مات الجوهرى ولم تمت أفكاره وإبداعاته الكروية.. مات الجوهرى فى بلده قبل الأوان مثل كثيرين.. المنهج الذى رسمه «المخلوع» وهو محاربة كل مبدع «وتطفيشه» جعلت الجوهرى عاش فى قلوب وعقول من أحبوه رغم حقد الحاقدين.. كان يتحدى معارضيه بالصمت.. وضع أفكارا رياضية غير مسبوقة.. لا يعرف سوى الإخلاص فى العمل والالتزام فيما هو مكلف بأدائه.. حاربوه لأنه واجه جمال مبارك واعترض على تدخلاته.. فى الأهلى منعوه من دخول ناديه عندما وقف بجوار حق اللاعبين وساند منظومة الاحتراف التى أول من أدخلها مصر بعد كأس العالم 90 بإيطاليا. ننعيه من خلال السطور التالية ولا ننعى أفكاره وبرامجه فى تطوير كرة القدم.. ننعيه فى رحيل جسده فقط.توفى الجوهرى يوم الاثنين الماضى فى العاصمة الأردنية عمان عن عمر يناهز ال 74 عاما إثر نزيف حاد فى المخ فارق على إثره الحياة، أمضى الجنرال فترة قصيرة كلاعب مع الأهلى من 1955 وحتى 1964 بسب إصابة فى الركبة قرر على إثرها الاعتزال، وكان الجوهرى هدافاً للنسخة الأولى لكأس الأمم الأفريقية فى عام 1959 برصيد ثلاثة أهداف، وأحرزت مصر اللقب حين ذلك، كما شارك فى ألعاب روما الأوليمبية عام 1960. بدأ الجوهرى مشواره كمدرب مع فرق الناشئين فى الأهلى، ثم عمل كمدرب مساعد لمعلمه الأول «عبده صالح الوحش» مدرب النادى الأهلى وقتها وسافر الجوهرى إلى جدة عام 1977 ليعمل كمدرب مساعد فى اتحاد جدة السعودى وعاد أسطورة التدريب المصرى من جديد ليحقق مع النادى الأهلى إنجازا تاريخيا فى أول عام له كمدير فنى للفريق الأول وحصوله على لقب كأس أفريقيا عام 1982، وفاز مع الأهلى بكأس مصر عام 1983 - 1984. عاد الجوهرى مرة ثانية للأهلى بعد فقدانه الدورى أعوام 83 و94 على يد المقاولون والزمالك وكان عائدا من الشارقة الإماراتى وقاد الأهلى للفوز بكأس أفريقيا للأندية أبطال الكأس فى نوفمبر من نفس العام ولكن حدثت أزمة مع إدارة النادى أنهت علاقته بالنادى ورحل وقتها إلى تدريب الأهلى السعودى فى عام 1986 وجاء فى سبتمبر 1988 مدرباً لمنتخب مصر وتأهل به إلى كأس العام 1990 بإيطاليا ليفرح الشعب المصرى بعد غياب 56 عاما عن كأس العالم وقدم عروضا قوية أمام بطل أوروبا حين ذاك - منتخب هولندا - ولكن خرج منتخب الفراعنة من الدور الأول وترك الجوهرى المنتخب وعاد له بعد أقل من عام وقاد الفراعنة إلى حصد كأس العرب 1992 وبعد فشل الجوهرى للوصول إلى كأس العالم 1994 وترك المنتخب المصرى عُرض عليه تعاقد لا أحد يتوقع أن يوافق عليه الجنرال من نادى الزمالك، وكانت المفاجأة بموافقة الجوهرى وأحرز مع الزمالك لقب بطولة كأس أفريقيا وبعدها بشهر واحد فاز الزمالك على غريمه التقليدى الأهلى بكأس السوبر الأفريقى، وعند خسارة الدورى مع الزمالك ذهب الجوهرى للوحدة الإماراتى، ثم منتخب عمان قبل عودته لمنتخب مصر للمرة الثالثة عام 1997 ولم ينجح الجوهرى للصعود لكأس العالم إلا أن التعويض جاء سريعا وقاد الجوهرى مصر لإحراز لقب أفريقيا عام 1998 وأصبح اللاعب الوحيد الذى فاز بالبطولة كلاعب ومدرب. استقال الجوهرى هذه المرة من منتخب مصر بعد خسارة مُهينة أمام السعودية (5 - 1) فى كأس العالم للقارات فى المكسيك عام 1999 ورجع مرة رابعة فى 2000 بعد الخروج من الدور الأول فى كأس الأمم الأفريقية تحت قيادة المدرب الفرنسى «جيرار جيلى» وفى عام 2002 فشل الجوهرى للوصول بمنتخب مصر لكأس العالم فى كوريا واليابان وخرج من دور الثمانية فى كأس الأمم الأفريقية فى ذلك العام ليكون آخر مشوار الجوهرى مع الفراعنة. انتقل الجوهرى بعد ذلك إلى الأردن ليقود منتخبها إلى دور الثمانية فى كأس آسيا عام 2004 لأول مرة فى تاريخ الأردن واستمر الجوهرى مع الأردن حتى عام 2007 وعاد إلى مصر ليعمل مستشارا فنيا للاتحاد المصرى، ولكن سرعان ما قدم استقالته بسبب خلافات مع مجلس إدارة الاتحاد المصرى برئاسة سمير زاهر الذى يأخذ أوامره من النظام السابق المتمثل فى علاء وجمال مبارك اللذين اهتما بالرياضة من أجل السياسة والظهور للمجتمع المصرى فى رياضة كرة القدم والتقرب من فريق المنتخب المصرى. ولم يعد لمصر مرة أخرى بعدها وصرح حسام حسن بأن الجوهرى قال له قبل وفاته فى الأردن:(الله يكون فى عونكم من اللى بيحصل فى البلد). وعمل فى 2009 مستشارا فنيا للاتحاد الأردنى وأحدث تطويرا هائلا فى الكرة الأردنية حتى وافته المنية وهو فى عمان وكرمه الاتحاد الأردنى ومسئولو الرياضة واللاعبون والأندية وعقب وفاته مباشرة أطلق اسمه على شارع من شوارع الأردن بأمر وزير الرياضة والاتحاد الأردنى تقديرا لكل ما قدمه للكرة الأردنية وتطويرها وأمر رئيس الاتحاد الأردنى بإرسال جثمانه فى طائرة عسكرية خاصة وصرح مسئولون مصريون بإقامة جنازة عسكرية للجنرال المصرى وهذا لم يحدث، بل كانت جنازة لم تلق باسم هذا الرجل وما قدمه للرياضة المصرية مع العلم بأن الجوهرى رجل عسكرى وترك العسكرية وهو على رتبة عميد، فهل هذا ما ينتظره جنرال الكرة العربية؟!