مع أن المشير أحمد إسماعيل مفخرة العسكرية المصرية وأبرز أبطال حرب أكتوبر قاطبة لكونه وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة ومع أنه حقق النصر لمصر بفضل التخطيط والعزم والإرادة والإصرار على النصر.. ومع أن الرجل استرد كرامة الشعب المصرى، ومعها شرف العسكرية المصرية، ومع هذا وذاك فإن بعض الأقلام قد طالته بالسوء وادعت - كما هو منشور - أنه كان يخشى المواجهة، ويرفض اتخاذ قرارات مصيرية، وأنه كان مكروهاً بين ضباط القوات المسلحة، وأن السادات اختاره لمنصب وزير الدفاع حتى يتحكم فيه وتتم السيطرة عليه، وكأننا فى حلبة مصارعة مع أن الصحافة العالمية قالت عنه إنه أعظم من ثعلب الصحراء الألمانى روميل وأقوى من الجنرال البريطانى مونتجمرى، وتم اختياره كواحد من بين 50 قائداً عسكرياً غير مجرى المعارك على مر التاريخ. ومع ذلك لم تكتف تلك الأقلام بالطعن فى الجنرال البطل، حيث تابعت قائلة: إن المشير أحمد إسماعيل كان يكره عبدالناصر لأنه قام «بطرده» من القوات المسلحة بعد هزيمة يونيه وطرده ثانية بعد حادث الزعفرانة عام 69 عندما عبرت 10 دبابات برمائية إسرائيلية قناة السويس، وهاجمت بعض الأهداف الحيوية. كما قالت نفس الأقلام إن ولاء أحمد إسماعيل كان للرئيس السادات، لأنه أعاد له الحياة وأنه - أى السادات - «سيده» و«ولى» نعمته، وبالتالى فلا يمكن له أن يعارضه، أو يعصى له أمراً على حد تعبير تلك الأقلام. وما دعانى لأن أقوم بهذا العرض هو أننى لاحظت، كما لاحظ الملايين غيرى، مدى الظلم الذى تعرض له المشير أحمد إسماعيل عندما جاء فى حيثيات اختيار الرئيس السادات له أنه كان رجلاً مريضاً بالسرطان، وكان الرئيس السادات يعلم ذلك، وتم تعليل ذلك بأن السرطان يظهر على صاحبه قبل موته بثلاث سنوات، وإذا كان أحمد إسماعيل قد تولى مسئولية وزارة الحربية عام 1972، وتوفى فى 1974، فإن السادات كان يعلم بمرضه، وبموته لا محالة. وبما أن الله يدافع عن الذين آمنوا فقد أكد الفريق الجمسى رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، ورئيس الأركان ووزير الدفاع فى مذكراته على أن المشير أحمد إسماعيل كان قائداً عسكرياً لا يشق له غبار، ويتمتع بخبرة ميدانية وعسكرية طويلة، حيث تدرج فى القيادة من قائد فصيلة مشاة، ثم كتيبة ثم قائد لواء، ثم فرقة، ثم استعان به الرئيس عبد الناصر ليتولى مسئولية قيادة جبهة قناة السويس بعد حرب يونيه 67 ورئاسة أركان جبهة سيناء. يقول المشير الجمسى: توطدت العلاقة بينى والمشير أحمد إسماعيل أثناء الدراسة معاً فى كلية الحرب العليا، بأكاديمية ناصر العسكرية خلال عامى 65 و1966، وهو ما أتاح لى معرفته معرفة شخصية وعندما قامت حرب أكتوبر تكامل فريق العمل العسكرى على مستوى القيادة العامة بوجود لواء طيار محمد حسنى مبارك قائد القوات الجوية، واللواء محمد على فهمى قائد قوات الدفاع الجوى واللواء فؤاد أبوذكرى قائد القوات البحرية وكان التعاون الوثيق هو السمة البارزة لعمل القوات المسلحة تخطيطاً وتنفيذاً مع احتراف العمل العسكرى. كان المشير أحمد إسماعيل - كما قال رفيق دربه المشير الجمسى - يمتلك المعلومات الكاملة والأفكار الدقيقة لما يدور داخل القوات المسلحة بحكم منصبه السابق وهو رئاسة المخابرات العامة، كما كان لديه التصميم والإصرار على استكمال الاستعداد للقتال لبدء الحرب فى أقصر وقت ممكن، لأنه كان يخشى إصابة الجنود بمرض الخنادق لاستمرار بقائهم فى الحفر لأكثر من 5 سنوات، كان المشير أحمد إسماعيل الذى قيل عنه إنه متردد، وأنه لا يستطيع اتخاذ قرار مؤمناً بأن فى يدنا سلاحاً جيداً، وأن امتلاك العدو لأسلحة ومعدات وتخصصات أكثر تفوقاً لا يعنى الهزيمة لنا، وأضاف المشير أحمد إسماعيل على لسان الجمسى: إن من يتعلل بالسلاح يستهدف عن قصد إيجاد ذريعة لعدم القتال. وفى اتصال هاتفى قال الخبير الاستراتيجى الكبير اللواء سامح سيف اليزل إن الخلافات الشخصية إذا تدخلت فى الشئون العسكرية أفسدتها، وبالتالى فيجب ألا نقف طويلاً عند الأمور الشخصية التى يرددها البعض، لأنها ببساطة لن تؤثر فى تاريخ الرجل العسكرى، فالمشير أحمد إسماعيل ثوبه ناصع البياض، ويكفى أنه وزير حربية نصر أكتوبر، وقد تحمل المسئولية كاملة، حتى أنه قبل الحرب بأيام قال له الرئيس السادات: إذا خسرت الحرب يا أحمد ستعلق رقبتك فى ميدان التحرير، فرد عليه بشجاعة الأبطال، ونُبل الفرسان: سننتصر بإذن الله. كان شرف العسكرية يجرى فى دم المشير أحمد إسماعيل ولا أكون مبالغاً إذا قلت إنه رجل الأقدار لحرب أكتوبر، لأننا علمنا نحن رفقاء السلاح من خلال أحاديث السيدة حرمه الحاجة سماح - على ما أذكر - أنه كان مصراً على دخول الكلية الحربية، وقد دخلها بعد رفض الأوراق لثلاث سنوات متوالية، وفى المرة الرابعة تم قبول الأوراق، وكان من دفعة جمال عبد الناصر، وبالتالى فقد كان المشير أحمد إسماعيل رجل الأقدار بمعنى الكلمة ليقود مصر إلى النصر. وعن التكريم الذى يمكن أن يمنحه الرئيس مرسى لأسرته هو تلبية طلب السيدة حرمه، والتى طالبت أكثر من مرة بضرورة إطلاق اسم المشير الراحل على محطة من محطات المترو الرئيسية أسوة بأبطال مصر العظام وأعتقد أن هذا طلب لا يساوى واحداً على عشرة مما قدمه المشير أحمد إسماعيل لمصر والمصريين.