لاشك أن الأزمة السياسية فى العراق الآن تتجه نحو مزيد من التعقيد،خاصة مع اتساع رقعة الاحتجاجات ضد الحكومة فى الانبار وعدد من المحافظات العراقية، وذلك بسبب عوامل كثيرة ومتنوعة، ومنها عدم الانسجام فى المنظومة السياسية، وأزمة الثقة بين قادة الكتل السياسية، والشئ الأكثر خطورة هو أن هذه الخلافات بدأت تؤثر على المجتمع العراقى. د. ياسين الملا – مدير مكتب الاتحاد الوطنى الكردستانى بالقاهرة – يؤكد أن هناك دوافع طائفية وراء الحراك الشعبى والتظاهرات، موضحا أن المشهد العراقى أصبح خطرا جداً وبات يهدد بالتقسيم وبحرب طائفية. ويرى الملا أن الحل الأمثل لمشاكل العراق السياسية يكمن فى جلوس جميع الأطراف على مائدة الحوار لمناقشة الأمور بشكل مفتوح ومراجعة جادة للمشاكل التى تواجه العراق الذى يناضل الجميع ليكون نظامه ديمقراطيا ويحقق العدالة وذلك بعيدا عن الطائفية والتدخلات الخارجية التى تعمق الأزمة السياسية فى العراق. يذكر أن مئات الآلاف من العراقيين خرجوا الجمعة قبل الماضى فى تظاهرات تدخل أسبوعها الثالث احتجاجا على سياسات رئيس الحكومة العراقية نورى المالكى، فيما طالبت القائمة العراقية باستقالة المالكى واتهمته بالإقصاء، ونادى المجلس الإسلامى الأعلى والتيار الصدرى بالإصغاء للمحتجين وتحقيق مطالبهم وخاصة فيما يتعلق بإقامة إصلاحات سياسية وإطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات والإفراج عن بعض السجينات، خاصة أن عدد السجينات فى السجون العراقية بلغ 920 وأن نحو 700 منهن يمكن الإفراج عنهن إلى جانب تعديل أو إلغاء قوانين وتشريعات مثيرة للجدل. وشدد الملا على سلمية ومشروعية هذه المطالب، معتبرا أن التظاهر حق كفله الدستور للتعبير عن رأى المواطن باعتباره العنصر الأساسى فى العملية السياسية وينبغى عليه تشخيص الأخطاء واقتراح الحلول فى الوقت نفسه حذر من الأجندات المحلية والإقليمية التى تريد استغلال المظاهرات لتقويض العملية السياسية فى العراق . ويرى ان التدخلات الخارجية خاصة من قبل إيران تساهم بشكل رئيسى فى إشاعة الفوضى والاضطرابات وتهديد الوحدة الوطنية وجر العراق إلى الاقتتال الطائفي. ورغم تكرار دعوات ممثلى القوى السياسية إلى الحوار وطرح المشاكل بصورة شفافة، يخشى الملا من أن تتحول الأزمة إلى خلاف طائفى بين السنة والشيعة، محذرا من استمرار الوضع الحالى المتأزم لانه سوف يؤدى إلى غليان الشارع العراقى، مع تفاقم الأزمات وفشل القوى السياسية فى حلها، فضلاً عن إخفاق الحكومة فى معالجة ملفات الخدمات وتثبيت الأمن. وقال إن الانقسام الواضح فى القائمة العراقية بين مؤيدين ل?«المالكى» ومعارضين يؤكد أن العراق أمام رسم جديد للخارطة السياسية العراقية وهذا سيظهر بشكل واضح فى الأيام القادمة خصوصاً فى انتخابات مجالس المحافظات المقررة فى أبريل القادم وانتخابات مجلس النواب فى العام المقبل حيث إنها ستحدد ما إذا سيكون العراق قادراً على الحفاظ على وحدته وتماسكه، خاصة فى ظل الأزمة السياسية الخانقة التى تمر بالبلاد. وأضاف أن الوضع فى العراق لا يبعث على التفاؤل نتيجة تصاعد حدة الخلافات بين القوى السياسية، فضلاً عن التدهور الأمنى الملحوظ الذى تشهده البلاد لذلك لابد من إجراء حوار جاد بين القوى السياسية للخروج من الوضع الراهن المتدهورفى العراق. ومن جانبه يتوقع د. عبد الكريم العلوجى المحلل السياسى العراقى عدم تحسن الوضع الراهن فى العراق حتى اجراء الانتخابات النيابية فى عام 2014 لأن هناك توجها من المالكى لتقليل حصة إقليم شمال العراق من موازنة الدولة من 17 بالمائة إلى 13 بالمائة، وذلك سيخلق أزمة كبيرة ستكون الأكبر، ولكن شكل العلاقة سيتضح وعموم المشهد العراقى بظهور نتيجة انتخابات مجالس المحافظات فى 20 أبريل من العام الحالى. واعتبر أن الانتخابات ستحسم ملفين مهمين، الأول خارطة القوى داخل البيت الشيعى نفسه، ثم شكل العلاقة بين الشيعة والسنة، وكل ذلك ذو تأثير على علاقة الأكراد ببغداد. وأعرب المحلل العراقى عن توقعاته بأن الوضع السياسى الراهن لا يسمح بإقدام حكومتى أربيل وبغداد على الصدام المسلح، فهو سيكون كارثة والمبادر به سينظر إليه كمجرم حرب، ولن يترك طويلا، موضحا أن الوضع فى سوريا المتأزم يؤثر سلبا على الوضع السياسى فى العراق لذلك لابد من إقامة حوار جاد مع القوى السياسية لانهاء هذا الانقسام الذى يمكن أن يتحول إلى حرب طائفية .