«هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون» هذا كلام الله سبحانه وهو كلام مطلق يمكن أن نسقطه على قضايا كثيرة ومنها قضية الدستور التى يدلى الآن بدلوه فيها، من يعلم ويعرف بنوده ونصوصه وتفصيلات مواده ومن يجهل كل ما سبق ويسير وراء شعار صحيح أو مغلوط.. وحاشا لله أن نتهم الشعب المصرى ب «الجهل» لكننا عندما تصدينا لاستقراء رأى الشارع المصرى فى مشروع الدستور المطروح للاستفتاء بعد أيام فوجئنا بأن هناك كثيرين لا يعرفون عم يتحدثون. وهذا لا ينفى أن هناك آخرين على الأقل يتابعون ما يدور من جدل حول الدستور فى وسائل الإعلام ومن خلال المتابعة كونوا آراءهم الواردة فى التحقيق ولا يفوتنا أن نشير أيضاً إلى فئة ثالثة من المواطنين السلبيين الذين لايعرفون ولايهمهم أن يعرفوا وهذا هو الخطر بعينه. تقول ولاء خاطر (31 عاما) مهندسة: إنها لم تقرأ الدستور حتى هذه اللحظة وأن كل ما تعرفه استمعت إليه ممن حولها وأنه قد أثار مخاوفها مما سمعته عن تعريب الدراسة العلمية وهو ما تعتبره كارثة حتى ولو كان بدافع المحافظة على اللغة العربية لأن هناك وسائل اخرى للحفاظ على اللغة غير تعريب الدراسة، كما أنها سمعت انتقادات لبند المحافظة على القيم الأصيلة للمجتمع المصرى. وترى أنه معنى مطاط يفتح الباب لجماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر التى تحاول التغيير بيدها. أما إيمان محمود (26 عاما) معيدة بأكاديمية طيبة فتقول: أنا لم أقرأ كل بنود الدستور، إنما قرأت بعضها على «الفيس بوك» ولاحظت أن هناك مواد عليها اعتراضات وأخرى تحتاج للتغيير. ولاحظت أن الدستور الجديد يعطى للرئيس سلطات قضائية وتشريعية وتنفيذية وهذا مخالف للأعراف الدستورية. وذكرت إيمان أنها تريد فى دستور مصر الجديد أن تشعر بالأمان وأن يؤخذ برأيها وتحصل على حقوقها كاملة وأن يساعدها الدستور على أداء واجباتها. وقالت إنها ستقرأ الدستور وإذا رأت أن المواد التى عليها خلاف لا تمثل لها أهمية وليست مواد جوهرية وأساسية فتقول «نعم» للدستور. أما أميرة زكريا (27 عاما) مهندسة فتقول: لم أقرأ الدستور حتى الآن ولكن مبدئياً أنا مع الاتجاه المؤيد لأنى أريد الاستقرار وهذا بناء على ما سمعته من أن الدستور يمكن تغييره. ويمكن تعديل بعض بنوده لأن مصر لن تقف عند هذا الدستور بدليل انه تم تعديله وتغييره مرات كثيرة خلال ال100 عام الماضية، ولأن إقراره سيضع حداً لهذه الفوضى لأنه من غير المنطقى أن نظل فى دوامة التأسيسية كل هذا الوقت. وتتمنى زكريا عند الاستفتاء أن تجد ثلاث خانات الأولى (نعم) والثانية (لا) والثالثة للمواد المختلف عليها، بحيث نوجد حلاً لهذه المواد إما بإعادة صياغتها أو تغييرها بما يتوافق عليه الجميع لأن أوضاع مصر لا تحتمل هدم الدستور وإعادة بنائه من جديد. ويقول لوثر زكى (41 عاما) مهندس: دستور مصر (انسلق) فى 19 ساعة ولا يعبر عن المصريين لأنه لم يعط كل فئات المجتمع حقها. متسائلاً أين الكنيسة من هذا الدستور فلم يأخذ المسيحيون حقهم من الناحية الدنيية أو الوظيفية؟. ويرى رضا عبد العظيم (37 عاما) مؤذن بوزارة الأوقاف أن أغلب مواد الدستور مقبولة وأن ما يهمه فى هذا الدستور أنه وضع حداً أدنى وحداً أقصى للأجور لأن راتبه من أقل الرواتب وأنه سيوفر حياة كريمة له ولأسرته، مشيراً إلى أنه سيصوّت لصالح الدستور. وطالب بأن يتم تدريس مواد الدستور فى المدارس ليعرف