لأن الموضة الآن هى الهجوم على الإسلاميين، فقد عادت السينما المصرية إلى عادتها القديمة، وأخرجت من الأدراج أكثر من سيناريو يحذر من توغلهم ويشمت فيهم، وكلها تعيد من جديد للذاكرة صورة الشخص المتدين العصبى الأهوج المتطرف مدعى الفضيلة المعادى للمدنية. والحقيقة أن هذا التوجه نحو تشويه صورة الاسلاميين فى الدراما، لم يبدأ مع أفلام عادل إمام، فمنذ ظهور تيارات الإسلام السياسى، عقب الثورة الخومينية فى إيران، اختفى التسامح تماماً فى علاقة السينما المصرية بالتدين، واختفت شخصيات مثالية طيبة ومعتدلة مثل «الشيخ حسن» الذى ظل يعطف على المجرم الخارج من السجن أو فريد شوقى فى فيلم «جعلونى مجرماً» وإن لم ينجح فى إنقاذه من اضطهاد المجتمع له، باعتباره «رد سوابق» أو خريج إصلاحية. وحلت مكان «الشيخ حسن» الطيب المتسامح شخصيات أخرى تتخذ من الدين ستارا للتواكل والإهمال فى العمل بحجة أداء الصلاة مثل الشخصية التى لعبها الممثل أحمد عقل، الموظف فى مجمع التحرير من خلال فيلم «الإرهابى»، أو ستارا للسرقة والابتزاز وارتكاب الفواحش مثل دور صاحب شركة توظيف الأموال، حسن مصطفى فى فيلم أحمد زكى وإيناس الدغيدى «إمرأة واحدة لا تكفى»، و شخصية الحاج «جلال الشرقاوى» فى فيلم «البدروم» للمخرج الراحل عاطف الطيب. ويأتى وحيد حامد على رأس كتاب السيناريو الذين دأبوا على محاولة دس السم فى العسل، وتشويه صورة المتدين من خلال نماذج شاذة وشائهة وأحداث ملفقة، وشخصيات وهمية. ولا يخلو فيلم أو مسلسل له منذ «العائلة» وحتى «عمارة يعقوبيان» من شخصية أوشخصيات متطرفة، دفعتها ظروفها الصعبة وصدامها مع المجتمع وفشلها فى التكيف إلى طريق التزمت والتشدد، وكأن كل من يؤدى فروض الدين، أو يذهب للصلاة فى المسجد بانتظام، هو بالضرورة متطرف أو إرهابى. ولا ينافس وحيد بعد لينين الرملى على تشويه صورة المتدين فى السينما، سوى المخرج خالد يوسف، وأفكاره فى هذا الجانب لا تختلف كثيراً عن أفكار وحيد حامد ولينين الرملى وبالطبع عن أستاذه يوسف شاهين فى النظرة للدين والتدين على الطريقة الإسلامية.. وسيظل الحال على ذلك الفهم المغلوط والتشويه المتعمد، حتى يفطن المتدينون الحقيقيون إلى خطورة سلاح السينما والإعلام بشكل عام فى تشكيل وعى الجماهير ونظرتهم للأمور، ويظهر مبدعون ملتزمون دينيا يقدمون لنا صورة حقيقية للمتدين المعتدل على الشاشة.. فهل من مستجيب؟!