بعد أن شن هجوما شخصيا على الرئيس الفلسطينى أبومازن حذرت حركة فتح المجتمع الدولى من التعامل مع وزير الخارجية الإسرائيلى ليبرمان. وفى بيان صدر عن مفوضية الإعلام فى الحركة، وصف فايز أبوعيطة الناطق بلسان فتح، ليبرمان ب «الشخصية الخطرة على الأمن والاستقرار فى المنطقة، وأن المكان الطبيعى لليبرمان هو السجن أو المصحة النفسية وليس وزارة الخارجية، لإنقاذ المنطقة من شروره وجرائمه وإرهابه. وفى رسالة وجهها وزير خارجية إسرائيل ليبرمان إلى اللجنة الرباعية الدولية للسلام فى الشرق الأوسط، والتى تضم الولاياتالمتحدة وروسيا والأممالمتحدة والاتحاد الأوروبى، طالبها بالعمل على إسقاط الرئيس الفلسطينى محمود عباس، ودعوتها إلى إجراء انتخابات مبكرة فى الأراضى الفلسطينية. وكانت صحيفة «هآرتس» قد نقلت فى عددها الصادر السبت الماضى عن ليبرمان قوله إن عباس «لا يمكنه البقاء فى السلطة أكثر من عام أو عامين وأنه.. « ووجه لأبومازن شتائم لا نستطيع نشرها. المتطرف ليبرمان لخص فى رسالته الأسباب التى تدعوه إلى اتخاذ مثل هذا الموقف، وهو أن أبومازن يعوق معاوده المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وبأنه يمارس ما سماه بالإرهاب الدبلوماسى ضد إسرائيل، وبأنه «أخطر» من خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحماس. ولذلك دعا إلى محاصرته فى مقر المقاطعة وجعله يواجه مصيرا مشابها لمصير الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات. ويأتى هجوم ليبرلمان منفردا بعد أن تبرأ منه ظاهريا رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع باراك ووزراء آخرون يرون أن عباس لا يزال شريكا فى عملية السلام فما سر الهجوم على عباس فى هذا التوقيت الذى لا يبدو أن هناك أى أمل فى أن تعاود فيه العملية السلمية هجومه ليشمل رياض المالكى وزير الخارجية الفلسطينى الذى شبهه بوزير الإعلام فى أيام ألمانيا النازية «جوبلز». ومن الأسباب الظاهرة لهجوم ليبرمان هو معاودة السلطة الفلسطينية مساعيها من أجل الحصول على مقعد دولة غير مكتملة العضوية فى الأممالمتحدة مثل الفاتيكان. وقد عمدت السلطة إلى تحريك هذا الملف، بعدما لاقت جهودها للحصول على صفة دولة كاملة العضوية على حدود عام 1976، رفضا أمريكيا وأوروبيا، كما هددت واشنطن باستخدام «الفيتو» ضد أى مشروع يطرح على مجلس الأمن فى هذا الشأن، ومن المعلوم أن مجلس الأمن يصدر توصية بقبول أو عدم قبول الطلب المقدم من أى جهة تريد الحصول على عضوية كاملة فى الأممالمتحدة. وربما دفع التحرك الفلسطينى ليبرمان إلى شن هجوم دبلوماسى وقائى على عباس، من أجل إحباط المسعى الفلسطينى الذى ينطلق من الشعور باليأس حيال إمكانية استئناف العملية السلمية فى المدى القريب، وخيبة أمل الفلسطينيين من اللامبالاة التى يتعامل بها المجتمع الدولى مع قضيتهم. ومن الأسباب التى دفعت ليبرمان للهجوم على عباس موافقة الأخير على إعادة فتح ملف وفاة الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات مسموما، والسير بالقضية إلى القضاء الفرنسى الذى سينظر فى القضية التى من الطبيعى أن تكون إسرائيل هى المتهم الرئيسى فيها، وطبيعى أن ترتد تبعات هذه القضية ضد إسرائيل. ولا يمكن إغفال أمور أخرى قد تقف وراء هجوم ليبرمان على عباس من بينها تمسك عباس بعدم استئناف المفاوضات مع إسرائيل إلا بوقف الاستيطان فى الضفة الغربيةوالقدسالشرقية، ودون الاعتراف بحدود عام 1967. ليبرمان المعروف بتشدده، وفهمه المغلوط لكثير من الأمور، يرى فى مواقف عباس «خطوات أحادية الجانب» ينبغى على الرئيس الفلسطينى ألا يقدم عليها. أما استمرار إسرائيل فى التهويد القدس، ومحاولة ربط الكتل الاستيطانية الكبرى فى الضفة بالقدس للقضاء على أى إمكانية لقيام دولة فلسطينية، فضلا عن استمرار اعتقال أكثر من 7000 أسير فلسطينى فى السجون الإسرائيلية وكأنه مطلوب من عباس أن يقف محايدا فى وجه الاعتداءات الإسرائيلية! وقد يكون هجوم ليبرمان هدفه تحويل الأنظار عن اتهامات الفساد التى يواجهها، والتى ستفرض عليه حال ثبوتها الاستقالة من منصبه وقد يكون الهجوم على عباس محاولة لشغل الرأى العام الإسرائيلى عما يواجهه ليبرمان من اتهامات تقضى على مستقبله السياسى. وعلى صعيد آخر رأى وزير الأوقاف والشئون الدينية الفلسطينى الشيخ محمود البهائى أن حركة «حماس» مشابهة لليبرمان فى معاداة الرئيس محمود عباس. وقال المباشر فى خطبة الجمعة فى مسجد «التشريعات» بمقر الرئاسة الفلسطينية وسط رام الله ندعو إلى التنبه واليقظة من المفسدين والمتربصين الذين يحاولون تدمير وتخريب مقدرات الشعب الفلسطينى وبث الفوضى داخل المجتمع الفلسطينى. وأضاف اليوم نحن نواجه أعداء كثرا، تختلف أهواؤهم لكنهم علينا يتوحدون البعض يريد أن يخفى سوءته، والبعض يريد إخفاء حقيقة أمره، غير أن الذى يدعو إلى العجب والحذر أن الكلمات نفسها التى يستخدمها أعداؤنا ضد قيادتنا مثل ليبرمان، يستخدمها متحدثون باسم حماس ليقفوا فى صف واحد وخندق واحد مع المتطرف ليبرمان ومع الاحتلال.