليارات جنيه من البوتوجاز حسب الدراسات. وأوضح عبد العظيم أن المعيار فى التطبيق يجب ان يكون السعة اللترية للسيارة وليس سنة الصنع لأن سنة الصنع دليل على الثراء فسيارة موديل 2010 وسعتها اللترية 1400سى سى لا تساوى سيارة موديلها أقدم وسعتها 1600 إذ أن السعة اللترية للسيارة وهى معيار مستوى دخل الفرد مؤكدًا على ضرورة ضبط الكوبونات حتى لا يحدث تزوير، كما يجب أن يحظر البيع فى السوق السوداء ويعاقب من يخالف ذلك حتى لا نخرج من مشكلة بالدخول فى مشكلة أكبر. وأضاف د.حمدى عبدالعظيم أن هذا سوف يقلل من استخدام السيارات فى كل الأوقات والاعتماد على المواصلات العامة فى بعض الأحيان وفى هذا السياق يقول صاحب سيارة ملاكى أن الأمر ليس بهذه السهوله فنظام الكوبونات الذى سمعنا عنه يبدو أنه معقد وغير واضح ومن المؤكد أنه سوف يحدث ارتباكًا شديدًا عند تطبيقه كما أن الكميات التى تحددها الحكومة غير كافية ولا يمكن ضبطها إلا إذا وجد نظام جديد يقينا من كل هذه التوترات. أما شراء البنزين بسعر التكلفة فهذا سوف يجعلنا فى أزمة لأن الظروف المعيشية ومستوى الدخل لا يتناسب مع زيادة الأسعار سواء على مستوى البنزين أو على مستوى السلع الأخرى التى تزداد بالتبعيه بعد زيادة البنزين والطاقة. وكان الدكتور أسامة كمال وزير البترول والثروة المعدنية أكد أن نظام الكوبونات سوف يتم تطبيقه فى أول أبريل القادم وذلك لعدم المساس بالمواطنين محدودى الدخل. وأوضح أن الكميات المدعمة هى1800 لتر بنزين للسيارات الملاكى حتى 1400سىسى وبدون تقيد بالسعة اللترية للسيارة. أما السياره 1600سىسى فسيتم دعمها جزئيًا أما ما يزيد على الكمية المحدده بالدعم من قبل الوزارة فسوف يباع بالأسعار العالمية سواء من ناحية البنزين أو السولار. وأضاف وزير البترول أن الدراسة التى قامت بها الوزارة شملت آراء خبراء ومواطنين حتى يتم تنفيذ هذا المشروع ويخرج بصورة صحيحة.