الأبناء دستور بلادهم. وتعترض يارا صبحى - طالبة بكلية الآثار - على سرعة الاستفتاء على الدستور. وأنه يعيدنا إلى عصر الديكتاتورية. وتريد رباب خالد (24 عاما) أستاذة بالمركز القومى للبحوث أن يتضمن الدستور بنوداً تحفز البحث العلمى وتوفر له الامكانات المادية التى تعانى منها شخصياً رغم الأبحاث الهائلة المهملة والتى تعتبر ثروة فى أى بلد آخر. فى حين أكد أحمد سعد - بائع متجول - أنه سيصوّت على هذا الدستور بنعم حتى يستقر البلد ويتخلص من أعمال البلطجة وعلشان الدورى يبدأ! ويؤكد أحمد شعلان 20 سنة - طالب بكلية الهندسة جامعة عين شمس - أن الدستور الجديد لم يأخذ الوقت الكافى من اللجنة التأسيسية والجميع يعلم أن اللجنة قامت «بسلقه» للخروج من مأزق الإعلان الدستورى الذى رفضه البعض وهذا لا يليق بدستور الثورة. ويضيف شعلان: من خلال متابعتى للمسودة النهائية للدستور الجديد لاحظت إغفال أحد البنود الذى يشير إلى تولى منصب نائب رئيس الجمهورية وأيضاً تحديد من سيتولى المسئولية فى حالة حدوث أى مكروه للرئيس سواء بالوفاة أو بالمرض أشياء كثيرة تجاهلها دستور الثورة الذى كنا نعتقد انه دستور لكل المصريين ومنها أيضاً تجاهل نسبة العمال والفلاحين إضافة إلى إعطاء صلاحيات للرئيس تشعر كل المصريين بالخوف من العودة بالثورة إلى الوراء وإعادة نظام مبارك مرة أخرى. - وقال محمد محمود (31 سنة) - موظف أمن بإحدى شركات القطاع الخاص - إن الدستور الجديد تجاهل حقوق العديد من الفئات منها على سبيل المثال حقوق الأقليات والمهمشين وذلك نتيجة غياب ممثليهم عن اللجنة التأسيسية للدستور مما قد يتسبب فى حدوث احتقان فى الشارع المصرى، مشيراً إلى أن المواطنين البسطاء كانت حقوقهم ضائعة على مدار السنوات الماضية وكانت ثورة 25 يناير شعاع نور لتحقيق أحلامهم، ولكن بعد الإعلان عن المسودة النهائية للدستور الجديد أرى أن حقوقنا ضاعت مرة أخرى وهذا سيؤدى إلى رفض الاستفتاء -ومن جانبه، قال على محمد على (60 عاماً) ويعمل بائعاً إنه موافق على الدستور ولا يوجد به أية مادة اعترض عليها، بل يجب علينا جميعاً مساعدة الرئيس فى النهوض بمصر ونكف عن الاعتصامات والمظاهرات ولابد أن نعطى للرئيس فرصة «واحنا استحملنا مبارك 30 سنة نترك مرسى 4 سنوات» واذا لم يرضينا حكمه فسوف نغيره. - وأشار على أحمد جاد (36 عاماً) - بائع ملابس - أنه موافق على الاعلان الدستورى وسيذهب للاستفتاء على الدستور حتى نتخطى تلك المرحلة (وحتى ينصلح حال مصر). - أما على محمد أبو السعود (22 عاماً) - سائق - فقال: ليس لى علاقة بالدستور ولم أذهب لإبداء رأيى فى أى انتخابات سابقة ولن أذهب للاستفتاء على الدستور «أنا ماليش دعوة بالناس دى» اتعامل فى حياتى بطريقتى وأنا سعيد بتلك الطريقة ولن أغيرها لأنى تعرضت للظلم ومن يظلمنى منه لله. - ويقول سيد الكسار (65 عاماً) - صاحب محل ملابس - موافق على الدستور وسأذهب للاستفتاء عليه بالموافقة ويجب ألا نسمع للمعارضة لأنها كاذبة وتعمل لمصالحها الشخصية. - وقالت طبيبة بيطرية (رفضت ذكر اسمها) إن هذا الدستور منقوص ولن أوافق عليه لأنه يغفل دور المرأة والمساواة بينها وبين الرجل، وخاصة بعد انسحاب القوى القبطية والمدنية من الجمعية التأسيسية. - ويقول أحمد فريد حافظ (40 سنة) - أخصائى مشتريات بإحدى الشركات الخاصة-: الدستور كما أفهمه «السيستم» الذى تعمل بمقتضاه الدولة وهو الذى يحدد حقوق