فى الوقت الذى يعكس فيه الصراع بين المعتصمين فى ميدان التحرير، وفى منطقة «المنصة» بمدينة نصر ، حالة الانقسام السياسى على مستوى النخب السياسية ، يراقب ملايين المصريين وهم فى حالة «صيام شرعى» عن الكلام.. كلا المعسكرين المتصارعين.. معسكر دعاة تمكين الإخوان وإقامة الدولة الدينية، والمعسكر الآخر الذى يدعو إلى دولة مدنية لا وجود فيها للأحزاب الدينية.. والأمر المثير للغضب حتى فى نهار رمضان ، أن كلا المعسكرين ورغم ادعائهما بالعمل لمصلحة مصر ، إلا أنهما مستمران فى حالة الصراع والانقسام دون رغبة حقيقية فى الاتفاق على كلمة سواء للخروج بمصر من حالة التخبط التى تعيشها على كل المستويات.«أكتوبر» رصدت هذه الحالة.. والتقت معتصمى «الميدان» ومعتصمى «المنصة».. لتكشف أسباب هذا الصراع المرير بين المعسكرين.. «لن نترك الميدان قبل أن تتحقق مطالبنا كاملة».. بهذه العبارة استقبلنا «معتصمو التحرير» فى الجولة الميدانية مع المعتصمين الذين أكدوا ل «أكتوبر» أن مطالبهم هى مطالب مشروعة كما يقول محمد عبدالغفار مدرس لغة انجليزية بسوهاج.. وأول هذه المطالب عودة مجلس الشعب لممارسة مهامه التشريعية.. والذى تم حله بقرار من المحكمة الدستورية العليا.. والمطلب الثانى إلغاء الإعلان الدستورى المكمل.. وأن يمارس الرئيس المنتخب «محمد مرسى» صلاحياته كاملة.. لأنهم يعتقدون أن الإعلان الدستورى المكمل يكبل صلاحيات الرئيس.. ويطالبون بعدم حل الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع الدستور الجديد.. ويطالبون كذلك بعودة الجيش لثكناته لممارسة مهامه الأساسية فى الدفاع عن الوطن. ويواصل محمد عبد الغفار حديثه بأن الدولة أنفقت حوالى 2 مليار جنيه على الانتخابات البرلمانية.. والبلد فى حاجة لكل قرش من هذه المبالغ الطائلة.. فلماذا تتم إعادة الانتخابات البرلمانية مرة أخرى وانفاق هذه المبالغ مرة أخرى!.. وهم يرون أن أحكام المحكمة الدستورية العليا «مسُيسة» ومتجاوزة لاختصاصها كما يدعون. ويوجه الشيخ حسين أبو عامر إمام وخطيب مسجد بسوهاج الشكر إلى المجلس العسكرى على ما قدموه من جهد فى حماية ثورة يناير والانحياز لها حتى تكللت بخلع الرئيس السابق.. وهذه ايجابيات تذكر للمجلس العسكرى.. لكن هناك سلبيات لابد من الإشارة إليها منها أن قانون انتخابات مجلس الشعب شابه العوار، فكان من المفترض وضع نظام انتخابى برلمانى سليم لأن النظام الانتخابى البرلمانى أوصلنا لما نحن فيه من تخبط. وعلى هذا الأساس يطالب الشيخ حسين أبو عامر المجلس العسكرى بتسليم السلطة كاملة للقيادة المنتخبة. كما يطالب بعودة الأجانب المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى لمثولهم أمام القضاء فإما أن يبرئهم أو يدينهم، دون الالتفاف لأى ضغوط خارجية. ويتساءل عن دماء المصريين التى سالت فى مواقع كثيرة مثل مسرح البالون وماسبيرو وشارع محمد محمود ومجلس الوزراء والعباسية.. ويسأل من الذى قتل هؤلاء الأبرياء؟.. ولماذا لم يتم القبض على الجناة لينالوا عقابهم العادل.. ويسترد أهالى الشهداء حقوقهم؟! وعلى كافة أجهزة البحث الجنائى والأمن القومى البحث عن الطرف الثالث المجهول المسئول عن إراقة دماء المصريين. وينهى الشيخ حسين أبو عامر حديثه أن مشروع ال 100 يوم الذى تقدم به الرئيس محمد مرسى لا تقع مسئولية تنفيذه على الرئيس وحده.. وإنما كل مصرى ومصرية مطالبون بإنجاح هذا المشروع.. ويجب أن يحاسب الجميع على تنفيذه. ويطالب سعد منتصر من أجا بمحافظة الدقهلية بأن يكون هناك توازن وتكامل بين السلطات فلا يجب أن تتغول السلطة القضائية على باقى السلطات.. ولابد أن يتمكن الرئيس محمد مرسى من ممارسة كافة صلاحياته الدستورية لأنه رئيس منتخب من الشعب المصرى.. وقد أعلن الرئيس أنه رئيس لكل المصريين.. وتخلى عن انتمائه الحزبى طيلة توليه منصب رئيس الجمهورية، ومد الرئيس يده لكل أفراد الشعب لقيادة سفينة البلاد إلى بر الأمان. ويواصل سعد منتصر حديثه إنه كمواطن ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين.. فإنه يرى الجماعة تحترم التعددية والتنوع، واختلاف الرؤى والتوجهات.. والتعدد هو ظاهرة إيجابية يجب الحفاظ عليها، لأنه لا يمكن لأى فصيل سياسى أن يعيش بمفرده.. وعلى كل أطياف الشعب المصرى أن يتفقوا على كلمة