يبدو أن اللاعب الأرجنتينى المعجزة «ليونيل ميسى» لن يكون شاهداً فقط على البطولات الكروية التى يحققها مع نادى برشلونة الأسبانى، إنما قد يشهد أيضاً فى الأمد المنظور انفصال إقليم كاتالونيا معقل النادى الأشهر عالمياً عن أسبانيا، وتحوله إلى دولة مستقلة. ولم تكن المظاهرة التى خرجت مؤخراً فى مقاطعة كاتالونيا للمطالبة بالاستقلال عن إسبانيا هى الأولى من نوعها، فالاستقلال فكرة قديمة تراود سكان منطقة كاتالونيا، ولكن هذه المظاهرة كانت الأكبر والأكثر عددا، حيث شارك فيها قرابة مليون ونصف المليون مواطن خرجوا تحت شعار «كاتالونيا.. دولة أوروبية جديدة»، كما شهدت تأييدا من غالبية الأحزاب السياسية فى المقاطعة، وكان من نتائج تلك المظاهرة أيضا ما أعلنه رئيس الحكومة المحلية للمقاطعة «آرتور ماس» عن بدء حملة من أجل الانتقال نحو الاستقلال، وتعهده بالعمل لإنشاء دولة خاصة للمقاطعة التى تعد أغنى المقاطعات الإسبانية، وتضم 7.5 ملايين نسمة. وعلى الرغم من أن مقاطعة كاتالونيا تتمتع بوضع متميز فيما يخص الاستقلال الذاتى، فإن الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها إسبانيا فى السنوات الأخيرة أجبرت الحكومة المركزية على محاولة تحصيل المزيد من الضرائب من المناطق الأغنى فى البلاد وخاصة كاتالونيا، وقد أدى هذا الوضع إلى أن أصبحت المقاطعة هى الأكثر مديونية فى إسبانيا حيث تبلغ الديون فيها حاليا 42 مليار يورو من قيمة ناتجها المحلى الإجمالى، ووصل الأمر إلى أنها طلبت مساعدات وصلت إلى 5 مليارات يورو من الدولة على أمل سداد قروضها المستحقة، وقد عبر آرتور ماس عن تلك الأزمة قائلا:أعتقد أن ثمة شعورا بالتعب المتبادل بين كاتالونيا وإسبانيا، مشيرا إلى أن كاتالونيا تعبت من الدولة الإسبانية، وأن إسبانيا قد تعبت من طريقة التعامل مع الأمور فى كاتالونيا. وقد دفعت الأزمة الاقتصادية الخانقة فى المقاطعة الرافضين للانفصال لتغيير مواقفهم، ومنهم «جوردى بوبول» الرئيس السابق للحكومة المحلية الكاتالونية فى الفترة من 1980 وحتى 2003، وكان معروفا بمعارضته للانفصال، حيث قال فى تصريحات لصحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية «لقد أصبحت إسبانيا تضّيق على كاتالونيا، ولهذا فإن المقاطعة ينبغى أن تنظر فى إمكانية إعلان الاستقلال» مضيفا «أنا لم أغير موقفى، ولكن ببساطة البلاد هى التى تغيرت، لقد أصبحت إسبانيا ضيقة علينا، لم يعد لدى حجج لمعارضة الاستقلال، وإسبانيا هى المسئولة عن ذلك.. إن مدريد تجعل بلادنا غير فاعلة، ونحن لا نستطيع أن نتحمل هذا الوضع أكثر من ذلك». وإذا كان انفصال المقاطعة سيكون له تداعيات اقتصادية وسياسية لا يمكن إغفالها، فإن تداعياته الرياضية لا تقل أهمية، حيث تتساءل الصحف العالمية وجماهير الكرة حول العالم عن مستقبل نادى برشلونة إذا استقلت مقاطعة كاتالونيا، بالإضافة لسيطرة منتخب إسبانيا على كرة القدم العالمية بمنتخب غالبيته من لاعبى فريق برشلونة. ورغم أنه لم يشارك فى هذه المظاهرات أى من لاعبى برشلونة، وربما يرجع ذلك لمشاركة غالبيتهم فى جولة تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم 2014 مع منتخب إسبانيا، فإن رئيس النادى «ساندرو روسيل» شارك فى تلك المظاهرات، وإن كان أكد أنه شارك بصفته الفردية، وليس بصفته رئيسا لأشهر مؤسسة كاتالونية فى العالم، وتزامن ذلك مع إعلان برشلونة أن القميص الثانى لفريقه سيحمل وللمرة الأولى فى تاريخه الخطوط الحمراء والصفراء المميزة لعلم كاتالونيا، وجاء جوارديولا مدرب برشلونة السابق ليشعل الوضع بتأييده استقلال مقاطعة كاتالونيا.