مع قناعتى بإضافة الشريط الغربى من سيناء بعمق ثلاثين كيلومترا (بداية خط المضايق) بامتداد قناة السويس إلى محافظات القناة الثلاث «بورسعيد والإسماعيلية والسويس» لتكون امتدادا طبيعيا لها يلغى انفصالها القسرى بفعل القناة التى شكّلت مانعا طبيعيا- لمئات مضت من السنين- ويفتح آفاق الامتداد التعميرى والاستثمارى لهذا الشريط الصالح لكل الأنشطة الزراعية والصناعية والتجارية. إلا أن قناعتى هذه تختلف تماما عن تقسيم ما تبقى من سيناء إلى محافظتين (شمال وجنوب) خاصة أن هذه البقعة المباركة تشكل وحدة جغرافية واحدة ترتبط ببعضها البعض ارتباطا كاملا. فشمال سيناء ذات الأرض الصحراوية الجبلية التى تتسع أوديتها الصالحة للزراعة اعتبارا من حدها الجنوبى شمال هضبة العجبة وحتى ساحل البحر المتوسط، باستثناء بعض الجبال، وإن كبرت مساحة بعضها فى منطقة الحائط الغربى لسيناء أوالمتناثرة فى وسطها مثل جيب المغارة الطبوغرافى وجبل يلق وجبل الحلال، إلا أن منابع المياه التى تغذى هذه الأودية وتشكل الروافد الرئيسية لوادى العريش الذى يصب فى البحر المتوسط بعد أن يحجز سد الروافعة (الواقع جنوبالعريش ب (50كم) جزءا من مياهه التى تفيض بمئات الآلاف من الأمتار المكعبة وتضيع سدى بعد أن تتلف مايعترضها من طرق ومنشآت. أكثر هذه الروافد تنبع من هضبتى العجبة والتيه وهما كتلة جبلية واحدة تمثل أكثر من ثلثى مساحة جنوبسيناء، وعليها تتكثف السحب المنخفضة والمتوسطة فيما يعرف ب (المطر التضاريسى) إضافة إلى المطر (الرخ) المتساقط من السحب العالية فتفيض أوديتها وسهولها الضيقة بملايين الأمتار المكعبة من الماء الذى ينساب إلى خليجى السويس والعقبة هدرا- إلا ما ندرمنها- أما المخرات والوديان الشمالية للهضبة فتتجمع مياهها فى المجرى الرئيسى لوادى العريش إضافة لما ينحدر من الجبال المتناثرة فى شمال سيناء. إن جبال سيناء وخاصة الجنوبية ليست مصيدة لمياه الأمطار فحسب ولكنها أيضا تشكل خزانات لها وتساعد على زراعة سفوحها- وهذا ما أكده العالم الكبير فاروق الباز. إن هناك دراسات لازمة للاجابة عن أسئلة محددة إذا كنا جادين فى إعمار سيناء منها: 1- ما حجم كمية الأمطار التى تسقط فوق سيناء سنويا؟ 2- ما حجم كمية مياه الأمطار التى تضيع سدى فى خليجى السويس والعقبة والبحر المتوسط؟ 3- ما هى التكلفة المطلوبة للسيطرة على المياه الهدر وتجميعها للاستفادة منها؟ 4- ما هى إمكانية إنشاء خزانات أو بحيرة صناعية شمال هضبة العجبة جنوب نخل؟ 5- لماذا لا تتم زيادة حجم الخزان خلف سد الروافعة صناعيا لحجز كميات أكبر من المياه بدلا من ضياعها فى البحر وتدمير المنشآت والطرق؟ 6- هناك تجربة ناجحة لسد صغير داخل أحد الجبال المتناثرة (سد الكرم فى جبل أم عصاجيل الكائن ضمن جيب ا لمغارة الطبوغرافى) لماذا لايتم تكرارها وخاصة فى جبال الحائط الغربى؟ 7- لماذا لا تنشأ مصانع الزجاج والرخام والسيراميك وكيماويات البناء بالقرب من منابعها فى سيناء؟ 8- لماذا لا تنشأ مصانع البتروكيماويات بالقرب من مصادرها الأصلية فى سيناء؟ 9- أين تعظيم وتنمية الثروة البشرية النادرة لبنات ونساء سيناء المتمثلة فى التطريز اليدوى بالإبرة ومشغولات الخرز ومنتجات البيئة؟ 10- أين سيناء من تصنيع الزيوت والتمور وتجفيف الفاكهة التى تفسد قبل نقلها إلى الأسواق غرب القناة؟ 11- إلى متى سنظل عاجزين عن استثمار بحيرة البردويل؟ 12- هل لدينا رؤية ديموجرافية لتنمية سيناء بشريا لتكون منطقة جذب سكانى لا تتحول مستقبلا إلى منطقة طرد؟ 13 أين ومتى ستستخدم طاقتا الرياح والشمس؟ 14 لماذا لا ينشأ معهد لأبحاث الصحراء فى وسط سيناء؟ 15 وأخيرا أو نحو ذلك (سؤال مهم لوزارة البحث العلمى) ماذا تعرفون عن بحيرة الشمس؟ وما هو العائد العلمى أو المادى منها إن كنتم تعرفونها؟ إن سيناء هى البقعة الواعدة من أرض مصر وهى الدرع الواقية فى مواجهة التهديد القادم ولن ينصلح حالها وهى مقطّعة إلى شطرين تديرهما محافظتان من أقصى طرفيهما فى الشمال والجنوب على أجمل شواطئ الدنيا لا هّم لهما إلا السياحة والسائحين بعيدا عن الوسط المقفهر المشتعل وساكنيه الذين لا صوت لهم ولا عائد يرتجى، رغم أنهم أصحاب الأرض وحماتها والأولى بالرعاية والتنمية. إن الأرض الصالحة للزراعة فى وسط وشمال سيناء تمكن زراعتها بمياه الجنوب (الأمطار) إذا توافرت الإرادة من خلال استراتيجية لإعمار سيناء بالمدى (القريب والمتوسط والبعيد)، كما أن الجنوب الغنى بموارده السياحية والبترولية هو القادر على توفير الميزانية اللازمة لخطة تعمير سيناء كلها بتخصيص جزء من هذه الموارد. فلتعد سيناء وحدة إدارية واحدة (عدا الشريط الملاصق للقناة بعمق 30كم) بشمالها وجنوبها ولتنشأ لها محافظة مركزية واحدة يكون مكانها مدينة نخل فى وسط سيناء، ويتم تخطيط هذه المنطقة لتكون مركز الثقل السكانى يضم مصانع للرخام والسراميك والزجاج والأسمنت والبتروكيماويات وغيرها من مصانع الكليم والسجاد والمشغولات اليدوية النادرة التى تعتمد على الخامات المحلية. ويمكن تغيير البيئة فى هذه المنطقة بإنشاء بحيرة صناعية جنوب نخل لتجميع مياه الأمطار والسيول المنهمرة من هضبة العجبة وما حولها من جبال، تزرع عليها آلاف الأفدنة. وسوف تجنى مصر كلها ثمار هذا التعمير،خاصة بعد توطين 3:2مليون مصرى قابلة للزيادة فى سيناء.