سواء.. حتى نستطيع عبور هذه المرحلة الفاصلة نحو تحقيق الأمن والرخاء لمصر. فى المعسكر الآخر.. دعا المعتصمون فى منطقة «المنصة» بمدينة نصر إلى تنفيذ جميع مطالبهم وأولها حل جماعة الإخوان المسلمين التى قالوا إنها بلا سند شرعى أو قانونى، وتمارس نشاطها فى الخفاء باعتبارها دولة داخل الدولة - على حد قولهم - . ويطالب المعتصمون بالتطبيق الكامل للإعلان الدستورى المكمل.. ومنع الإخوان من تولى أى حقائب وزارية فى الحكومة الجديدة.. ويطالبون بعدم المساس بالشرطة أو الجيش فهما مؤسستان وطنيتان تعملان على استقرار الأمن فى البلاد. فى البداية يقول محمد الجمال عضو مركز العدالة للتحكيم والاستشارات القانونية إنهم معتصمون فى المنصة ضد سيطرة فصيل بعينه على مقاليد الحكم فى البلاد.. ومن الضرورى ألا تكون البلاد لقمة سائغة لتيار معين.. فمصر أكبر من أى فصيل سياسى أو طائفة.. ومصر تسع الجميع.. وبالنسبة لعودة مجلس الشعب المنحل فقد أصدرت المحكمة الدستورية حكماً باتاً ببطلانه.. ولا يمكن للميت أن يعود للحياة مرة أخرى!. ونقول لهم إن الثورة قامت على أساس نهاية حكم الفرد.. وسيطرة الفرعون.. ونحن لا نريد أن يحكمنا فرعون جديد.. وحكم الفرعون يستند على أن تكون كافة السلطات فى يده.. أما الحكم الديمقراطى فيعنى وجود سلطات ثلاث تنفيذية وتشريعية وقضائية مستقلة عن بعضها.. وأن يكون هناك توازن وتكامل بين هذه السلطات. ويرى الجمال أن المعتصمين فى ميدان التحرير حالياً ينحرفون عن مبادئ ثورة يناير التى أنهت وإلى الأبد حكم الفرعون. ويطالب المهندس ماجد دياب بحل جميع الأحزاب التى تقوم على أساس دينى وفى مقدمتها حزب الحرية والعدالة وحزب النور السلفى.. ومصر دولة عريقة تجمع جميع أطياف الشعب المصرى.. ولابد أن تكون الدولة مدنية.. ومن الخطر أن توجد بمصر جماعات على أساس دينى أو عرقى. ويشيد المهندس ماجد دياب بدور الأزهر الشريف باعتباره المرجعية الإسلامية لمصر ولكافة الدول العربية والإسلامية.. وكذلك بدور الكنيسة المصرية الوطنية والأصيل فى تحقيق الوحدة الوطنية لأبناء الشعب المصرى، لأن الكنيسة المصرية تدعم دور الأزهر الشريف. أما الإعلان الدستورى المكمل فإن له أهمية قصوى فى هذه المرحلة.. حتى يتم إصدار دستور جديد يعبر عن كل توجهات طوائف الشعب المصرى. ويطالب المهندس ماجد دياب باستعادة حقوق شهداء الشرطة والجيش الذين لم يذكرهم أحد.. ولم يعترف أحد بتضحياتهم.. نحن نريد معرفة من قتل جنود وضباط الشرطة والجيش.. حتى ينال عقابه الرادع.. لأن هؤلاء الجنود والضباط هم أبناء الشعب المصرى ولهم منا كل الاحترام والتقدير، ويوجه المهندس ماجد دياب كلمة إلى الذين يمارسون ما وصفه بالبلطجة على أوسع نطاق تحت مسمى دينى أو سياسى.. فإننا نذكرهم بحديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده!». ويؤكد وليد يسرى وهو طالب ثانوى مشارك مع متظاهرى المنصة على هذه المطالب.. ويقول إنهم يؤيدون المجلس العسكرى ويحملونه المسئولية عن أمن البلاد وهذه مهمة وطنية وتاريخية يتحملها المجلس العسكرى دون غيره.. فهو المؤسسة الوطنية التى تحافظ على وحدة البلاد.. وترعى الشعب المصرى، وتصون حريته وكرامته، وقال إن الشعب المصرى كله بجميع آرائه شعب واحد على أرض مصرية واحدة.. ويجب على الجميع أن يحترم أحكام القضاء. واستقلاله التام.. وعدم التدخل فى شئون القضاء من السلطات الأخرى. ويضيف وليد أنهم جميعا ضد أن تكون الدولة ملكاً لأى فصيل سياسى لأن الدولة تمثل كل أطياف الشعب المصرى.. ولابد أن يكون رئيس الدولة مصريا خالصا لا ينتمى لأى فصيل سياسى. ونحن نعلم أن فصيل الإخوان المسلمين كانت لهم معارك سابقة مع الدولة سواء فى العهد الملكى أو العهد الجمهورى. وهم ضد قيام دولة الإخوان المزعومة ويطالبون الرئيس محمد مرسى بأن يكون رئيسا لكل المصريين بالفعل.. وليس ممثلاً لجماعة الإخوان .. ويدعون أن مصر تواجه خطراً يحيق بها إذا تم التمكين لبرنامج الإخوان المسلمين. فى النهاية يؤكد المعتصمون فى منطقة المنصة أنهم لا ينتمون لأى جهة سياسية أو حزبية.. كما أنهم جاءوا على غير أسس تنظيمية.. وأنهم تعرفوا على بعضهم البعض عندما تقابلوا فى هذا المكان، وأنهم متوافقون على قضية واحدة: وهى وحدة مصر ، وعدم تفريقها إلى شيع وأحزاب وطوائف.