يتابع جمهور مسلسلات رمضان عملين تدور أحداثهما فى إسرائيل هما: «فرقة ناجى عطا الله» وحلقات «الصفعة» المأخوذة عن ملفات المخابرات المصرية، ويفتح هذا التواصل الباب من جديد لمناقشة صورة المجتمع الاسرائيلى فى الدراما المصرية التى تراوحت بين السذاجة وبعض السطحية مع الاعتماد عموما على فكرة التنميط، والوقوع فى فخ الكليشيهات، ولعل أسوأ ما يمكن أن يكتبه أى كاتب سيناريو أن يقدم شخصيات إسرائيلية بشكل غير طبيعى لا يمكن تصديقه، من الأفضل والأكثر نضجاً أن يتعامل مع تلك الشخصيات بطريقة درامية تبرز كل الابعاد الانسانية، كما أن إسراف بعض الأعمال الدرامية فى الحديث عن غباء ضباط المخابرات الإسرائيلية يضعف من الصراع، ويجعل العمليات الناجحة التى قمنا بها سطحية وهزيلة، لأنها كانت فى مواجهة مخابرات ضعيفة وساذجة. أما الكارثة الكبرى فهى فى أداء الممثلين لشخصية مواطنين إسرائيليين بالمبالغة فى الحركة، والبحلقة بالعين، وخفض الصوت، وترقيص الحواجب، وربما من أوضح النماذج على ذلك ما حدث فى مسلسل «رأفت الهجان» الشهير وبعض مشاهد إسرائيل فى مسلسل «دموع فى عيون وقحة»، اللذين أطلقا موجة كاملة من أفلام ومسلسلات الجاسوسية المكتظة بالشخصيات الإسرائيلية. هناك بالطبع أمثلة أفضل للدراسة الجيدة للشخصية الإسرائيلى كإنسان عادى، وليس كشيطان أو كسوبر مان، أذكر مثلاً أداء مصطفى فهمى الجيد فى «دموع فى عيون وقحة»،ودور رجل المخابرات الإسرائيلى الذى لعبه «يحيى الفخرانى» فى فيلم «إعدام ميت»، وأذكر أيضاً الدقة المدهشة التى قدمها فيلم «أولاد العم» للمخرج شريف عرفة لشوارع تل أبيب رغم اللجوء إلى التصوير فى جنوب إفريقيا أظن أيضاً أن حلقات «ناجى عطا الله» حققت نجاحاً معقولاً فى هذا الصدد، ولكنك لو شاهدت فيلماً مثل «مهمة فى تل أبيب» ستجد مايقرب من الكوميديا سواء فى الأحداث أو فى التفاصيل أو حتى فى ضبط الديكورات والملابس وأماكن التصوير. لانستطيع بعد كل هذه السنوات التى ظهرت فيها الشخصية الإسرائيلية ومدن إسرائيل أن نتسامح فى أخطاء الأداء أو فى المبالغات أو فى عدم مراعاة الدقة لطبيعة المجتمع الإسرائيلى أو حتى فى المباشرة فى طرح الأفكار السياسية، أصبحنا فعلاً أمام نوع من المسلسلات التى تحقق نجاحاً ربما لأنها تُشبع معنويا رغبة المواطن العربى المقهور فى وطنه فى أن يرى إنتصاراً وأن يعرف عدّوه، لابد أن نعترف أيضاً أن صورة العرب والمصريين فى الدراما الإسرائيلية لم تكن أيضاً دقيقة مائة فى المائة، اتذكر انى شاهدت فيلم «زيارة الفرقة» الذى يتناول رحلة فرقة عسكرية موسيقية مصرية لإسرائيل، كانت هناك مشكلات فى اللهجة المصرية وفى الملابس التى ترتديها الفرقة، ولكن أفضل مافعلوه انهم قدموا نماذج انسانية حقيقية بكل نقاط قوتها وضعفها، وهو أمر لم تنجح الكثير من الأعمال المصرية فى تقديمه للشخصية الإسرائيلية التى سرعان ماتتحول إلى شيطان بخيل وغبى فتسقط الدراما قبل أن تسقط إسرائيل!