خلاف لانتخابات الرئاسة الأمريكية التى جرت فى 2008، تبدو قضايا الشرق الأوسط مرشحة بقوة للعب دور «رمانة الميزان» فى سباق الرئاسة الأمريكى الحالى. يرجح هذا الاتجاه وجود منافسة شرسة بين المرشح الديمقراطى الرئيس الحالى «باراك أوباما» والمرشح الجمهورى «ميت رومنى»، والتى يحاول فيها كل مرشح البحث عن ثغرة يهاجم منها خصمه. ولهذا يتوقع أن يكون الشرق الأوسط مؤثرا بقوة حيث يعد الملف النووى الإيرانى الأكثر حضورا فى الانتخابات الأمريكية فى 2012. وعلى الرغم من عدم وجود خلاف جذرى بين «أوباما» و«رومنى» فى مضمون الاستراتيجية حول إيران وملفها النووى فإن الخلاف يظهر فى تفضيل رومنى تشديد اللهجة الأمريكية حيال طهران والتلويح بالخيار العسكرى، فى حين تفضل إدارة أوباما البقاء داخل الإطار الدولى فى تعاطيها مع إيران خاصة فى ظل تخوف الإدارة الأمريكية من مفاجآت طهران التى قد تظهر خلال الانتخابات سواء على شكل تصعيد عسكرى أو إعلان عن اختراق فى الملف النووى أو إغلاق مضيق هرمز والتلاعب بأسعار النفط فى شكل يؤثر بصورة مباشرة بالناخب الأمريكى. وقد جاء عرض الفيلم المسىء للرسول T ليشعل الحملة الانتخابية حيث استغل «رومنى» الأزمة، وشن هجوما عنيفا على «أوباما» حيث رأى البعض أن الفيلم كان إحدى آليات المعركة الانتخابية بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى، آخذا من الشرق الأوسط ملعبا له فى محاولة لإثارة الرأى العام الإسلامى لدفعه للقيام بأعمال عدائية ضد السفارات الأمريكية بهدف الزج بالولاياتالمتحدةالأمريكية فى القضية لتحقيق مكاسب للمرشح الجمهورى رومنى ووضع الرئيس أوباما فى مأزق. وفيما يتعلق بالأزمة السورية، وعلى الرغم من اتفاق رومنى وأوباما ضد النظام السورى فإن كلا الخصمين يضع أمامه الرأى العام الأمريكى الذى رغم اعترافه بمدى إجرام النظام السورى يرى أنه ليس المعنى بهذا الصراع، وأن على الولاياتالمتحدة ألا تتدخل عسكريا فى أى صراع لا يؤثر بشكل مباشر على المجتمع الأمريكى الذى لا يريد أن تصرف أموال دولته من أجل حروب وصراعات بعيدة، وخاصة بعد أن أنهك اقتصادها فى حربى العراق وأفغانستان. وفى ظل رغبة أوباما فى الحفاظ على شعبيته، وعدم السقوط فى الفخ مثلما حدث مع الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى، أعلنت الإدارة الأمريكية أنه ليس بإمكانها القيام بشىء للتدخل فى أزمة سوريا قبل الانتخابات الرئاسية، فى حين يقترح رومنى خطة بديلة لنهج اوباما تقوم على الدعم العسكرى للمعارضة السورية، وهو ما سماه «النشاط الخفى» حيث يعتقد رومنى أن من واجب الولاياتالمتحدة إسقاط النظام السورى من منطلق أن النظام السورى يمثل خطرا على المصالح الأمريكية كونه حليفا لإيران وحزب الله. ولا شك أن إسرائيل تعد من اللاعبين الأساسيين فى سباق الرئاسة الأمريكية، إذ يسعى كل من رومنى وأوباما لاستمالة الناخب اليهودى الذى يتمتع بنفوذ قوى داخل الأوساط الأمريكية، وذلك من خلال طمأنة إسرائيل بأنها ستكون أهم قضايا الرئيس القادم، وهو ما أكدته تحركات المرشحين، حيث وقع أوباما مشروع قانون يعزز التعاون مع إسرائيل فى مجال الأمن والدفاع، بينما يسعى منافسه «رومنى» إلى تقديم ورقة ولاء تؤكد أن أمريكا ستقف بكل قوتها مع إسرائيل، منتقدا أوباما لتقليله من علاقة أمريكا مع إسرائيل.