المواطن وواجباته، مشيراً إلى أن الدستور الجديد ليس دستوراً للثورة ولم تكن المسودة النهائية للدستور معبرة عن طموحات المواطنين فى دستور ما بعد 25 يناير خاصة أن اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور لم يتم اختيارها بحياد وموضوعية. - ويضيف حافظ أن دستور 71 كان يتضمن بنداً ينص على أن القاهرة هى عاصمة مصر فتم تعديله فى الدستور الجديد بإضافة «القاهرة عاصمة مصر ويجوز نقلها» وهو ما يتطلب توضيحاً لأن عملية نقل العاصمة يجب أن تكون فكرة مطروحة وإلا فلماذا التأكيد فى الدستور على جواز نقلها وهنا يطرح السؤال نفسه أين ستكون عاصمة مصر؟! - ويقول مجدى كمال - محام -: أرفض الدستور الجديد ولن أذهب للاستفتاء عليه خاصة بعد أن انسحبت الكنيسة من اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، فانسحاب الكنيسة وكافة الممثلين للتيارات المعتدلة يؤكد على وجود عوار فى الدستور الجديد ويقلق المواطنين - أما أسماء محسن - ليسانس آداب جامعة المنيا - (23 سنة) فتقول: على الرغم من أننى لم أقم بدراسة كافة بنود الدستور الجديد ولكنى واثقة من أنه هو الدستور المعبّر عن الثورة والذى يرضى المواطن المصرى المحايد والذى لا يرغب سوى فى صالح هذه البلاد وأثق فى الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسى على الرغم من الشد والجذب الدائر والذى نتابعه كل يوم لدرجة تجعل المواطن المصرى مشتتاً ولا يعلم من على حق ومن على باطل ويجب على الإعلام أن يفسر ويوضح ويكشف الأخبار دون تدخل ليبقى رأى الإعلامى رأياً شخصياً ويجب ألا يفرضه على المشاهدين ولتتم مناقشة الأمور بموضوعية لأن الهدف فى النهاية مصلحة البلاد. - ويضيف على شعراوى (39 سنة) -شاعر-: أنا مؤيد للدستور الجديد خاصة أن متابعاتى للجدل الدائر على الفضائيات لم تصل بى لأية ملاحظات تشير إلى وجود انتقاص فى المسودة النهائية للدستور وكل الانتقادات التى أجمعها ليست موضوعية ولا تهدف إلا لتشتيت الرأى العام وتوجيه رأى الشارع لعدم قبول الدستور وأنا متفائل جداً بالرئيس محمد مرسى ولا أعتقد أن عصر الديكتاتور سيعود من جديد ولكن البلاد تحتاج فى هذه المرحلة المنفلتة إلى قليل من الحزم والشدة ولا مانع من «الديكتاتورية العادلة». - ويقول سامح عبد الحميد - مهندس ميكانيكا بأحد المصانع: إن المسودة النهائية للدستور الجديد أظهرت أنه من أفضل الدساتير فى العالم وفى حالة وجود تجاهل لبند معين فلا توجد أية مشكلة. فعن طريق مجلسى الشعب والشورى بعد ذلك يمكن استكماله بمشاريع للقوانين المكملة ويمكننا إصلاح العيوب البسيطة بدلاً من أن نظل فى هذا الجدل الذى يعيدنا إلى الوراء ويبعد البلاد عن الاستقرار الاقتصادى والأمنى. - أما صبحى الباجورى (29سنة) - محاسب بإحدى الشركات الخاصة - فيشير إلى أن الدستور يجب أن يكون لكل المصريين ولا ينبغى أن يصفه تيار واحد يهدف فى النهاية إلى مزيد من السيطرة وينذر من خلال تلك الممارسات بعودة نظام ديكتاتورى أكثر شراسة من النظام السابق. - وتقول سارة فتحى - طالبة - (17سنة) أتمنى أن نجد فى دستورنا الجديد استقرار البلاد وأن نتخطى تلك المرحلة لنضع أقدامنا على الطريق الصحيح للعمل والإنتاج بهدف تحقيق النهضة لمصر ويجب أن يعلم الجميع أن التطبيق فى النهاية الفيصل فالدستور مجرد حبر على ورق ولكن فساد الناس أو صلاحهم هو من يعطى لهذا الدستور طريقه للنهوض بالأمة.