وصلنا من الأستاذ طارق المهدوى مؤلف كتاب «حكايات الجوارح والمجاريح»، ردا على الموضوع المنشور فى هذا المكان منذ عددين سابقين بعنوان «الرئيس عمر سليمان بقلم ابن إسماعيل المهدوى، يتهمنا بكراهية الكتاب؟!... وإعمالا لحق النشر ننشر ما أرسله لنا تحت عنوان: أولاً: المحور المتعلق بالمحتوى حيث أوردت المحررة العبارة الآتى نصها: «الكتاب الشائك والملغم.. هذا الفصل تحديداً جاء مرتبكاً وباهتاً ولذلك لجأت للاستعانة بالشخصيات التى لها مصداقية لاستجلاء ما غمض عنا وهم كثر ولكنهم زاغوا وراوغوا جميعاً بلا استثناء رحت أخطط للاتصال بالمؤلف - الذى لم ألتقه ولا أعرفه - لأحاول سد ما بالكتاب من ثغرات وفجوات وتفسير كثير من الكلام الملغز والرسائل المشفرة التى يبعثها لجهات وأشخاص بعينهم». وهنا تبرز عدة ملاحظات لعل أهمها ما يلى: 1- رغم أن الكتاب ينقسم إلى سبعة فصول تستعرض كفاح الشعب المصرى المتواصل ضد الاستبداد والفساد والتبعية على امتداد العهود الأربعة المتتالية خلال ستين عاماً هى إجمالى عمر جمهورية الخوف البائدة، وذلك عبر شهادات مباشرة تروى الكثير من التفصيلات المعلوماتية لأهم وقائع تلك العهود بالتواريخ المحددة والأسماء الواضحة لشخصيات مازال بعضهم على قيد الحياة، إلا أن المحررة وجهت كراهيتها فقط ضد المعلومات الواردة فى الفصل الأول تحديداً والمتعلقة بالممارسات الاستبدادية القمعية لأجهزة الحكم الشمولى أثناء عهد جمال عبد الناصر، من خلال تشكيكها المبهم فى النوايا الشخصية للكاتب رغم أنه كان يمكنها الاستعانة بالمصادر المختلفة للمؤرخين الأجانب والمصريين سواء من الأكاديميين المحايدين أو ذوى الميول السياسية الإسلامية أو الليبرالية أو الماركسية ليس فقط لمراجعة معلوماتها التاريخية حول ذلك العهد ولكن أيضاً لتقدم ما يفيد القارئ من تأكيدات أو توضيحات أو إضافات أو تعديلات أو حتى تكذيبات لوقائع بعينها أوردها الفصل الأول، لاسيما وقد رفضت «الشخصيات التى لها مصداقية» عند المحررة نفسها حسب وصفها مجاراتها فى الكراهية مما كان كافياً لإعادتها إلى جادة الصواب الانفعالى، لتتعامل بما يقتضيه واجبها المهنى من موضوعية تجاه المعلومات الواردة فى الكتاب حتى لو لم يوافق بعضها هواها الشخصى المنحاز لجمال عبدالناصر، لكنها اختارت أن تحاكى المجموعات الأكثر تطرفاً من محبى عبدالناصر الذين ينصرونه بدون وعى ظالماً أو مظلوماً، وهو اختيار لا يليق بمجلة أكتوبر المحبوبة التى اعتادت على تقديم الحقائق الموضوعية للقارئ الكريم. 2- إن ما ذكرته محررة الصفحة الثقافية بالمجلة حول رسائل مشفرة يبعثها الكتاب لجهات وأشخاص بعينهم يثير علامات استفهام حول مدى متابعتها للمشهد الثقافى المصرى، ذلك أن كتاب «حكايات الجوارح والمجاريح» ليس سوى الجزء الثانى من سيرتى الذاتية المقسمة إلى ثلاثة أجزاء صدر أولها عام 2009 عن دار الهلال تحت عنوان «أوراق من دفتر الأوجاع» أما ثالثها فهو تحت الطبع حالياً بعنوان «كوابيس جمهورية الخوف» كما أن الصحف والمجلات المصرية الثقافية الجادة تنشر تباعاً وبانتظام كافة فصول الأجزاء الثلاثة المشار إليها منذ عام 2007 حتى الآن، بما فى ذلك الفصل الأول المعنون «الرفيق إسماعيل المهدوى» الذى كرهته المحررة لأن أحداثه تدور خلال عهد عبدالناصر والذى سبق أن نشرته مجلة «الهلال» بعددها الصادر فى مارس 2009، وبما فى ذلك أيضاً الفصل الأخير المعنون «الرئيس عمر سليمان» الذى أحبته المحررة لأن أحداثه تدور فى غير عهد عبدالناصر والذى سبق أن نشرته مجلة «أدب ونقد» بعددها الصادر فى يناير 2012، وهما مجلتان لا تصلان للأسف إلى الذين يكتفون بمتابعة المشهد الثقافى المصرى عبر الإنترنت. ثانياً: المحور المتعلق بالشكل حيث وضعت المحررة على رأس الموضوع المنشور فى المجلة عنواناً مغرضاً هو «الرئيس عمر سليمان بقلم ابن إسماعيل المهدوى»، ورغم افتخارى الشديد بصفتى ابناً لأبى الراحل الذى قهرته أجهزة الحكم الشمولى لعهد جمال عبد الناصر وهو الافتخار الذى يتجلى بوضوح فى كافة كتاباتى وآخرها افتتاح كتاب الحكايات بالفصل الخاص به، فإن إشارة المحررة للكاتب بوصفه ابن أبيه المقهور قد جاءت فى الموضوع المنشور ضمن محاولاتها للتشكيك فى نواياه الشخصية وموضوعيته بتصويره أمام القارئ وكأنه يقصد بكتابه الثأر لأبيه ممن قهروه فقط وذلك مخالف لحقيقة الكتاب رغم مشروعية الثأر فى بعض الحالات، وفى إطار نفس المحاولات المغرضة أيضاً وضعت المحررة تحت صورتى الفوتوغرافية اسم «طارق إسماعيل المهدوى» بالمخالفة للقواعد المهنية الملزمة بوضع اسم الكاتب كما جاء على غلاف كتابه وهو هنا «طارق المهدوى». ثالثاً: أظهرت المحررة كراهيتها غير المفهومة عندما أقحمت إضافة غير مبررة فى متن موضوعها حول الكتاب لتنفى سابق لقائها أو معرفتها بالكاتب وكأنها تتبرأ من جريمة، ولا يخفى على فطنة القارئ أن الإنكار فى غير موضعه يؤكد العكس، الذى يمكن تأكيده أيضاً بشهادة بيانات يتم استخراجها بسهولة حول الاتصالات المتبادلة على مدى الشهور الستة الماضية، أى قبل وبعد صدور الكتاب بين أرقام هواتفى وأرقام الهواتف التى تخص المحررة وأسرتها، والذى تؤكده أيضاً شهادة الأحياء من شهود واقعة تعرفى عليها لأول مرة قبل حوالى ثلاثين عاماً.